السيمر / الأحد 08 . 01 . 2017 — الشعب اليهوديّ لن يعرف أبدًا ماذا فعل شيمعون بيريس من أجله”، بهذه الجملة يفتتح مؤلّف السيرة الذاتيّة للرئيس الإسرائيليّ السابق، مردخاي بار-زوهر، كتابه عن أحد أهّم الصهاينة في التاريخ، على حدّ تعبيره. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنّ بار-زوهر كانت تربطه علاقة وطيدةٍ جدًا ببيريس، وأنّ الأخير هو الذي طلب منه أنْ يكتب سيرته الذاتيّة، وقام بمُساعدته على إخراج الكتاب، الذي يقع في 800 صفحةً من الحجم المُتوسّط إلى حيّز التنفيذ، والذي جاء تحت عنوان: شيمعون بيريس-السيرة الذاتيّة الكاملة.
الكتاب، بطبيعة الحال، يكشف الكثير من الخبايا والخفايا، التي تُنشر لأوّل مرّةٍ. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، في الفصل الذي يتناول حرب لبنان الثانية عام 1982، يؤكّد على أنّ بيريس، رفض خطّة وزير الأمن آنذاك، أرئيل شارون، بالقضاء على أكبر عددٍ ممكنٍ من الفلسطينيين، ودفعهم للهرب إلى الأردن، لإقامة الدولة الفلسطينيّة هناك، الأمر الذي يُخفف من الضغوطات على إسرائيل من الضفّة الغربيّة وقاطع غزّة، اللتين احتلتهما في عدوان 1967.
وبحسب الكتاب، فإنّه في الأيّام الأولى من الحرب، قام بيريس مع أعضاء لجنة الخارجيّة والأمن التابعة للكنيست بزيارة الجنوب اللبنانيّ وأبلغ شارون بأنّ المنظمة الاشتراكيّة العالميّة أرسلته له برقيةً تحتّج فيها على حبس وليد جنبلاط منزليًا، شارون وعده بإلغاء الحبس المنزليّ، ولكنّ بيريس أصرّ على لقاء جنبلاط في بيته، وهذا ما كان. طائرة مروحيّة أقلته إلى جبال الشوف، وهناك دخل إلى قصر الزعيم الدرزي واجتمع إليه.
وبعد أنْ تصافحا، دخلا إلى البيت ودار الاجتماع بينهما. في بداية الاجتماع قال بيريس لجنبلاط بموافقة شارون، إنّه حرّ في التنقّل أينما شاء، وأنّ إسرائيل لن تُصادر الأسلحة التي يملكها وعناصره، بما في ذلك الدبابات. كما أكّد له أنّ إسرائيل ليست معنيّةً بالمرّة بالبقاء في لبنان، وأنّها ستفعل كلّ ما في وسعها لتقصير تواجدها في بلاد الأرز. بيريس أضاف: لبنان يجب أنْ يكون نقيًا من التواجد العسكريّ لجيوشً أجنبيّةٍ، وفي مقدّمتها الجيش السوريّ. وشدّدّ على أنّه من واجب إسرائيل طرد منظمة التحرير الفلسطينيّة من لبنان، لأنّها أقامت دولةً داخل دولة.
وشدّدّ بيريس أمام مُضيفه اللبنانيّ على أنّ إسرائيل ستعمل من أجل أنْ يكون لبنان بلدًا سياديًا، حرّا وبدون جيوشٍ تحتّله، وبالتالي على السوريين الانسحاب من لبنان
جنبلاط عبّر أمام الضيف الإسرائيليّ عن رفضه لخطّة تل أبيب القاضية بدعم الكتائب اللبنانيّة وتنصيب بشير الجميل رئيسًا. كما أكّد له أنّه ماضٍ على طريق والده المرحوم، كمال جنبلاط، في دعم سوريّة ومنظمة التحرير.
بيريس، الذي كان يوثّق، كتب في دفتر الملاحظات أنّ جنبلاط لا يعرف شيئًا عمّا يدور في أرض المعركة، وعن الخسائر التي ألحقها الجيش الإسرائيليّ بالجيش السوريّ. وردّ على جنبلاط قائلاً: سوريّة تلقّت منّا ضربةً موجعةً ومؤلمةً، وباتت غيرُ قادرةٍ للدفاع عن نفسها. وتابع: أنصحك بعدم التعويل على سوريّة، فبإمكاننا القضاء كليًّا على الجيش السوريّ خلال ساعات وليس أيّامًا.
ويقول المؤلّف أيضًا، استنادًا إلى الملاحظات التي دوّنها بيريس، إنّ الأخير قال لجنبلاط: العالم العربيّ مشلول، لم يقُم أحدٌ بتقديم المساعدة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، وحتى الضريبة الكلاميّة من الدول العربيّة كانت مقتضبةً جدًا وضعيفةً أكثر، على حدّ تعبيره.
وتطرّق بيريس لتصرفات ياسر عرفات وقال لجنبلاط: لو أنّ حافظ الأسد هو الذي كان يقود المعركة لما ردّ بقصف شمال إسرائيل، كما فعل عرفات، لأنّه لم يكُن صعبًا بالمرّة توقّع ردّ فعل الجيش الإسرائيليّ، وتابع: من المسموح أنْ يكون الإنسان غبيًا، ولكنّ الغباء ليس من شيم وصفات القائد، على حدّ وصفه لعرفات.
انتهى الاجتماع وغادر بيريس المكان. وفي المرّة القادمة التقى بجنبلاط في مؤتمر الاشتراكيّة الدوليّة، ولكنّ جنبلاط أدار له ظهره، لم يطرح عليه السلام، وكأنّه لا يعرفه، يقول المؤلّف.
وبحسب المؤلّف في الزيارة عينها اجتمع بيريس مع شارون ومع قائد هيئة الأركان العامّة، الجنرال رفائيل إيتان وناقشوا قضية مصير عرفات. بيريس أكّد لهما أنّه يؤيّد السماح لعرفات بالهرب من لبنان حيًّا، وأنّه يرفض اغتياله، لأنّ عملية من هذا القبيل ستُحوّل عرفات، على حدّ قول بيريس إلى شهيدٍ. كما أنّه أبلغهما أنّه يُعارض دخول الجيش الإسرائيليّ إلى غرب بيروت، كما أكّد المؤلّف بار-زوهر.
وكالات