السيمر / الأربعاء 20 . 09 . 2017 — نساء خلف عجلات القيادة، سكان يشربون الكحول ويلعبون البيسبول كهواية عادية، الأمر هنا لا يبدو وكأنه يحدث في المملكة العربية السعودية كما هي متصورة في خيال العالم.
لكن مجمع أرامكو، وهو مجمع سكني “كومباوند” مسور بالقرب من أكبر احتياطي للنفط في العالم في المنطقة الشرقية بالسعودية، ليست مدينة سعودية عادية. في الواقع، إنها نسخة طبق الأصل من كاليفورنيا، في طريقة الحياة، حسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية.
وتقول الشبكة الأمريكية إنه بينما يجب على المواطنين السعوديين الالتزام بالقواعد التي تحظر الكحول والمزج بين الجنسين في الأماكن العامة ودور السينما والمهرجانات، عدا العيدين، فإن الحياة داخل مجمع أرامكو — والمعروف باسم مخيم الظهران — هي أميركية بالكامل.
يعيش موظفو شركة أرامكو السعودية (أكبر شركة بترول في العالم، والمعروفة رسمياً باسم شركة النفط العربية السعودية) وأسرهم، في مكان يعرض فيه المسرح والسينما أحدث أفلام هوليوود، وفيه تزين أضواء عيد الميلاد الأحياء في ديسمبر/ كانون الأول من كل عام.
وعلى الرغم من أنه الأكثر شهرة بين “الكومباوندات” السعودية للمقيمين العاملين في صناعة النفط، فإن مخيم الظهران الذي يبلغ طوله 58 كيلومترا لا يزال يشكل لغزاً حتى بالنسبة للمقيمين في البلاد.
وتقول “سي إن إن” بأنه على الرغم من ذلك فقد أصبح الحصول على نظرة فاحصة للحياة في “القاعدة السرية” ممكناً بفضل عمل المصورة الأمريكية الباكستانية عائشة مالك.
ولدت مالك في الظهران في عام 1989، وترعرعت في المخيم حيث عمل والدها. وانتقلت إلى مدينة نيويورك في عام 2007.
وفي وقت سابق من هذا العام، نشرت مالك كتابا بعنوان “أرامكو: فوق حقول النفط”، يوثق حياتها اليومية في المجمع السكني، ويعرض صوراً التقطتها أثناء حياتها هناك.
وتقول في مقدمة الكتاب: “لقد ولدت على بعد نصف ميل من موقع أهم الاكتشافات النفطية في هذا العالم”. “هذه المدينة الأميركية التي أعيد بناؤها في المملكة العربية السعودية قد عرفت من خلال الألوان المتربة، والناس البسيطة بشكل استثنائي، والمناظر الطبيعية المميزة”.
وتضيف مالك التي تتنقل الآن بين السعودية والولايات المتحدة: “يبدو الأمر عاديا، ومع ذلك، فإن مجموعة الظروف الواضحة جدا لهذا المكان تجعلها مختلفة عن أي ظروف أخرى، وكذاكرة، فإنها غالبا ما تشعرني بالسريالية، وكأنني تخيلت كل شيء”.
وقد نشأت مالك في المجمع، وارتبطت ارتباطاً وثيقا بالمملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من الاختلاف الكبير بين الحياة داخل الجدران وخارجها، فإنها ترفض رؤية بقية البلاد من منظور مبسط.
وتقول هناك اختلافات واضحة: لا تحتاج إلى ارتداء العباءة، ويمكن للمرأة أن تقود السيارة، مقارنة الحياة داخل وخارج الظهران. ولكنها تضيف، قائلة: “ما زلت أجد صعوبة عندما يغلق الناس المقارنة مع بقية المملكة العربية السعودية على تلك الأشياء فقط، لأن النساء في المملكة العربية السعودية أكبر بكثير من “قطعة قماش” أو قيادة سيارة. وبالإضافة إلى ذلك فإن السعودية بلد شاسع، لذا سيكون من الصعب أن أقول كيف أن هذا المجتمع أو مجمعات أرامكو الأخرى تختلف عن كل ذلك”.
وقبل تسميتها “شركة النفط العربية السعودية”، كانت شركة أرامكو السعودية تعرف باسم “شركة النفط العربية الأمريكية”.
تأسست في عام 1933، بعد عام واحد من توحيد المملكة العربية السعودية، وكان ذلك نتيجة للتعاون بين المملكة العربية السعودية و”كاليفورنيا ستاندرد أويل”.
وأصبحت الشركة أكثر بكثير من عملاق النفط بسرعة. وهي تمثل الحلم السعودي لتأمين مستقبل أفضل للبلاد، فضلا عن أحلام الأميركيين الذين هاجروا هناك، الفارين من الكساد العظيم من أجل حياة أفضل لأسرهم.
وبنيت للأجانب في ذلك الوقت، في البلد الذي كان يفتقر تقريباً إلى أي بنى تحتية، هذا المخيم الذي يشبه بلدة أمريكية، مع المدارس الخاصة بها، والملاعب الرياضية، والمرافق الأخرى. ومؤخراً بدأت جنسيات أخرى في الوصول إلى المكان.
وتقول عائشة: “نحن جميعا نعرف أن والدينا عملا لهذه الشركة نفسها وأعتقد أن هذا وحده خلق الشعور المشترك بيننا”. “الظهران هي صورة مصغرة لأمريكا حيث تتقاسم الشوارع بين الجنسيات والأديان والثقافات…فهي ليست في صراع”.
وبما أن مخيم الظهران مخصص للعاملين فقط، فعند التقاعد، يطلب من السكان الخروج من المجمع وترك سنوات من الذكريات وراءهم.
حنين مالك لحياتها هناك واضح في الكتاب، والذي يتضمن لقطات من الماضي مثل دليل الهاتف المركب القديم، وصور من حفلة المدرسة، وصور للكشافة في المخيم، ومقتطفات مجلة.
وتقول: “تم تجديد بعض الحانات القديمة والمباني، مثل مسرح السينما، منذ بضع سنوات، ولكن أعتقد أن تلك الأمور لا مفر منها في مرحلة ما”. وبعد أن قالت ذلك، تعترف مالك أيضا بأن الوقت ربما تحرك ببطء شديد في المجمع.
وتقول: “في نهاية الأمر هذا المكان أكبر في المعاني والمناقشات الممكنة مما يمكنني التعبير عنه في كثير من الأحيان”.
سبوتنيك