الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / “الصندوق الأسود” الذي هرب للموت.. هل تم اغتيال كمبش بعد اعتقاله؟

“الصندوق الأسود” الذي هرب للموت.. هل تم اغتيال كمبش بعد اعتقاله؟

السيمر / فيينا / الجمعة 21 . 04 . 2023 

يومان بين الهروب من السجن ولحظة اعتقاله، لم يكن بحسبان رئيس ديوان الوقف السني الاسبق سعد كمبش ان خروجه من قضبان الحبس سينهي حياته، حيث توفي كمبش المدان بملفات فساد بلغت قيمتها المليارات، خلال مطاردته، يوم امس الخميس، (20 نيسان 2023)، في احد احياء مدينة الموصل.

و هرب سعد كمبش ،ليلة يوم الثلاثاء الماضي، من مركز شرطة كرادة مريم في منطقة الصالحية وسط بغداد، قبل ان تعلن وزارة الداخلية، يوم الخميس، ان قوة خاصة من الوزارة ألقت القبض عليه كمبش في مدينة الموصل. وبعد دقائق من اعلان القاء القبض، اعلنت مصادر طبية عن ان كمبش فارق الحياة بعد وصوله احدى مستشفيات الموصل. وعلى الفور تم تشكيل لجنة مشتركة من وزارتي الداخلية والصحة للوقوف على اسباب الوفاة المفاجئة لكمبش.

تجلط و كدمات ظاهرية

واعلنت وزارة الصحة في بيان عن نتائج اولية بشأن وفاة كمبش، مشيرة الى ان “تقرير الطب العدلي الأوّلي يشير عادةً الى الفحص الظاهري للمشاهدات الأولية ومن ثمّ يتبعه تشريح لجوف وأعضاء الجسم وحسب السياقات الفنية المعمول بها”. وأضافت أن “التشريح السريري اوضح وجود إحتشاء (جلطة) قديم في عضلة القلب مع تصلّب في شرايين القلب، وتم أخذ قطعة نسيجية من القلب و إرسالها للفحص النسيجي للتحري عن وجود أي ذبحة صدرية او جلطة قلبية جديدة”. واوضحت أن “التشريح وجود توذّم (تجمع للسوائل) في الرئتين”، مشيرة الى أنه “تم إجراء التشريح العدلي للرأس ولم تظهر اي آثار لنزف في الدماغ او كسر في الجمجمة”. وتابعت ان “فيما يخص المشاهدات السطحية؛ السحجات السطحية الظاهرة ناتجة عن نقل الجثة وإجراءات الكادر الطبي والتمريضي في ردهة الطوارئ، حيث أنه يتم إجراء الإنعاش القلبي-الرئوي واجراء التنفس الصناعي والضغط على منطقة الصدر لأي حالة وصول لشخص متوفي حديثًا للمستشفى وضمن الفترة الزمنية المحددة حسب الدلائل الإرشادية المعتمدة في مثل هذه الحالات”. وبينت أنه “يستخلص التقرير الطبي العدلي الأولي وجود إحتشاء (جلطة) قلبية ووجود تصلّب في شرايين القلب مع توذّم في الرئتين وتم أخذ نماذج من أحشاء الجسم وأرسلت للتحليل النسيجي وتم أخذ نماذج أخرى من الجسم لإجراء فحص السموم في المختبرات المختصة في دائرة الطب العدلي في بغداد وحسب السياقات والضوابط المعمول بها”. اجراءات امنية اما فيما يخص الاجراءات الامنية على خلفية هروب المدان من السجن، فقد اصدر القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني توجيهات بغلق مركز شرطة كرادة مريم واقالة قائد الفرقة الخاصة المكلفة بحماية المنطقة الخضراء والذي اعتبره بعض المراقبين بأنه “قرار تعسفي”. وجرى خلال الاجتماع وفقاً للبيان متابعة مجمل التطورات الأمنية في البلاد، وناقش قضية هروب رئيس الوقف السني الأسبق المدان سعد كمبش، وعلى إثر هذا الحادث واستناداً للتقرير الخاصّ بتفاصيل عملية الهروب، قرّر القائد العام للقوات المسلحة، إقالة قائد الفرقة الخاصة الفريق حامد الزهيري؛ وذلك لضعف الإجراءات المتخذة في هذا الشأن. كما وجّه بمحاسبة جميع المقصرين ومعاقبتهم قانونياً، وإعادة تقييم أداء الأجهزة الأمنية. ووجّه السوداني بغلق مركز التوقيف في مركز شرطة كرادة مريم داخل المنطقة الخضراء، الذي شهد جريمة الهروب، ونقل المحكومين إلى سجون وزارة العدل، وإيداع كبار الفاسدين الموقوفين فيه في مراكز توقيف أخرى أسوةً مع المطلوبين الآخرين، وإلغاء أي خصوصية في التعامل معهم مثلما كان معتاداً، فالجريمة واحدة، لا يمكن أن تُجزّأ أو تُصنّف بحسب المنصب والنفوذ، بحسب نص البيان.

