السيمر / فيينا / الأربعاء 23 . 11 . 2022 —— تعاني بعض النساء في العراق من ضياع حقوقهن ومنها الميراث، في مجتمع ما زالت الموروثات القبلية تسيطر على غالبيته، إلى جانب المفاهيم الخاطئة البعيدة عن الشرع والقانون، وسط دعوات بضرورة إطلاق حملة توعوية لتثقيف الرجال بحقوق النساء.
وتقول المواطنة أم رسل من محافظة كربلاء “عندما توفي والدي تم بيع البيت وبدأ تقسيم الحصص بين إخوتي وأخواتي، لكن ما حصل هو أن اثنين من أخواتي لم يحصلن على حقوقهن من الميراث بعد رفض الأخوة إعطائهما حصصهن وأجبروهما على التنازل عن حقهن، وهو ما حدث فعلا”.
تنازل إجباري
وتضيف أم رسل خلال حديثها لوكالة شفق نيوز “ونتيجة لما جرى مع أخواتي شعرت بالخجل من المطالبة بنصيبي بالميراث رغم احتياجي للمال، لذلك تنازلت عن حقي جبرا، وكما في القول الشائع المأخوذ حياءً كالمأخوذ غصبا”.
ويشير ناشطون وباحثون في القضايا المتعلقة بالمرأة وحقوقها، إلى أن محاكم العراق تشهد سنويا شكاوى عدة تتعلق غالبيتها بحقوق الميراث، إذ يرى الأشقاء الذكور أنه لا نصيب للمرأة في ميراث الوالدين وهو حق للذكور فقط، وخصوصا إذا كانت متزوجة، على اعتبار أن ما تحصل عليه النساء سيذهب إلى “الغريب” أي الزوج. كما ترى بعض الأسر أنّ مطالبة المرأة بحقها من أموال أبيها أو أمها أمر “معيب” للأسرة ولسمعة الأولى.
التنازل “حياءً”
وتقول الباحثة الاجتماعية، شهلاء صبار، في حديثها لوكالة شفق نيوز، إن “أغلب النساء يحرمن من الميراث خلافا للاسلام والقانون، ويكون على نوعين إما بإجبار الأم من قبل أولادها الذكور بالتنازل عن التركة لهم بمعزل عن الإناث، أو تنازل الزوجة عن حصتها تجنبا للمشاكل أشقائها، وهذا شائع في مناطق القرى والأرياف، والكثير من البنات يتنازلن عن حصصهن إما خجلا وحياءً من عائلاتهن أو بإجبارهن على ذلك”.
وتدعو صبار إلى “إطلاق حملة توعوية لتثقيف الرجال بأن المرأة تحتاج للأموال مثلهم، لتتمكن من إعالة عائلتها، والنظر لها بعين الرحمة والإنسانية، كذلك نشر ثقافة كتابة الوصية وتقسيم الميراث خاصة لمن يعاني من أمراض خطيرة قد تودي بحياته، لتجنب المشاكل التي تحدث بعد وفاته وما يرافقها من ظلم على المرأة بالدرجة الأساس”.
نصيب المرأة من الإرث
يختلف نصيب المرأة من الإرث بناء على توصيفها (زوجة، أم، بنت، أخت)، ويشرح رجل الدين كاظم الأركوازي ذلك بالقول “مثلا الزوجة المتوفى زوجها ولديه أولاد، فهذه حصتها من الإرث ثُمن التركة، والربع في حال عدم وجودهم، وكذلك في حال تعدد الزوجات حيث يقسم المقداران السابقان بينهن، ولا ترث الزوجة من الأرض (بيت، بستان، عمارة) لا عينا ولا قيمة، أما اذا كانت المرأة أُماً، أي المتوفى ابنها، فتأخذ حينها السُدس، وتارة الثلث، وغير ذلك”.
ويضيف الأركوازي في حديث لوكالة شفق نيوز “ولو كان المتوفى الأب وكانت لديه بنت وحيدة فتأخذ كل التركة، ونصف حصة الشقيق في حال وجود أشقاء وشقيقات، وتختلف حصتها أيضا في حال كانت أختا وكان المتوفى أخوها”.
ويتابع “يحق للزوجة أن تتنازل عن حصتها من الإرث، بشرط عدم إكراهها أو إجبارها على ذلك، واذا رغبت بحصتها وتم منعها من إرثها أو إجبارها على التنازل فهذا لا يجوز شرعا، ويعتبر من يقوم بذلك غاصباً لحقها وسارقاً لحصتها”.
يذكر أن القانون أقر عقوبة الحبس أو الغرامة على مغتصب حق ميراث المرأة، بحسب الشكوى المقدمة.
فوارق القسّام الشرعي عن النظامي
يتميز القسّام الشرعي عن النظامي بمجموعة من الفوارق، يوضحها الخبير القانوني، علي التميمي، بالقول “من حيث جهة الاصدار، القسّام الشرعي يصدر من محكمة الأحوال الشخصية لمحل إقامة المتوفى، أما النظامي يصدر من محكمة البداءة التابعة لمحل إقامة المتوفى”.
ويضيف التميمي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز “من حيث القسمة، تكون في القسّام الشرعي للذكر مثل حظ الانثيين، أما في النظامي فتكون متساوية، وبالنسبة للزوجة، في القسّام الشرعي أما الربع أو الثمن حسب المسألة، أما في النظامي تكون أما الربع أو النصف حسب المسألة”.
ويتابع “تذكر عبارة تصح المسألة الإرثية بالنسبة للقسّام الشرعي، أما في النظامي تذكر فيه تصح المسألة الانتقالية”، وأخر الفوارق هي “القسّام النظامي يأخذ بمبدأ الحلول، أما الشرعي فإن الطبقة الأعلى تحجب الطبقة الأدنى”.
وحرص المشرع العراقي على سن قوانين تنظم عملية الإرث، الذي يمثل أحد فروع الفقه في الإسلام ويعنى بتوزيع الميراث بعد وفاة المورث بين الورثة المستحقين له، ليبطل بذلك ما كان يفعله بعض العرب في الجاهلية قبل الإسلام من توريث الرجال دون النساء، والكبار دون الصغار.
ويستند توزيع الميراث في الدول الإسلامية إلى نصوص القرآن الكريم، وقد ختمت الآيات التي تتحدث عن الميراث بقوله تعالى “تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم”، “ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مبين”، لذا يعد فقهاء المسلمين أن أي محاولة لتغيير نظام الميراث في الإسلام، هو تعدٍ على الشريعة ومعصية الله والرسول.
وبحسب رأي القانون والقضاء العراقي، فإن المستحقين للتركة هم الوارثون بالقرابة والزواج، والمقر له بالنسب، والموصى له بجميع المال، لافتا إلى أن نصوص قانون الأحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959 استمدت أحكامها من الشريعة الإسلامية.
وقد تم تعديل أحكام الميراث بموجب قانون التعديل الأول لقانون الأحوال الشخصية رقم 11 لسنة 1963 حيث أضيف الباب التاسع إلى القانون (أحكام الميراث) وبالمواد 86 و87 و88 و89 و90 و91 والتي نظمت أركان وشروط الميراث والحصص المتعلقة بالتركة والمستحقين للتركة والوارثين بالقرابة وكيفية توريثهم واستحقاق الزوج والزوجة والبنت أو البنات للإرث.