بحوث ودراسات / السبت 14 . 11 . 2015
عبد الجبار نوري
الجينوسايد هي مرحلة متقدمة في الأبادة البشرية بشكلٍ جماعي ، وبغلو مفرط ، مدفوع بهايكو الحقد والكراهية ، ومؤطرٌ بميكافيلية في تطبيق سياسة الأرض المحروقة في تدمير وأبادة الجنس البشري وما يشير إلى تلك الجماعة المشمولة بالأزالة من خارطة الحياة .
أنّها طُبقتْ على الكرد في الأنفال بقنابل الأسلحة الكيمياوية والمحرمة دولياً في 22شباط من 1988 وأستمرت لغاية 6 أيلول من نفس العام وعُرفتْ من أخطر صفحات القتل الجماعي ، وشملت كذلك أنتفاضة آذار في الوسط والجنوب العراقي 1991 .
وبعد أكثر من سنتين من أحتلال داعش الأرهابي لثلث العراق وأكثر من نصف سوريا وطُبقتْ الجينوسايد على شعوب المنطقة وبأبشع صورة مأساوية في أبادة الجنس البشري وبدمٍ بارد وتدمير الحرث والنسل بسيوفها وأزالة الشخوص والرموز الحضارية بمعاولها ، ويجري اليوم من “الجينوسايد ” الداعشي ضد الكرد الأيزيديين والمسيحيين والشبك والكاكا ئيين من ذبح وقتل جماعي وسبي النساء وحصار مُبيّتْ في مرتفعات جبال سنجار لغرض التنكيل بهذه الشريحة البشرية وتعرضها الى الجوع والعطش والفاقة والألم ثُمّ الموت البطيء .
وتشكل ( فريق عمل ) في بريطانيا قبل شهر من هذا التأريخ وهم من رجال العالم الحر منظمات المجتمع المدني ، ومنظمات أممية ممثلين من هيئة الأمم المتحدة ، ومنظمة حقوق الأنسان ، ومن البرلمان الأوربي وشكلت لجان تقصي الحقائق وأرسلتها إلى العراق وسوريا لجمع الوثائق والأدلة الثبوتية على جرائم داعش الأرهابي ، وفريق العمل منطلقة من شرعية أممية موثّقة في مؤتمر ( جنيف ) 1948 ، في ( تدويل ) هذه القضية الخطرة على الجنس البشري أرسلوا رسائل إلى جميع الدول الموقعة عليه ، وأوصلوا الرسالة إلى ” أوباما ” رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، وكذلك إلى أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية ، وما ورد في فقرات الرسالة :
1-أنهاء “الجينو سايد” والأحتلال الداعشي ، ومعاقبة مرتكبي جرائم الأبادة الجماعية ضد البشرية .
2- تشكيل لجنة تقصي للحقائق وجمع الأفادات ، والشهود والوثائق ، لغرض تهيئة ملف خاص لهذه الشعوب المقهورة .
3- أدراج جميع هذه الجرائم تحت مظلة ” الجينوسايد ”
4- الأستناد إلى أتفاقية جنيف 1948 التي تعرّف الجينوسايد ب{ كل الجرائم التالية على قصد التدمير الكلي والجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية } بصفتها هذه قتل أعضاء من تلك الجماعة ، وألحاق الأذى بها ، وأخضاع الجماعة عمداً ، ومنع الأنجاب عند تلك الجماعة المضطهدة .
وهناك بالفعل أدلة وشواهد تذكر جميع الأفعال المشينة التي ذُكرتْ في تلك الوثيىقة الأممية التي تشير على أرتكاب داعش في العراق وسوريا على نطاق واسع ومنهجي ضد السكان المدنيين في الأراضي التي تسيطر عليها ، وهي بالتالي تكون من ضمن أختصاصات ” محكمة الجنايات الدولية ( ICC ) وتقع تحت المادة 7(1 ) من نظامها الأساسي {القتل الجماعي ، جرائم الأسترقاق ( العبودية ) ، الأبعاد الفسري ، التعذيب ، السجن وحجب الحرية ، الأغتصاب والأستعباد االجنسي أو الأكراه على البغاء ، والحمل القسري ، أو التعقيم القسري .
