تحليل سياسي: متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / السبت 14 . 11 . 2015 — كثيرة هي الشُكوك في أنّ الإرهابيّين الذين نفّذوا الهجمات الانتحاريّة الإرهابيّة في محلّة «عين السكّة» في برج البراجنة، لم يدخلوا المنطقة بواسطة سيّارة أنزلتهم هناك، إنّما سَيراً على الأقدام وربّما استقلّ أحدهم درّاجة ناريّة صغيرة. وهذه ليست المرّة الأولى التي يُشتبه فيها بضُلوع «خلايا إرهابيّة» تنشط داخل المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان، في ضرب الأمن اللبناني وفي تعريض السلم الأهلي للخطر، على الرغم من الرفض الفلسطيني الواسع لهذه الظاهرة، ومن النفي لتورّط فلسطينيّين في العمليّات الإرهابيّة. فما الذي يحصل وما الهدف منه؟
بحسب مصادر مُطلعة إنّ حال الهدوء الأمني الذي كان يسود في الداخل اللبناني، وتحديداً في الضاحية الجنوبيّة، منذ نحو عام كامل، أدّى إلى نوع من التراخي على مُستوى الحواجز الأمنيّة المحيطة بالضاحية، الأمر الذي دفع «الخلايا الإرهابيّة» إلى استغلال هذه «الثغرة» لتنفيذ ضربة دمويّة متعدّدة الرؤوس، بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من الشهداء والضحايا دفعة واحدة. وأضافت أنّ الأخطر من حجم المجزرة التي نُفّذت يتمثّل في محاولة الإيقاع بين اللبنانيّين من جهة والفلسطينيّين والسوريّين من جهة أخرى، عبر اختيار خبيث لمكان إنطلاق المجموعة الإرهابيّة وعبر تشييع خبيث لجنسيّة المُنفّذين في بيان تبنّي العمليّة. وأوضحت أنّ المطلوب هو استغلال الغضب الشعبي العارم بفعل الانفجارات، والعواطف الجيّاشة، لجرّ بعض الأهالي إلى ردّ فعل ضُدّ اللاجئين السوريّين وضُدّ أبناء المخيّمات الفلسطينيّة، على أمل أن تزداد وتيرة هذه الأفعال وردود الأفعال تدريجاً، وأن تكبر ككرة ثلج مع الوقت، لتتحوّل إلى مُواجهة مُسلّحة دائمة.
ولفتت المصادر المُطلعة نفسها إلى أنّ التحقيقات مع أفراد بعض «الخلايا الإرهابيّة» التي جرى كشفها في الأسابيع والأشهر القليلة الماضية، كشفت وُجود سعي حثيث من قبل الجماعات التكفيريّة ليس فقط لإيجاد مواطئ قدم لها داخل المخيّمات الفلسطينيّة، وإنّما لإيجاد أرضيّة حركة آمنة وواسعة، تنطلق منها إلى خارج المخيّمات لتنفيذ عمليّاتها. وأضافت المصادر أنّ المُشكلة تكمن في ازدياد مؤيّدي هذه الجماعات المُتشدّدة دينيّاً ومذهبيّاً داخل المخيّمات، بفعل التغيّر الديموغرافي الناجم من توجّه العديد من اللاجئين من داخل سوريا ومخيّماتها إلى داخل المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان، وبسبب تلقّي هذه الجماعات دعماً مالياً كبيراً من جهات إقليميّة مُختلفة، الأمر الذي مكّنها من تجنيد الكثير من الشُبّان المُغرّر بهم، خاصة وأنّها تعمد إلى عمليّات «غسل دماغ» مُبرمجة، بخلفيّات دينيّة ومذهبيّة وسياسيّة، تُسهّل عليها التعبئة.
وأضافت المصادر المُطلعة نفسها أنّ الأخطر من كل ما سبق يتمثّل في أنّ هذه «الخلايا الإرهابيّة» تنشط بحريّة داخل المخيّمات الفلسطينيّة من دون أن تتمكّن القوى الأمنيّة من توقيفها، بسبب الوضع الخاص والمعروف من قبل الجميع لهذه المخيّمات. وأوضحت أنّه كلّما فتحت السلطات اللبنانيّة وكذلك القوى الحزبيّة في محيط المخيّمات هذا الموضوع مع السلطات الأمنيّة الفلسطينيّة المعنيّة، يتكرّر إعلان الاستعداد الدائم للتعاون، لكن مع إبداء العجز عن التنفيذ، تارة بسبب نموّ قُدرات الجماعات المُسلّحة المشبوهة بشكل كبير، وطوراً بحكم عدم إمكان ملاحقة الكثير من المشبوهين فقط لكونهم يحملون الصبغة الإسلاميّة المُتشدّدة!
وتابعت المصادر المُطلعة كلامها أنّ هذا الواقع بات يُشكّل مُعضلة أمنيّة خطرة يقف الجميع عاجزاً أمامها، فترك الأمور مُتفلّتة داخل المخيّمات المحميّة ذاتياً، يعني تلقائياً السماح لكثير من «الخلايا الإرهابيّة» بالعمل بحريّة قبل تنفيذ ضرباتها خارج المخيّمات، والقيام بتشديد إجراءات الحواجز المحيطة بهذه الأخيرة يعني أيضاً التسبّب بمزيد من الصُعوبات للأهالي وللجهات غير المعنيّة إطلاقاً بهذه الجماعات الإرهابيّة وبأفعالها. وختمت المصادر كلامها أنّه إذا كان صحيحاً أنّه من غير المُمكن حالياً تنفيذ خُطط بعض الجماعات الإرهابيّة القاضية بربط المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان بعضها ببعض، بسبب البُعد الجغرافي في ما بينها أوّلاً، ولأن الأمر ليس نُزهة ثانياً، فالأصحّ أنّ استمرار عجز السلطات الأمنيّة الفلسطينيّة عن ضبط مُخيّماتها صار يُشكّل خطراً مُتزايداً على لبنان واللبنانيّين، وخطراً كبيراً على أمن المخيّمات نفسها يستوجب المُعالجة الجذريّة اليوم قبل الغد.