الرئيسية / مقالات / شظايا وزارة الداخلية

شظايا وزارة الداخلية

السيمر / السبت 29 . 07 . 2017

عبد الجبار نوري

بالتأكيد أن وزارة الداخلية من الوزارات الأستراتيجية والسيادية المهمة لكون خضوع هيكلتها إلى المنهجية العلمية ذات الصبغة الموضوعية والمبنية على أسس مهنية وحرفية كما نراها في دول العالم المتقدم التي تعي وتدرك بأن الأنسان أثمن رأسمال حين يكون أختيارها بمقاسات ” الرجل المناسب في المكان المناسب ” تؤول حينها حقيبة وزارة الداخلية للشخص الذي كما يقال في الأمثال ( كدها وكدود ) حيث يتمتع بحس مخابراتي ، صاحب عقيدة عسكرية ، ومحاط بمستشارين قانونيين ، وملم بلائحة حقوق الأنسان ، وصاحب حضور في خلية الأزمة بشكلٍ دائم ومستمر ليل نهار لأستلام المعلومة الأستخباراتية وتحليلها للقيام بالضربة الأستباقية قبل حدوث الجريمة لنيل المبادرة ، وعند أستلامه الحقيبة الوزارية يقوم بالأشراف بنفسه في فلترة وتمشيط هيكلية وزارته من الطارئين والعابثين والتأكد من أنه قد وضع يدهُ على جهاز مخابراتي وطني الأنتماء والولاء ، وكل هذه السمات والمميزات يجب أن تتوفر في أحتيار هذا الرجل المهم لأنهُ يتعامل مع مصير المواطن مباشرة بأمنه وحقه في الحياة ، وضمان حرياته في حق التعبير والعمل والسكن ، ومستقبل أجيال الأمة وحفظ هيبة الدولة لذا يصفهُ الخبراء الأستراتيجيون ” بأنه رجل المهمات الصعبة والمجازف الحذر اليقظ كالجندي الذي يفكك عبوة ناسفة !؟ ” .
وللأسف الشديد أن جميع الوزراء الذين تعاقبوا على إدارة وزارة الداخلية العراقية بعد 2005 لم يك أي منهم يحمل حتى النزر القليل من هذه الضوابط الوطنية المهمة حيث كانت تدار ( بالوكالة ) وبعدها وزارات محاصصاتية حسب المقبولية التوافقية الصفقاتية ويكون ريموتهم عند كتلهم وأحزابهم يكون تحركهم كالروبوت في أتجاه نزوات ( فئوية ) ، وهو شيءٌ مرعب حقا أن تكون هذه الوزارة ساحة مزايدات وبازار بيع اللحم العراقي الحي ، وربما تولد وهي ميّتة ، أو مشوّهة مترهلة وضعيفة فاقدة الهيبة حيث الفساد الأداري والمالي والمنسوبية والمحسوبية تنخر مكوناتها ، ووقع العراق برمته تحت تأثير ( شظايا ) وزارة الداخلية المفروضة على الشعب العراقي الذي دفع ويدفع فواتير العنف والمعاناة ، والكارثة أن السلطة التنفيذية التي من ضمنها وزارة الداخية فهم على ما يبدو ” أنهم خارج الحدث ” غير مدركين ما يدور حولهم حيث الشعب ينزف دمأ وثروة وجنائزاً .

