السيمر / الجمعة 10 . 11 . 2017 — يبدو أن بندقية حيدر العبادي ستوجّه، بعد استكمال قواته تطهير الجيوب الأخيرة لتنظيم «داعش» غربي البلاد، إلى «جيوب الفساد» المتجذّرة في بنية الدولة العراقية، مؤسسات وأشخاصاً، وسط تأكيد مقرّبين منه أن هذه الحملة «لا علاقة لها بالانتخابات النيابية المقبلة» في نيسان 2018 .
أكّد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في بيانه لمناسبة «أربعينية الإمام الحسين»، أن «العراق سينتصر على الفساد كما انتصر على الإرهاب»، مجدّداً دعوته القوات الأمنية إلى «الاستمرار في حماية الزائرين في المدن كافة، وبذل أقصى جهدٍ لتأمين عودتهم وتوفير وسائل النقل الكافية لهم».
مواقف رئيس الحكومة تأتي في سياق تنفيذه بعضاً من وعود «بيانه الوزاري»؛ فمكافحة الفساد تأتي في سلّم أولويات المواطن العراقي، الذي يدفع ثمن ذلك «السرطان المستشري» في الدوائر الحكومية المختلفة «دون أي استثناء»، بتعبير مصادر حكومية، التي تنفي في حديثها إلى «الأخبار» أن يكون الشعار المرفوع هدفه «الدعاية الانتخابية»، ذلك أن الدعوة أتت مع اقتراب القوات الأمنية من القضاء على «داعش» في العراق، وتحديداً في جيبه الأخير في صحراء الأنبار الغربية.
ويفسّر البعض أن «مكافحة الفساد» ستطال «خصوم» العبادي، فيما «سيعمد الرجل إلى غضّ الطرف عن بعض الحلفاء المحتملين»، في إشارةٍ من هؤلاء إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي باعتباره «خصماً»، وسط توقّعات بأن يكون رئيس «تيّار الحكمة» عمار الحكيم، وزعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، أكثر «الخيارات» انسجاماً مع طروحات العبادي المقبلة.
ولا ينتهي حديث بعض مقرّبي العبادي، عن محاولة «اجتثاث» أنصار المالكي، العاملين في الدوائر الحكومية، الذين تحوم حولهم “شبهات فسادٍ”، خاصّةً أن سريان مثل هذه «الشائعة» سيسهم في «رفع أسهم العبادي»، خصوصاً لدى الأوساط الشعبية الناقمة على رئيس الوزراء السابق، وفق هؤلاء، الذين يؤكّدون في حديثهم إلى «الأخبار» أن «الحرب على الفساد» ستطال أيضاً عدداً من قيادات «الحشد الشعبي»، المؤيدين لطهران، الذين شكّلوا «عوائق» أمام العبادي في تحقيق بعض رؤاه إبّان العمليات العسكرية على «داعش»، ليندرج ذلك في إطار «تصفية الحسابات»، ولكن من باب «مكافحة الفساد». ويتمسّك العبادي ببعض تصرّفات فصائل «الحشد»، والتي توصف بأنها «انتهاكٌ للقانون»، كغطاءٍ لمواجهته المرتقبة، إذ يؤمن فريقه بأن تعبيد الطريق أمام «الولاية الثانية» لن يكون إلا من خلال «تجريد الفصائل من سلاحها»، في إشارةٍ منه إلى الفصائل التي رفضت الاندماج الكلّي في «الحشد»، والتي تدور في الفلك الإيراني. بدورها، ترفض قيادة «الحشد» التعليق على «الاتهامات المتداولة»، أو «الانجرار إلى اشتباك سياسي لم يحن وقته بعد»، خاصّةً أن «الحشد» وقيادته جزءٌ من المنظومة الأمنية التابعة لرئاسة الحكومة، وعليه «ما من داعٍ للدخول في أيّ سجال يُساء فهمه، قبل أن تنتهي قواتنا من إتمام كامل عملياتها ضد تنظيم داعش».
أما على خطّ بغداد ــ أربيل، فلا تزال الثقة مفقودة بين الطرفين، بالرغم من الدعوات المختلفة إلى بدء «جولات» الحوار، لحل المشكلات العالقة. وفي خطوةٍ بدت لافتةً أمس، تلقّى الصدر اتصالاً هاتفياً من نائب رئيس حكومة «الإقليم» قوباد طالباني، الذي دعاه إلى «التدخل للتوسط لإجراء حوار بين الإخوة في الإقليم، وبين الحكومة الاتحادية والعودة إلى الالتزام بالدستور». وأضاف بيان الصدر أن الأخير أكّد أن «إجراء الاستفتاء لم يكن دستورياً من الأصل؛ فكيف يمكن التمسك بالدستور مع عدم إلغاء الاستفتاء؟»، مضيفاً أن الطرفين تطرقا إلى «موضوع الموازنة الاتحادية… إذ لفت الصدر إلى أن الدولة تمر بظرفٍ اقتصادي صعب، وأن الشعب العراقي في الجنوب والوسط لا يختلف حالاً عن الإقليم من هذه الناحية، إن لم يكن حالهم أصعب». وقال: «نؤكّد على عدم زج الشعب وحياة المواطنين واستقرار معيشتهم في الصراعات السياسية».
وعلى الصعيد نفسه، أبدى مستشار «مجلس أمن الإقليم»، مسرور البرزاني، استعداد أربيل لـ«حوار شامل» بين أربيل وبغداد وفق الدستور العراقي، الأمر الذي شجّع عليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، معرباً عن دعم بلاده لـ«الحقوق الكردية ضمن إطار الدستور العراقي»، وذلك في رسالة دعم لحكومة أربيل.
الأخبار اللبنانية