السيمر / السبت 23 . 02 . 2019
واثق الجابري
يتبادل في ذهن أي أنسان عند شعوره بألم في الصدر، بأن القلب مصاب، ويزداد القلق كلما أقترب الألم من مركز الصدر، لكنه لا يدرك أن أكثر الأمراض خطورة لا تأتي بألم في الصدر أو القلب، وهي الأكثر خطورة على الحياة وتسبب الوفاة المبكرة، وربما إصابة أبعد الأطراف هي الأخطر على الأنسان، وكأن الجسد دولة، فيها مركز وأطراف وقلب وأمراض متعددة، قد لا يدركها المريض كثيراً، لكن واجب السلطة البحث عن التشخيص وتوفير العلاج، وإقناع المريض بالتعاطي الإيجابي. تجرى يومياً على الأقل عملتي بتر أطراف نتيجة الإصابة بالقدم السكري، في المستشفيات الكبرى، وداء السكر واحد من الأمراض المعضلة، التي لا يكتشفها المريض الا بالصدفة، والمريض أحياناً لا يعير أهمية للفحص الدوري والوقاية، والعلاج بشكل صحيح عند الإصابة، ولا يحرص على حماية الأطراف من الحرارة العالية والبرودة الشديدة والإصابات الجراحية، وبالنتيجة يصاب بالقدم السكري، ويتم بتر الطرف ويصبح معاقاً. عملية البتر تتم بعد تحول القدم الى مرض القدم السكري والإصابة بـ(الكَانكَرين)، نتيجة عدم الإلتزام بنصائح الطبيب، كأن لا يأخذ الإنسولين لإعتقاده بالإدمان على العلاج، في حين قناعة الطبيب أن المريض لا يشفى إلاّ بالإنسولين، ولا يحرص على تجفيف القدم، أو عدم لبس الحذاء الضيق لفترات طويلة، والمراجعة الفورية حين الإصابة بالجروح. مرض السكر ونتائجه في حال الإصابة بالقدم السكري، تدخل المريض في مراحل الخطورة، وهذا المرض يؤثر على القلب والكلى والكبد والدورة الدموية، وبما أن الأطراف الأبعد عن المركز، والأقل وصولاً للدم، ودقة الأوعية الدموية، فمجرد الإصابة يصعب وصول الدم الى الأطراف، ما يُصعب شفاؤها، ولا علاج بعد الإصابة بالقدم السكري المتطور سوى البتر والإعاقة، وبذلك تضيف رقماً يومياً الى عدد معاقي الحروب والعمليات الإرهابية. الواقع الخدمي والإداري في العراق، كمريض مصاب بالسكر، وكما معروف أن الخدمات تبدأ من المركز بإتجاه الأطراف كمحافظات، ومن مراكزها الى أطراف المدن، وبعض المدن ربما لا تصلها الخدمة إلا ما ندر، وتفاوت عجيب غريب مهول، بين مركز المدينة وأطرافها، والمواطن هناك لا يشعر بأنه مصاب بالمرض السلطوي، إلاّ حينما يذهب الى مركز المدينة، أو عندما يعلم أن لهذا الطرف والحي البعيد صرفت أموال كبيرة، ولكن الجسد مصاب بداء السُكّر، والمسؤولين في حالة سُكر وتخمة وتورم جيوب. بتر الأطراف تخلف سنوياً آلاف المعاقين، وكذلك أهمال أطراف المدن يؤدي الى عوق عشرات الآلاف بإصابات بعاهات مرضية وإجتماعية ونقمة سياسية، والحل لا يكمن بالتشخيص، ولا ينفع العلاج بعد التفاقم، بل العلاج المبكر والأهم الوقاية، والأطراف هي من يحمل الجسد، وإصابتها أخطر على المركز والقلب مهما تحصن، وفي حال إستمرار إهمال مناطق الأطراف ، فمن المؤكد سيكون البلد معاقاً، بأطراف مقطوعة، طاردة لسكانها، ومعطلة من عطاء الإنتاج فيها.