السيمر / فيينا / الاثنين 07 . 11 . 2022
اسعد عبدالله عبدعلي
عندما أعود بالذاكرة لعام 1996 في أيام الحصار اللعين, حيث كنا نعمل مع العم أبو رياض في سوق بغداد الجديدة, أنا وحسن وحيدر وناجي, وكانت وسيلة التنقل لأغلب الناس هي باص المصلحة, ذات اللون الأحمر, التي تنقل الناس بأجور رمزية, كانت العون الكبير لنا ولفئة واسعة, وكانت خطوط مصلحة نقل الركاب تصل للأطراف, ولليوم أتذكر جيدا باص المصلحة ذات الرقم 117 تنقلنا من بغداد الجديدة الى منطقة المعامل, وهي تعمل بخطوط متناوبة ومن الصباح والى المساء, مما أعان الطلاب والموظفين والكسبة والعمال.
بعد زوال الطاغية صدام كانت الاحلام كبيرة وكثيرا بغد زاهر, بان تكون هناك خطوط نقل بتوقيتات ثابتة وبأجور رمزية, لتنقذ الناس من جحيم أجور النقل, التي تشكل عبئ كبير على الفئة محدودة الدخل, وبعضهم تمادى بالحلم فحلم بمترو انفاق يصل بنا الى كل مكان في العراق وبأجور رمزية.
لكن مع تقادم سنوات عهد الديمقراطية, تبخرت الأحلام وتحولت لكوابيس, فحتى حافلات نقل الركاب التي كانت متوفرة في عهد الطاغية, تم الغاء خطوطها والتي كانت تتجه للمناطق الفقيرة, كسياسة حكومية غريبة عجيبة في اهمال الفقراء والبسطاء, في عهد الحكم العراقي الظالم.
· منطقة اطراف بغداد والحاجة لخطوط مصلحة نقل الركاب
تعتبر المناطق من حي العبيدي, وحي الرئاسة, وحي الشهداء, وحي النصر, وحي العماري, وصولا لمنطقة المعامل, هي من الإحياء الشعبية الفقيرة وذات الكثافة السكانية كبيرة, وكان أهلها ينتظرون الفرج بزوال صدام وحكمه وان تنصفهم الحكومات الجديدة, لكن مع الأسف تبخرت الأحلام, ولم تحقق هذا الحكومات المتعاقبة شي مهم, بسبب الإهمال والفساد, فقط تهتم الطبقة الحاكمة بأصوات هذه الإحياء, فتكثر زياراتها في موسم الانتخابات للضحك على الناس, وبعدها يختفون الى الانتخابات اللاحقة.
فهذه الاحياء الفقيرة من أهم من يعاني سوء الخدمات, ومنها أجور النقل الأهلي المرتفع, لذا على الحكومة توفير حافلات نقل الركاب بأجور رمزية لهذه المناطق المعدومة, فهل من العدل توفير الخدمات للمناطق الأغنياء! وإهمال الخدمات عن المناطق المحتاجة, انه ظلم شديد.
· العمال يحتاجون خطوط نقل بأجور رمزية
من مناطق الإطراف ينطلق ألاف العمال يوميا نحو أعمالهم, وهم يتحصلون على أجور يومية محدودة, بالكاد تجعلهم مستمرين بالعيش, وكان في زمن الطغاة تواجد خطوط نقل “مصلحة نقل الركاب” من الباب الشرقي الى بغداد الجديدة, وخط أخر من بغداد الجديدة الى المعامل, أي يصبح ذهابهم وإيابهم بأجور رمزية تمكنهم بتوفير بعض أجور عملهم اليومي, لكن هذه الخطوط اختفت في زمن العهر السياسي, مع أننا كنا نطمح بتوفير خدمات اكبر, لكن حتى القليل الذي كان متوفر في عهد الطاغية تبخر أيضا في عهد الديمقراطية.
فاليوم الحاجة شديدة لتوفير خطي نقل, الاول يتجه من منطقة المعامل مرورا بالعماري وحي النصر والعبيدي والكمالية والاتجاه الى منطقة بغداد الجديدة, وخط اخر يتجه عبر القناة الى الباب الشرقي, وهكذا ستكون خير عون للفقراء والعمال والطلبة والموظفين.
· الغريب والعجيب في بغداد
من العجيب في هذا الزمن الأغبر أن تتجه الحكومات الى سياسة الطبقية, فتكون إمكانيات الدولة في خدمة الاغنياء, وتتجاهل بشكل فج حاجات الفقراء, فنجد أن خدمات مصلحة نقل الركاب متيسرة في مناطق الأغلبية المترفة وتغيب تماما عن مناطق الفقراء (مثل حي طارق حي النصر المعامل حي الرشاد الولداية,…الخ) انه منطق الظلم الذي يحكم به ساسة هذا الزمان, ومن دون أي خجل.
كنا ننتظر أن تشرق شمس العدل بزوال الطاغية صدام, فإذا بالساسة وطيلة 19 عام يكرسون الظلم والاهمال كطريقة للحكم.
عسى أن يأتي يوم ونتخلص من منهج الظلم والاهمال في الحكم, خصوصا الموجه نحو الفقراء ومحدودي الدخل.