متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الثلاثاء 05 . 01 . 2016 — كشفت مصادر مطلعة لـ”المسلة” عن قرب فتح ملف صفقة “المدارس الفاسدة” من قبل هيئة النزاهة، تمهيدا لمسائلة صادق المطلك -الاخ الاصغر للسياسي العراقي صالح المطلك-، ومجموعة الفاسدين الذين اختلسوا الأموال المخصصة لبنائها من دون إنجاز يذكر.
وفي حين يدعو عراقيون عبر “المسلة” إلى الإسراع في الإجراءات الكفيلة بكشف فساد المطلك، يأمل هؤلاء في المحاسبة العسيرة لأمثاله من الفاسدين الذي اعتقدوا إن السكوت على ما اقترفوه طوال هذه الفترة كفيل، بـ”تمييع” القضية وتسويتها، معوّلين على الزمن وانشغال الدولة بالحرب على الإرهاب.
بل إنّ صادق المطلك، وأمثاله من المتهمين بصفقات الفساد، يعوّلون أيضا على الضغوط السياسية ووقوف أحزابهم معهم في تسوية ملفات الفساد، من جهة، وعلى العمولات المالية لتحييد شخصيات لها علاقة بالموضوع عن الشروع بالإجراءات المطلوبة.
وموضوع المدارس الفاسدة، لم يغب عن وسائل الاعلام، فعلى رغم انتشاره الواسع عبر وسائل الميديا وتداوله في الوسط السياسي العراقي الا إن أي أجراء لم يُتّخذ بشأنه، وهو ما يشجع الفاسدين على القيام بأدوارهم المنوط بهم طالما وجدوا تراخياً في سيف العدل الذي يجب أن يوقف الفاسد عند حده.
اتصلت “المسلة” بعضو في لجنة النزاهة النيابية محمد كون، فتحدث عن ان هناك تحقيقين في لجنة النزاهة النيابية، الاول يخص مدارس البناء الجاهز.. وهذه المدارس كان من المفترض ان تسلم منذ مدة طويلة لكن التلكأ الكبير في تنفيذها بعضها منذ عام 2011 والى الان لم تنجز والبعض الاخر وصل بيها نسبة الانجاز 8% بالرغم من الشركات تسلمت سلفة اولية مقدارها 60% من قيمة العقد لكن العقود كانت مع شركات وزارة الصناعة والمعادن ووزارة الاسكان والاعمار وتلك الشركات تعاقدت بشكل سري مع شركات خاصة وفتحت في بعض المصارف الاهلية حسابات مشتركة، وحصل في هذا الامر شبهات فساد كبيرة جدا تتمثل في هدر المال العام وسرقة الاموال المخصصة للمدارس وعدم انجاز المدارس”.
وأضاف “في عام 2013 حوّل وزير التربية محمد التميم الى المحافظات مبالغ ضمن الخطة الاستثمارية لبناء مدارس هذه الامر نحقق فيه،و نعتقد ايضا بوجود شبهات فساد كبيرة وخصوصا ان تلك المدارس لم يتم انجازها بالرغم من الصرف الكبير من الاموال”.
واضاف “التحقيقان وصلا الى مراحل متقدمة ووجهنا عدة اسئلة الى الكادر المتقدم في الوزارات الثلاث التربية والاعمار والاسكان والصناعة”.
تبدأ قصة صفقة المدارس الفاسدة، حين اختار صالح المطلك، محمد تميم، وزيرا للتربية في الحكومة السابقة، ليتم وقتها إحالته مناقصة بناء لمئات المدارس لرجال عمال فاسدين على رأسهم فيصل الخضيري، في اكبر صفقة فساد في المجال التربوي العراقي، شارك فيها إضافة إلى صالح وصادق المطلك، محمد تميم، وسعد البزاز، ومحافظ صلاح الدين احمد الجبوري، وحيدر الملا.
وبحسب مصادر مقرّبة من المتورّطين في الصفقة، فانّ حصة الخضيري لوحده كانت نحو 280 مليون دولار، فيما كان حصة محمد تميم نحو عشرين بالمائة من مبلغ الصفقة الذي تجاوز المليار، ونصف المليار دولار.
