السيمر / الجمعة 16 . 02 . 2018 — بيّن المتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدّسة، السيد أحمد الصافي، أنّه “عندما أفتت المرجعيّة الرشيدة بالفتوى المباركة على الذين عاثوا في الأرض فساداً استفاقت الأمّة من هذه النومة، فبرز الى هؤلاء فتيةٌ واستشهدوا، فمنهم من لم يتجاوز الحلم وآخر الشيخ الكبير الذي يتجاوز الثمانين عاماً، وبمجرد أن استعادت الأمة ثقتها بنفسها طردوا هؤلاء الدواعش شرّ طردة، فقُتل منهم من قتل وهرب من هرب في فترة زمنيّة قياسية، واستعادت البلاد عافيتها، فكانت التقديرات لمن يدّعي ويفهم في الجانب العسكري كانت الحرب تقدّر بـ(30) سنة وهو رقمٌ فيه إحباط، لكن هؤلاء الفتية من الشباب العراقيّين أنهوها بـ(3) سنوات، وهذا في الواقع عارٌ على من قال إنّ الحرب سوف تستمرّ الى (30) سنة وتاجٌ ونبراس الى المجاهدين الذين استطاعوا في فترة قياسية بـ(3)سنوات أن ينهوها، فيجب أن لا تمرّ علينا هذه الأحداث مرور الكرام بل لابدّ أن نستفيد منها ونحفظها”.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها خلال افتتاح الندوات العلميّة التي أقامها مركز الفهرسة ونظم المعلومات التابع لمكتبة ودار مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة.
وأضاف: “لاشكّ أنّ العلوم المعرفية توسّعت بشكل كبير واستفاد منها الإنسان خلال التاريخ البشري وهذه العلوم كُتبت ودُوّنت وتنوّعت مصادرها المعرفيّة، اليوم العالم يميل الى الاختصاص في مجالات متعدّدة وهذا ما ندعو اليه، وهذا الاختصاص يضرّ من جهة وينفع من جهة أخرى، لكن موارد نفعه أكثر، العالم باختصاصه يتطلّب منه وقتاً كثيراً وجهداً وقد تغيب عنه بعض العلوم التي من المفترض أن تساعده في اختصاصه، والاختصاص عادةً يعطي الدقّة والدقّة مطلوبة عند ملاحظة أيّ فكرة معيّنة، والإنسان يسعى الى أن تكون هذه الفكرة سليمة وله القدرة على أن يحافظ عليها ويدافع عنها ويدفع الشبهات عنها ويرصنها الى ما استطاع اليه سبيلا”.
مبيّناً: “بعض العلوم علوم آليّة استفاد منها الانسان وقد أوصلته الى منافع أخرى، وإذا راعينا القواعد الموجودة وجدنا أنّها تعصم الإنسان من الوقوع في الخطأ، وهذه مهمّة وتستدعي أن يقف الباحث عندها، والسرّ في ذلك أنّ المعلومات العلميّة متناثرة، وهناك تراث لم يُكشف النقاب عنه، المقصود منه هو التراث المعرفيّ أي التراث الخطّي الرقمي، والوسائل الحديثة بحمد الله توفّرت وبدأ التفتيش عن المخطوطة وعن تحقيقها وإبرازها الى العالم”.
وتابع السيد الصافي: “مطابعنا تطوّرت تطوّراً نوعيّاً، وفي كلّ دول العالم هناك كمّ هائل من المطبوعات، لكن الوصول اليها يحتاج الى فن ويحتاج الى طريقة فنيّة، وما دامت الفهرسة تقع في العلوم الآليّة لابدّ أن يسعى الباحثون الى تسهيل هذا العلم أمام الباحثين، حتى لا يأخذ وقتاً كبيراً في المقدّمة ويترك الفحوى”، وفقاً لما ذكره الموقع الرسمي للعتبة العباسية المقدسة.
مضيفاً: “الفهرسة الآن بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معنى غير مسألة التبويب المطلوبة، أنا كقارئ سوف أدخل الى المكتبة الرقمية فكيف يتعامل معي صاحب المكتبة، هو يريدني أن أقرأ وأطّلع فإذا لم يوفّر لي الوسائل اللازمة لذلك فسيكون هذا نقداً لغرضه، هو يريدني أن أقرأ لكنّه لا يوفّر لي عوامل القراءة، فالفهرسة تسهّل على القارئ ما يريد من مصادر في اختيار الكتاب اختصاراً للوقت، وهذه العلوم بحمد الله بدأت تقفز قفزات كبيرة وكانت حصة العتبة العبّاسية المقدّسة كبيرة كما يُشار له من بعض الندوات والمؤتمرات، وهذا هو رضى أهل الاختصاص، لكن في الواقع ليس موقع رضانا لأنّي بدأت بكلمة (العلم لو أعطيته كلّك أعطاك بعضه)”.
ودعا السيد الصافي القائمين على هذا المركز للوصول الى مرتبة الطموح ومواكبة التطوّرات الحاصلة في مجال الفهرسة بمعيّة أهل الاختصاص من ذوي الخبرة من أكاديميّين وباحثين وترك بصمة من الإبداع في هذا المجال، مشجّعاً الإخوة العاملين على الإبداع وعلى أن تكون لديهم فكرة جديدة، وهذه مرهونة على مرونة الشخص المتمثّل في الإبداع، والغرض من ذلك هو تحفيز الإخوة على أن تكون لديهم دائماً بصمة في العمل.
مشيراً الى: “أنّ ما مرّ على البلد خلال الفترة الماضية والطريقة التي استحوذوا بها على بعض الأراضي العراقيّة والطريقة التي استخدموها في ذلك هي طريقة الإرهاب والتخويف، ولديهم الدراسة في ذلك وهي كيف تثير الخوف في نفوس الآخرين، وبالنتيجة هذا المقدار ساعدهم على أن تستسلم بعض الناس أمامهم، وإنْ كان البعض لديه القدرة على أن يواجه، ولكن انهزم أمامهم هزيمةً داخلية، والأمّة التي تفقد إرادتها لا تستطيع أن تدافع عن كرامتها ولا عن نفسها، والإنسان إذا كان مهزوماً داخلياً لا يستطيع أن يفعل شيئاً”.
مبيّناً: “الإنسان إذا أراد شيئاَ يستطيع أن يبدع، وهذا الإبداع نابع من الثقة بالنفس، عالمناً العربي يحتاج الى هذه اليقظة الحقيقيّة في إرادته فهو يستطيع أن ينتج ويبدع، خصوصاً أنّنا نمتلك تاريخاً عريقاً له جذور عميقة من العلماء وكانت لهم الصولة بعد الصولة”.
واختتم السيد الصافي: “هذه الندوة في الحقيقة هي ليست استعراضاً للموجود، لكن نريد أن نستفيد من الموجود لغرض التطوير والإبداع ولغرض إعادة الثقة لأنفسنا من خلال ما عندنا، سواءً كان في المجال الرقمي أو المجال المكتبي، وأتمنى المزيد من الإبداع للعاملين في هذا المجال باستنطاق العقل والفكر، ويمكن أن نصل الى ما وصل إليه الآخرون أو أكثر من ذلك، والكثير يعرف أنّ العتبة العبّاسية المقدّسة قد تعتمد على الطاقات العلمية المحلّية، ولدينا الثقة أنّ هذه الطاقة المحلّية لها القدرة على الإبداع”.
نون الخبرية