وهذه بعض شظايا وزارة الداخلية العراقية موديل 2017

الشظية الأولى/
ظاهر الخطف والأغتيالات وهي ( نكسة ) أمنية كما وصفها الدكتور أياد علاوي ، وفعلاً هي كارثة حين تستهدف أبناء هذا الوطن المبتلى من شريحة الكفاءات حين صعدتْ من عملياتها بأستهداف الأطباء ، أفتقدت وزارة الداخلية مشروعاً أستخباراتياً وأمنياً في تكثيف جهودها وتحمل مسؤولياتها من خلال خطط أمنية عاجلة تكشف ملابسات تلك الحوادث المؤلمة ، وأن وزارة الداخلية الظاهر لا يعنيها تفعيل قانون حماية الأطباء رقم 26 لعام 2013 في ردع المجرمين وتسهم بحماية ذوي “القمصان البيض” وتوفير بيئة أمنية تمكنهم من أداء مهامهم الأنسانية على الوجه الأمثل ، وهل تعلم أي الوزارة أن هناك أسباب ليست خفية وراء تلك الظلامية الأمنية تتعلق بضعف وترهل الوزارة وضعف القانون وسيادة الروح العشائرية وتكاثر تفريخ العصابات الأجرامية المنظمة : { إغتيال دكتورة الأسنان الطبيبة ” شذى فالح السامرائي ” في منزلها في حي الأسكان في بغداد قرب مشفى الطفل وسرقة مصوغاتها الذهبية ومبلغ مالي على يد مجهولين كالعادة ومرور هذه الجرائم المروعة مرور الغير كرام ويسجل ضد مجهول ، وبعدها بأيام أغتيال الطبيب ( سليم عبد حمزه ) داخل عيادته بحي المعامل شرقي بغداد ، يرغم أنهُ معروف بين أبناء المنطقة بدماثة خلقه وحسن سيرته وسلوكه ومساعدته للفقراء على مدار أربعين عاماً ، وتزامنت حادثة خطف الدكتور ( محمد على زاير ) رئيس قسم الجراحة بمشفى الشعلة من داخل عيادته في شارع فلسطين ولمدة أسبوع وأطلق سراحهُ مرميا على قارعة الطريق معصوب العينين فاقداً لكرامته كأنسان ، وتبع ذلك في 24/7 /2017 مقتل أعلامية عراقية مقدمة برنامج ( ياسر مان ) في شهر رمضان في فضائية السومرية (لقاء سعد ) الشهيرة ب( لوليتا) داخل شقتها ، وفي 20 تموز 2017 أغتيل ” علي الرفيعي ” أمام منزله في الكرادة قرب ساحة عقبه بن نافع على يد مجهولين بطريقة غامضة ، وهو مدير قسم التخطيط العام في محافظة بغداد ومدير قسم المشاريع في العاصمة بغداد ، ويعد علي الرفيعي من الأشخاص الكفوئين في المحافظة ، وظهور عصابة ( أبو موس ) ورئيسها المجرم ” أحمد أركان ياسين طارش ” الذي خطف الطفل ” سامي علي سامي ” من مواليد 2008 وذبحه وقام بخطف طفل ثاني تم أنقاذه بمعجزة وهو في الرمق الأخير، وفي 4 تموز 2017 قُتل الفنان المسرح العراقي ” كرار نوشي ” بطريقة وحشية بعد يومين من أختطافه وعلى يد مجهولين كذلك !؟ ، وحادثة مقتل رئيس نادي القوة الجوية مع زوجته واولاده في حادثٍ غامض جعلنا نضرب الأخماس بالأسداس في السبب ، تارة تطلع علينا أخبار بأنه قتل عائلته وانتحر وأخرى حصول الجريمة على يد مجهولين ، ونتساءل أين وزارتنا الداخلية ؟؟؟ لتبيان السبب لكي يبطل العجب!!!

الشظية الثانية / جرائم المخدرات المنتشرة بشكل لم يسبق لها مثيل بحيث أصبح ميناء البصرة من الموانيء الخطرة في العالم والمنفذ الأستراتيجي لتوريد وتصدير هذا السم القاتل للشعوب ، وتتبعها مدينة العمارة وقضاؤها ( المجر ) ، وألم تسمع وزارة الداخلية بمعارك العشائر بالأسلحة الخفيفة والثقيلة بأستخدام الهاونات والدبابة ولا تعجب حتى الطائرة المسيرة !!! بسبب أختلافات على تهريب النفط العراقي وعلى العشيرة التي تفوز ببطولة تجارة المخدرات والأدوية الفاسدة أليست هي معركة نهر جاسم !؟ —- وهناك شظايا كثيرة وكثيرة لا يسع المجال لذكرها .

وأخيراً / أن الأهداف الحقيقية وراء هذا الأنفلات الأمني هو : أثارة الخوف والذعر بين المواطنين والأطباء على السواء ، وأحداث فوضى عارمة داخل العاصمة بغداد ، وأثارة الرأي العام ضد الحكومة وتعميق الهوة السحيقة بينهما ، وبصراحة لقد عكست الحكومة وبالذات وزارتها الداخلية الموقرة عجزها الواضح أزاء ما يحدث على أرض الواقع ، وصدرت بعض التطمينات والتحذيرات (الخجولة ) من هيئة المفوضية العليا لحقوق الأنسان وعن أعلام الحكومة التي لم تصمد ولا لحظة واحدة أمام تلك الجرائم المرعبة في هز كيان المجتمع العراقي ، لقد مللنا تلك التصريحات والوعود الديماغوجية والتي قد توظّفها الحكومة بأتجاه الأنتخابات المقبلة بل نحتاج إلى تحركات فورية وعلى أعلى المستويات لكبح جماح تلك العصابات السائبة قبل شروعها بجرائم جديدة ، وبالتالي هي لتفريغ البلد من كفاءاته وأطباءه وضرب أمنه الصحي والوطني ، ويظهر أن أجندات مشبوهة ومافيات منظمة وراء الخطف والقتل السريع وبدون طلب فدية كما تعوّد عليه العراقي المسكين والمبتلى على مدى 14 سنة عجاف وآلات القتل بالسكاكين التي تجعلنا التصديق بأحدى الأحتمالات التي يمكن الأخذ بها هي ما حصل من هذه الجرائم هو تسلل ما يسميهم داعش ب(أشبال الخلافة )داخل العاصمة وتنفيذ جرائمهم بالسكاكين والأسلحة الخفيفة ، فالمفروض هنا تفعيل الجهد الأستخباري لتفكيك هذه العصابات وعدم أنتظار عفريت الفانوس السحري لأنقاذ معالي وزير الداخلية من محنته في ترك الكرسي !؟ —-

تموز 2017

اترك تعليقاً