فيينا / الثلاثاء 23. 04 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
نفّذت إسرائيل الثلاثاء عمليات قصف مكثّف على قطاع غزة، مع دخول الحرب بينها وبين حركة حماس يومها الـ200 بلا أيّ بوادر تهدئة، على الرغم من الدعوات المتزايدة للتوصّل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن.
وتواصل العديد من العواصم الأجنبية والمنظمات الإنسانية الاعراب عن قلقها إزاء الاستعدادات الجارية لشنّ عملية عسكرية برية إسرائيلية على مدينة رفح الواقعة في جنوب القطاع الفلسطيني المحاصر.
وفي وقت يصرّ رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على تنفيذ هذا الهجوم، على الرغم من تكدّس مليون ونصف مليون فلسطيني في المدينة، أفادت تقارير إعلامية عن الاستعداد لإجلاء المدنيين إلى خان يونس في عملية تستغرق أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
كذلك، أكّد نتانياهو، الذي يواجه ضغوطا متزايدة للتوصّل إلى اتفاق يسمح بالإفراج عن الرهائن، أنّ عزمه “لم يتزعزع” لإعادتهم.
في المقابل، اعتبر أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس الثلاثاء، أنّ الجيش الإسرائيلي “عالق في رمال غزة بلا هدف ولا أفق ولا انتصار موهوم ولا تحرير لأسراه”، بعد مئتي يوم على بدء الحرب.
يأتي ذلك فيما أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنّ القصف الإسرائيلي تسبّب بمقتل 32 فلسطينياً خلال 24 ساعة حتى صباح الثلاثاء، ما رفع حصيلة قتلى الحرب إلى 34183، غالبيتهم من المدنيين.
وأظهرت لقطات لوكالة فرانس برس عمليات قصف في جباليا في الشمال، في حين أعلن الجيش أنه ضرب عدة مواقع لحماس في جنوب غزة.
ميدانياً أيضاً، قُتلت مدنيّتان من عائلة واحدة، إحداهما طفلة، في غارة إسرائيلية استهدفت الثلاثاء منزلاً في جنوب لبنان، وفق الدفاع المدني والإعلام الرسمي اللبناني.
وتأتي الواقعة بينما يستمر تبادل القصف بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي، وبعدما أعلن الحزب في بيان الثلاثاء شنّ هجوم بطائرات مسيرة على مقرين عسكريين في شمال اسرائيل “رداً” على مقتل أحد مقاتليه بضربة اسرائيلية في جنوب لبنان في وقتٍ سابق.
“معاناة” عيد الفصح
اندلعت الحرب في غزة بعد هجوم لحماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر أسفر عن مقتل 1170 شخصا، غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. وخُطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، ويعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
ورداً على ذلك، توعّدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس، وتشنّ عمليات قصف وهجوم بري واسع على قطاع غزة.
والإثنين، قدّم رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أهارون حاليفا استقالته بعد إقراره بإخفاقه في منع الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة الإسلامية.
على المستوى الدولي، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى الإفراج عن الرهائن في رسالة على “إكس” كتبت فيها “طوال مئتي يوم، العالم متوقّف بالنسبة إلى أسرهم… ونحن لن نتوقّف طالما لم يفرج عن الرهائن. ولن يكون للسلام فرصة إلّا عند عودة هؤلاء إلى ديارهم”.
من جهتها، أعلنت قطر التي تقود جهود وساطة مع مصر والولايات المتحدة لمحاولة التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة، أنّ المكتب السياسي لحركة حماس سيبقى قائماً في الدوحة طالما أنّ وجوده “مفيد وإيجابي” لجهود الوساطة، وذلك تعليقاً على تقارير بشأن احتمال نقله إلى دولة أخرى.
وأثارت تصريحات أدلى بها وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الأسبوع الماضي بشأن إجراء الدوحة “عملية تقييم شامل لدور” الوساطة الذي تقوم به تكهّنات بشأن تخلّي قطر عن دور الوسيط.
