الرئيسية / مقالات / تطوان وجوقة آخر زمن

تطوان وجوقة آخر زمن

السيمر / الاثنين 25 . 06 . 2018

مصطفى منيغ / المغرب

فَقَدَت المملكة المغربية بتصرفات بعض مسؤوليها، المستمدين نفوذهم بمباركتها ، ثلاثة أرباع من مصداقية ما تَعَمَّدَت إدخاله كدولة بها حكومتها ، في عقول مََن استدْرَجَتهم (بكيفيات لم تعد مجهولة) أوربيين كانوا أو أمريكيين لصَبِّ الاهتمام عما أنجزته افتراضاً لصالح فقراء يُكوِّنون غالبية شعبها ، مكتفية بما توصلت به من منح وهبات تُعَد بمبالغ خيالية لو صُرِفت في محلها ، وبشفافية حقيقية لاستطاع من يتوصَّل مباشرة بها ، إيجاد حلِّ لأكثر من مشكل ينخر هيكل أي شيء في هذه الأرض باستثناء مَن يتدبر شأنها ، انطلاقا من العاصمة وليس جنباتها ، لكن الغرب وهو الأقرب لوجودها، تمكَّن من فرض شروط أقلها ، ما تجسَّمَ في ساحات مجمل المدن المغربية من حاملي جنسيات أفريقية عِدَّة يتعاطي أصحابها ، وهم بالآلاف التسول تعويضاً لعدم التفكير في مغامرة التحاقهم بالضفة الشمالية حيث الاتحاد الأوربي لمصلحته مُغَطِّياً عليها .
… صناديق متباينة في ألوانها ، مرفوع على الخشب أو القصدير أو الفولاذ المصنوعة منه شعارات لا تعكس ما بداخلها ، ولا يعترفُ مَن يَغْرِفُ منها بأي باحث عن أسرارها ، المختبئة باتقان شديد وراء أهدافها .
أكانت المملكة المغربية كأول دولة في العالم تنتج الفسفاط في حاجة لمد اليد مُشوِّهَة بالفاعل مكانة شعبها ، أم ذكاء “حفنة”بتشجيع منها، تغطي بالغربال شمس الواقع المر الجاعل ذوي الحقوق مجرد أغبياء مسموح لهم بالتصفيق بعد السجود لغير الله كأنهم مبتاعون من سوق الرقيق و أمور أخرى نخجل من ذكرها.
… حينما زرتُ مدينة “طاطا” لأزور أحد الأصدقاء المعروف جيداً في تطوان حيث أشتغلَ في مقر عمالتها ، رئيسا للشؤون العامة واسمه “محمد الهيردوز” لسبب جد وجيه لأذكره بما حدث والعامل السابق “محسن التراب” يستهزئ به حينما شبَّهَهَ لي بطائر اللقلاق فلم يكن من أمري إلا أن تدخلت مخاطباً نفس العامل بالحرف الواحد :
-اللقلاق محترمٌ بظهير ملكي في المغرب ، يبني عشه في عُلُوِّ يتحوَّل أسفله الكبير صغيراُ ، قد يصبحُ هذا اللقلاق عاملاً مثلك ولن يحدثكَ إلا بما يؤكد أن نفسية الفتان تسمو لدرجة أنبل إنسان .
… بعد مدة (ما كانت بالطويلة) عُيِّن هذا الفنان التشكيلي وأصله من مدينة الخميسات السيد “الهردوز” عاملا على إقليم “طاطا”، اغتنمتُ فرصة الزيارة لأدرس العوامل الأساسية التي جعلت من المدينة خاصة والإقليم عامة يعيشان هذا الدرك الأسفل وكأن أهلها لا حق لهم لا في التنمية ولا في الازدهار ولا في أي شيء على الإطلاق علما أن الذين التقيت بهم خزان من المعرفة والدراية والثقافة الواسعة ، إن حاورتهم تحس وكأنك تقرأ كتاباً من بضع صفحاته تعلم علم اليقين أنك في مغرب الجذور الطيبة المتفرعة فوق أرض طاهرة ، فلازمني التعجب من أرض بها من المعادن ما تستطيع بانتاجها تلبية رغبات كل القاطنين في محيط “طاطا”/ “تارودات” / “كلميم”/ ذكورة / “ورزازات” ، أهناك أثمن من الذهب ، أم تلك أشياء الخوض فيها بمثابة تحريم الحلال بما لها وما يترتب عليها من مواقف نضال تتوحد في محاسنه النساء والرجال تمهيدا لإعادة سريان مياه الحياة لربوعها ، فكذا “تطوان ،”إن لم نقل كافة المدن المغربية ترقص على نفس إيقاع الهوان ، المعزوف من جوقة حكام آخر زمن . (يتبع)

اترك تعليقاً