السيمر / الأربعاء 01 . 11 . 2017
علي الحسيني
قضبان معدنية مثبتة بجدران محكمة البناء يتحكم بها حراس متمرسون، بعضها جزر وسط المحيط وأخرى انفاق في باطن الأرض أو في الجبال وربما كانت زنازين منفردة، شديدة العزلة، قليلة التهوية، كثيرة الأمراض والاوبئة العضوية والنفسية.
يتبادر للذهن سجن الصخرة الشهير الذي تم انتاج افلام كثيرة حوله فهو الأشد قسوة و عزلة على مر الازمنة، ولكن مع كل ذلك فر بعض السجناء منه، ربما يوجد اشد منه فتكا.
الاشد فتكا مكانه نسبي وقيوده فوق مستوى الإدراك وسجنائه ﻻ يحدهم مكان وﻻ زمان، احرار في زنزانة مقاسها اشبار معدودة، الحركة فيه دائرية، التفافية، مجهدة وشاقة، لكن السجين فيها ﻻ يتقدم حتى خطوة واحدة، كلما طالت المدة ساءت حالة السجين وازدادت عزلته واشتد خطره.
هذا السجن على نوعان احدهما اشد من الآخر وربما يجتمعان ليحكما قضبانهما على شخص واحد، فيكون حبيس سجنين وسجانين مختلفين شخصا، متفقان فعلا.
آثار هذا السجن مدمرة كقنبلة هايدروجينية ﻻ تبقي وﻻ تذر، تحطم، تفتت وتمحو من الوجود الأخضر واليابس وحتى الصخر.
وما حدث ويحدث مؤخراً يدل بوضوح على ماهية ذلك السجن انه السجن الفكري.!
يسجن البعض فيه نتيجة افكار ضالة هدامة لمفكرين ظﻻميين سوداويين تستهدف أفكارهم عقول فئة من الناس فيصبحون سجناء لذلك الفكر الظﻻمي شيئاً فشيئاً حتى يتجردوا من إنسانيتهم و يتحولون الى أدوات تنفيذ لذلك الفكر المظل واسوء تلك السجون الفكرية هي التي تكون ممولة وتستهدف فئة معينة من المجتمع. ومن اهم شواهدها الفكر الارهابي الظﻻمي الذي جند القاعدة ثم داعش ويستمر ان وجد عقول كمناخ خصب وعش جاهز لوضع بيوضه فيها وجعلها سجن لحبس الافراد للعمل بخدمته. ومنها أفكار حكومات وسياسات تغزوا عقول شعب باكمله ليصبح أسيرا لذلك الفكر الحالم والرافض للواقع كما يحدث مع المتبعين لسياسة مسعود وأفكاره المشوهة، يسجن فيها جزء كبير من أبناء الشعب العراقي من الاكراد في شمال العراق حتى يتجردوا من إنسانيتهم في تعاملهم مع إخوانهم، ثم يفقدون أنفسهم و طبيعتهم البشرية بينما يتلذذ هو وعائلته بما يجري وما الى ذلك من تكدس اموال لديهم و غيرها من رغبات و افكار صهيوبرزانية، بينما أصحاب العقول الحره ما ان ألتقت قواهم العسكرية حتى تصافحوا و لم ياسرهم ذلك الانحراف الفكري.
اما النوع الآخر من السجون الأكثر فتكا هو الفكر الشخصي للفرد نفسه عندما يبتعد عن الوسطية والاعتدال ويميل الى التطرف والتعنصر، و ﻻ يختلف مآله كثيراً عن النوع الأول ﻻنه ينفرد بصاحبه للانطوائية والعدائية والجريمة الممنهجة او العشوائية.
تشخيص الأسباب يجب ان يتبعه وضع حلول للنتائج و أهم طرق الخلاص من تلك السجون الأكثر فتكا بالإنسانية قبل السقوط فيها هو الاطﻻع والتطلع ومواكبة الحياة المتسارعة والإشتراك بالانشطة الحياتية المطورة للذات، و الاندماج الاجتماعي مع فئة إجتماعية تضيف للفرد دائما الإيجابية التي يقصدها أو التي يحتاجها دونما قصد لأنه ربما يجهلها لكنه يسير بخطى ثابتة نحو الأفضل.
الإنسان سمي إنسان ﻻنه يأنس باخيه الإنسان، والأنطواء اولى أعراض الانجراف نحو اشد السجون فتكا بالإنسانية، الخﻻص والتحرر من الفكر الظﻻمي ليس صعبا عندما يتحرر العقل من قيود الفكر الاسود والتفكير السلبي، وﻻ ننسى ان الفرار ليس مستحيلا حتى من الصخرة.