في هذه الأثناء، خيّمت مأساة الرهائن على احتفالات عيد الفصح اليهودي. ودعت عائلات إلى ترك كرسي فارغ حول مأدبة العيد التقليدية، في إشارة إلى الأمل برجوعهم.
وقالت داليت شتيفي في بيان لمنتدى أسر المختطفين والمفقودين “لا يمكنني تصوّر الاحتفال بعيد الفصح اليهودي، عيد الحرّية في غياب ابني”.
“على خط النار”
من أجل القضاء على حركة حماس، التي تصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أنّها منظمة إرهابية، يواصل نتانياهو التأكيد على شنّ هجوم مرتقب على مدينة رفح الحدودية مع مصر، والتي يقول إنّها تشكّل المعقل الرئيسي الأخير للحركة الإسلامية.
وفي إشارة إلى قرب تنفيذ هذا الهجوم، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مسؤولين مصريين أن إسرائيل تتحضّر لنقل المدنيين من رفح إلى خان يونس حيث تعتزم إقامة ملاجئ ومراكز لتوزيع المواد الغذائية.
ومن المفترض أن تستغرق عملية الإجلاء أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع وأن تنظّم بالتنسيق مع الولايات المتحدة ومصر وبلدان عربية أخرى مثل الإمارات، وفق المسؤولين المصريين.
وفي هذا الإطار، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أنه يدرس “سلسلة من الإجراءات التي يتوجب اتخاذها تحضيراً لعمليات في رفح، وعلى الخصوص إجلاء المدنيين”.
لكن الهجوم المخطَّط له يثير استهجان المجتمع الدولي، بدءاً بواشنطن التي تخشى وقوع حمام دم.
كما وجهت منظمة “أوكسفام” غير الحكومية بمعية 12 هيئة أخرى، في الثالث من نيسان/أبريل، نداء لوقف إطلاق النار مذكرة بأن أكثر من 1,3 مليون شخص، بينهم ما لا يقل عن 610 آلاف طفل مكدسون في رفح “على خط النار مباشرة”.
وتتخوّف منظمات إنسانية أخرى من أن يقطع الهجوم خطوط المواصلات التي تتيح إيصال المساعدات، وهو موضوع يثير خلافات بينها وبين الجيش الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب.
وقال المتحدث باسم مجلس اللاجئين النروجي غير الحكومي أحمد بيرم إنّ أي هجوم على المدينة “سيفصلنا عن الشريان الحيوي المتمثل في معبر رفح”.
“مناخ الإفلات من العقاب”
والثلاثاء، طالب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتحقيق دولي في المقابر الجماعية التي عثر عليها في مجمّع الشفاء ومجمّع ناصر بقطاع غزة، مشدّداً على ضرورة اتّخاذ إجراءات مستقلّة لمواجهة “مناخ الإفلات من العقاب”.
وكان الدفاع المدني في غزة كشف الإثنين أنّه انتشل خلال ثلاثة أيام حوالى مئتي جثّة لأشخاص قتلتهم القوّات الإسرائيلية وطمرت جثثهم في مقابر جماعية داخل مجمّع ناصر في خان يونس.
ونفى الجيش الإسرائيلي قيامه بدفن أيّ جثث، مشيراً إلى أنّه قام خلال عملياته في مستشفى الناصر بفحص الجثث “التي دفنها فلسطينيون” لتحديد ما إذا كان من بينهم رهائن.
إلى ذلك، حثّت النروج التي ترأس “مجموعة البلدان المانحة لفلسطين” الثلاثاء، جميع الدول على استئناف مساعداتها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وتأتي هذه الدعوة غداة نشر تقرير أعدّه خبراء بتكليف من الأمم المتحدة خلُص إلى أنّ الوكالة تفتقر إلى “الحياد” في قطاع غزة، ولكن أيضاً إلى أنّ إسرائيل لم تقدّم “دليلاً” على الصلات المفترضة لبعض العاملين فيها ب “منظمات إرهابية”.
غير أنّ المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي أعلن أنّ الولايات المتحدة تريد “رؤية تقدّم فعلي” داخل الأونروا قبل ان تقرّر استئناف تمويلها.
© 2024 AFP