ربّاط الحجي كما يصرّحْ به ” الديوان ”
هذا شيءٌ جميل كل ما أستعرضتهُ أضاءات مشرقة أمام البشرية ، بشرط أن تكون بعيدة من الأزدواجية والكيل بمكيالين ، ولكن نتساءل بأستغراب والكرة في ملعب المنظمة الدولية ومؤسساتها من حقوق الأنسان ، والبرلمان الأوربي ، هل أنّهمْ نظروا إلى الشعب العراقي وهو ضجية جلاد ولأربعين سنة عجاف ، أنهم لم ينظروا حتى بعين واحدة ، وحتى بأستنكارٍ خجول إلى 300 مقبرة جماعية لدفن البشر وهم أجياء ، أمْ مجزرة حلبجه ، أم قمع أنتفاضة 14 محافظة بشكل هستيري ووحشي — أم أم والحديث المأساوي يطول .
واليوم أود الكلام عن أكبر شريحة فعالة من مكونات الشعب العراقي وهم” الكرد الفيليّة ” وأين كانت صحوات الضمير العالمي ؟ من أبادة الكرد الفيليين ، وتهجيرهم القسري إلى المجهول ، وأسقاط الجنسية العراقية عنهم ، وسلب أموالهم المنقولة والغير منقولة ، وأحتجاز أبنائهم وتغيبهم ، فهم قد شربوا جميع فقرات وثيقة جنيف 1948 وبعيارٍ أثقل فهي تعتبر { جينوسايد } ضد هذا المكوّنْ الأساسي للعراق ، الذي دفع فاتورة الوطنية من ثلاثة محاور ، من الناحية (القومية ، والمذهبية ، و السياسية بأنتماء الأغلبية منهم إلى صفوف النخب اليسارية التقدمية) ، وتزدحم الأسئلة أمامي حين يقُّر قلمي أختيار الأكثر دموية وحزناً ومرارة سؤالي أين كانت هذه المنظمات ذات النظرة الأزدواجية والأنتقائية ؟.
من يوم { الرابع من نيسان 1980 الذي سميّ بيوم ” الشهيد الفيلي ” حيث تعرضتْ هذهِ النخبة الوطنية العراقية إلى أشرس عملية تهجير قسري بقرا ر النظام الصدامي المشؤوم ( 666 ) وبأسقاط الجنسية العراقية عنهم ، وتّمّ تهجير نصف مليون عراقي إلى شتى منافي العالم ، ومصادرة غير قانونية ولا شرعية لأموالهم المنقولة والغير منقولة ، وتغييب 15 ألف شاب في غياهب السجون المظلمة ، وتصفية العشرات من تلك الكوكبة الغضة بين أعمار 18- 28 جسديا أو أخضاعهم لتجارب كيمياوية ، أو أجبارهم على الركض في أرض الحرام المملوءة بالألغام لتفجيرها بأجسادهم لفتح الطريق امام الجيش ( حسب شهادات رموز العهد المباد أمام محكمة الجنايات ) وهكذا ثبت لنا نحن الشعوب المقهوره بأنّ الوثائق الأممية ما هي غيرحبرٌعلى ورق ، وأنّ أصحاب القرار فيها ” أنتقائيون ” يأتمرون بتطبيق متطلبات قطب الرحى الأوحد على الساحة العالمية التي هي اليانكي الأمريكي واللوبي الصهيوني .
وأخيرا // لم يحصد الفيلييون سوى الألم والحسرة وضياع كل شيء الوطن والأولاد والممتلكات والذهاب ألى المجهول ، وللأسف الشديد أنّهم منسيون وخارج التغطية ولم ينظر لهذا المكون العراقي المهم الذي نال منه “الجينوسايد” بشكل مفرط سافر ومؤلم ، وهم من بناة العراق في كافة الصُعد ْالسياسية والعلمية والتجارية وثقافة المواطنة وحب العراق وكل هذه التضحيات لم تشفع لهم حيث عدتهم الحكومات العراقية المتتابعة بالتبعية لأيران ، ومن زمن الملك فيصل الأول ظلّ الفيليون مطعونون بولائهم ووطنيتهم { ظلماً وعدواناً } ، المجد لكم أيها الأصلاء ، وأنتم ضحايا الجينوسايد القومي والطائفي والسياسي .
*الهوامش /العراق الطبقات الأجتماعية / حنا بطاطو –المجلد الأول –ص60 // مركز الدراسات الأستراتيجية – مؤسسة الأهرام // منظمة السلام للكرد الفيليين