ورقة تم حرقها

ولم يتسبعد المحللون السياسيون وجود عملية اغتيال لكمبش بعد ان شكك مواطنون بهذه الوفاة التي جاءت بعد الاطاحة به على خلفية ملفات فساد كبيرة يمكن ان تطيح بجهات سياسية اخرى. ويقول الباحث السياسي مخلد حازم في حديثه لـ “المطلع”، ان “موضوع هروب ووفاة رئيس ديوان الوقف السني السابق سعد كمبش سياسي بحت”، مبينا ان “الغموض يكتنف هذه القضية ومن الضرورة ايضاح تفاصيل اكثر عن حالة الوفاة والاسباب”. واضاف حازم ان “مصادر تحدثت عن ان كمبش هدد بعض الجهات السياسية بكشف ملفات مخفية وهذه لا تخص القوى السنية فقط بل حتى الشيعية”. واشار الى ان “كمبش اعتبر ورقة تم كشفها ويجب حرقها والخلاص منها سواء من الجانب السني او الشيعي”، مضيفا ان “القوى السياسية في العراق توافقت فيما بينها على سرقة المال العام لذلك لا نرى الاطاحة بسياسي من الزعامات الكبيرة”. ولفت الى ان “الاشخاص الذين تتم الاطاحة بهم بملفات الفساد هم عادة من الخط السياسي الثاني او الثالث وهم استخدموا من القيادات الكبيرة”. وبشأن اقالة حامد الزهيري، يقول حازم، ان “الزهيري ومنذ تسنم محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة كان هناك حديثا حول اقالة الزهيري لكن لم تكن هناك فرصة واليوم وجدت الفرصة للاطاحة به”.

الصندوق الاسود

ويرى الخبير الامني علي العذاري، ان كمبش قد يكون بمثابة “الصندوق الاسود” الذي ارادت بعض الجهات التخلص منه بعد القاء القبض عليه، فيما شدد على ضرورة التحقيق مع العائلة التي كانت تأويه. واوضح العذاري في حديث لـ “المطلع”، ان “قضية هروب موقوف من السجن امر يحدث في اكثر السجون تحصينا لكن قضية هروب كمبش اخذت صدى واسع من الاعلام لكون الامر تدخل فيه جوانب سياسية”. ويضيف ان “كمبش لم يخرج من المنطقة الخضراء بامكانياته الذاتية بل هناك جهة ساعدته في ذلك من خلال توفير العجلة التي تمتلك الحصانة وممنوعة التفتيش”. واردف ان “كمبش تنقل بعد هروبه في اكثر من مكان داخل العاصمة بغداد ثم محافظات اخرى وصولا الى مدينة الموصل التي تم اعتقاله فيها”. ورجح انه “من المتوقع ان يكون سعد كمبش هو الصندوق الاسود الذي تحاول جهات خفية التخلص منه في سبيل عدم البوح بمعلومات جديدة حول ملفات فساد ممكن ان تتسبب بسقوط رؤوس سياسية كبيرة”. وشدد على “ضرورة التحقيق مع العائلة التي كانت تأوي كمبش في الموصل لمعرفة من التقى به ومن هي الجهات التي تواصلت معه وكيف وصل اليها”.

المصدر / المطلع

اترك تعليقاً