السيمر / الأربعاء 07 . 12 . 2016 — لم تعد صورة بغداد تستذكر في أي مكان ان لم تكن مرفوقة بمناظر المسلحين والدماء والحروب المستمرة التي لم تترك جيلا الا ومرت عليه بتجربة عسكرية تدمر حاضره ومستقبله، فهكذا امست صورة بغداد لدى العالم، وهكذا لا زالت.
اليأس الذي أصاب وسائل الاعلام والمتابعين حول العالم من الاخبار المظلمة المستمرة من عاصمة العراق بغداد، والتي ارتبط اسمها بسبب ذات الاعلام باحلام الطفولة وبرائتها لدى معظم دول العالم المتمدن، بدور الثقافة القديمة البغدادية التي كان سفيرها سندباد وزملائه يعلمون أبناء تلك البلدان ومنذ نعومة اظافرهم عن جمال قباب بغداد وبياض جدران منازلها ودائرية كيانها حيث لا زوايا تفرق بين قسم واخر بين سكانها لتحتظنهم جميعا بذات المساواة، ليجد الاعلام في ماضي بغداد القريب، مهربا من حاضرها.
الآونة الأخيرة، شهدت انتشارا كبيرا بين وسائل الاعلام المرموقة، لصور العاصمة بغداد في القرن العشرين، قبل ان تسقط في اتون فوضى بدأت منذ عام 1980، وتخللها منذ ذلك الحين، الدمار، مع بداية الحرب الإيرانية تحت يد نظام صدام حسين، وما تبعها من أعوام طويلة جدا من السلطة الأحادية المدمرة والمستبدة، التي تركت البلاد وأهلها، وخصوصا بغداد، مدينة يصعب على من يقطن خارجها، ان يتصور كيف ال اليه زمانها، او حتى ان يظن بانها مدينة ما زالت حية او عاملة.
ما اتى بعد نظام الدكتاتورية، لم يحسن من الصورة بشيء، فتحولت النظرة المنسية لبغداد المخنوقة بيد غير أهلها، الى تلك المدينة المفجوعة دائما بدماء أبنائها وبناتها، حيث لا يمر يوم عليها دون ان تنعى جددا ينظمون الى قوافل قتلاها، حتى امست مدينة غير ما كانت عليه عظمتها يوما، فلم تعد في حاناتها موسيقى، ولا في دور عبادتها اديان، لتكون ظلا لما كانت عليه يوما، فتكدس حول سحر الف ليلة وليلة غبار شوهها، ودفع بمحبيها والمشتاقين الى طفولتهم ونشأتهم التي تخيلوا معظمها فرسان بين ازقتها، الى اعتناق ماضيها بالصور والفيديو، على المستوى العالمي، املا بتذكير الجميع، بان بغداد، ليست مدينة موت.. وليست بالطبع مقبرة.
فبغداد، قبل سنوات الحكم الدكتاتوري وبعده المذهبي والسياسي الطائفي، كانت مدينة سريعة التطور والعمران بشكل سريع جدا، فمؤخرا فقط، تم نشر مقطع فيديو صور من قبل شركة “باثي” البريطانية، تجولت في شوارع بغداد بين الأعوام 1950 و 1959، بالإضافة الى صور، تظهر جمال هذه المدينة، في تلك الحقبة التي يبدوا وان حتى سكان بغداد الحاليين، قد نسوا وجودها.
في النهاية، فان كل ما كان يوما يصور العراق وعاصمته بغداد كدولة نموذجية يحتذى بها، امسى الان ماضيا، قد لا يعود، اذا لم يتكاتف سكانه ليعيدوا جمال ما كانت عليه بلادهم يوما.
وان نيوز