السيمر / الثلاثاء 08 . 01 . 2019
واثق الجابري
بيعت قطعة أرض مساحتها 2000 متر مربع، في منطقة الداودي، وسط المنصور في العاصمة بغداد، بمبلغ 10 آلاف للمتر الواحد، أي بعشرين مليون دينار، فيما يقدر سعر المتر هناك بحدود 4-5 مليون دينار، وهي مفارقة غريبة..لكنها ليست غريبة إن عرفنا أن جهة البيع حكومية، وباعتها لمفتشها العام، ولا أحد سيسأل طبعا كيف ومن دفع 20 مليون؟! نواب يتحدثون وسياسيون يخطبون، ويعتبرون الفساد آفة الآفات، وسبب الإرهاب والنكبات، ويبتهلون بالدعاء لطلب الإصلاح، وهم كمن يصلي على أرض أغتصبها! هكذا تسمع دعوات الإصلاح وتطبيق القانون، من ساسة سيطروا على عقارات المنطقة الخضراء، وهناك شعب ينتظر تطبيق العدالة والمساواة منهم، من جهات سياسية إنطلقت من أرضية مخالفة القانون، وتجاوزت على حق الفقراء والمحرومين، في حين يطارد بائع يعتاش على عربة فوق الرصيف بقسوة، وتحطم أدواته لأنه تجاوز القانون وأضر بالمصلحة العامة؟! حسب آخر التقديرات، هناك حوالي 100 ألف عقار متجاوز عليه بطرق غير قانونية، من قبل أحزاب ومتنفذين، وأغلب العقارات في مناطق تجارية وخصوصا في المنطقة الخضراء، ولا تدفع عشر القيمة الإيجارية المقررة، وآخرى بأثمان بخسة أو تُسيطر عليها جهات متنفذة، وصولاً الى مول المنصور، المؤجر بسعر زهيد، وهو موقع الأسواق المركزية سابقاُ، ودور تراثية في شارع حيفا؛ إندثرت بسبب إستغلالها من أحزاب أو شخصيات، ودور تابعة للدولة تؤجر لمدة 40 عاما، وإستغلال الكورنيش في مختلف مناطق دجلة، دون ثمن إيجار أحياناً! أضابير تلك العقارات لدى أمانة العاصمة، وهيأة الإستثمار ودائرة عقارات الدولة، ويمكن أن تدر للدولة مليارات، بينما بعض المؤسسات تستأجر بمبالغ تتجاوز 30 ألف دولار شهرياً للدائرة الواحدة، وقد لا تكفيها أموال الضرائب والقطوعات من المواطن لسد الإيجارات والماء والكهرباء، ويستمر الضرر لعقارات الدولة المستغلة، جراء الإستخدام الخاطيء، وإحداث تغيرات في تصاميم العقار حسب مزاج ساكينيها، فما بالك فيمن يعدون أنفسهم فوق القانون؟! الشعب أحق من مسؤولين وصلوا التخمة، وضربوا القانون عرض الحائط، فهل من المعقول أن يستمر أشخاص ليس لديهم صفة رسمية بشغل عقارات، وفق قوانين صاغوها؟! بل أن منهم من لا يزال في عقار وظيفته السابقة، مما يعني أن العراق يحتاج بناء قصور جديدة لكل حكومة، وتبقى القصور السابقة لمن كان في المنصب سابقاً. آن الأوان أن يقوم كل مسؤول بإخلاء العقار الذي يشغله، بعد تخليه عن المنصب، والمسؤولية تقع على الحكومة والبرلمان الحاليين، اتسترجع العقارات في بغداد وغيرها، وإنطلاقاً من المنطقة الخضراء. إستغلال الدور دون وجه حق، جريمة يُحاسب عليها القانون، بالحبس خمسة سنوات، وداخل الخضراء عقارات مستغلة من مسؤولين سابقين وحاليين، ومنهم من إستولوا عليها منذ عام 2005م، ولغاية اليوم دون مسوغ قانوني، ومازالوا حتى بعد تركهم المنصب منذ 10 أعوام وحتى يومنا هذا، والمانع وجود كتل نيابية تدافع عنهم، ومسؤولون تنفيذيون منهم من يسكن هناك، أو يعطل تنفيذ تشريع، فإذا كان إستغلال العقارات الحكومية جريمة، فكيف ننتظر من مقترفها تطبيق العدالة وتحقيق الإصلاح؟! “أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُون”.