لم تكن هذه الصفقة سوى امتداد لصفقات فساد أزكمت الأنوف، تورّط فيها المطلك وأفراد عائلته، كان أبرزها الاستيلاء على أموال النازحين، ما دعا مجلس النوّاب في 28 كانون الثاني 2015 إلى تحديد موعد “استجواب” لصالح المطلك، وكان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء، ورئيس لجنة النازحين.
ضغوط
وبعد هذا الصمت المريب عن الفاسدين المتورطين في الصفقة، وطول انتظار، يتوقّع العراقيون من هيئة النزاهة، المباشرة العاجلة في فتح ملفها، تمهيداً لانزال العقاب بالمتورّطين، وعدم الخضوع للضغوط السياسية التي كانت سببا في طول السكوت.
تفاصيل أخرى
رافق الصفقة عمولات و “كومشنات” في جيوب “السحت الحرام” للمقرّبين من عصابة آل المطلك، والخضيري، وتميم، والملا، وفيصل الخضيري، صاحب مصرف “دار السلام” وشركتي (رودس) (تاك سيرفس استيس) والتي رست عليهما صفقة بناء المدارس من قبل وزارتي التربية و الإسكان وبمشاركة شركة (الفاو).
وبيّنت وثائق، تحايل الخضيري بسحب مبالغ مقدارها خمسين مليار، وكذلك مبلغ 136 مليار وكلاهما بالدينار العراقي حيث تم ايداعهما بنفس البنك العائد للخضيري، كما تبيّن الوثائق بان مبلغ (خمسين مليار دينار) قد اختفت دون معرفة ولا يعرف مصيرها وتم تحويلها إلى حساب شخصي.
وبعد هذه الأعوام، من الصفقة لم يتم وضع حجر الأساس حتى لمدرسة واحدة من قبل مقاولين شكليين يعملون لصالح المقاولين الحقيقيين وهم أفراد في عائلة صالح المطلك و فاضل الدباس، وعلي خميس ابن أخت صالح المطلك، وقاسم الراوي، وفيصل الخضيري وحيدر الملا، بمشاركة فاسد صفقة “طبع المناهج الدراسية” التاجر مثنى السامرائي، وصاحب مطبعة في لبنان.
لم تكن هذه الصفقة بمفاجأة من قبل سياسيين فاسدين لهم باع طويل في السرقات والاختلاس، فقد أكّدت مصادر مطلعة، إنّ النائب عن ائتلاف الوطنية حامد المطلك ( ابن عم صالح المطلك وعلى خلاف معه في الوقت الحاضر)، والذي جنى ثروة كبيرة من صفقات الفساد السياسي، وأموال النازحين، التي يشرف عليها صالح المطلك، قد “صفّى” أمواله في العاصمة الأردنية عمان، وحوّلها إلى بنوك في العاصمة البريطانية لندن، لشعوره بان هذه الخطوة توفر له ولأمواله الأمان، بعدما تحوّلت العاصمة الأردنية، عمّان، إلى وكر للتسقيط السياسي بين رجال أعمال وسياسيين، متورطين في عمليات دعم الإرهاب أو الفساد.
ويثير الإثراء السريع، لصالح المطلك وأفراد من عائلته، ابرزهم صادق وحامد المطلك، الأسئلة من جديد حول فساد ملف النازحين، وما تخلّله عمولات مالية، وصفقات فساد نجح في خلالها من تكوين ثروة ضخمة، فيما أبناء المناطق التي انحدر منها في الرمادي، يعانون من الفقر المدقع في طل العيش تحت سطوة التنظيم الإرهابي، كما يشكو النازحون من قلة الخدمات المقدمة لهم بعدما سرقت الكثير من الأموال المخصصة لهم.
وكان مصدر في اتصال مع “المسلة” أكد على إنّ حامد المطلك اشترى “الفيلا” الرابعة في العاصمة الإسبانية، اتبعها بشراء شقتين في لندن بقيمة تصل إلى نحو الثمانية ملايين دولار.
وتحدّث المصدر عن إنّ مكاتب العقارات في لندن أصيبت الدهشة للبذخ الزائد من قبل آل المطلك، لاسيما وانه “حديث نعمة” ولا يعرف الطريقة الصحيحة في التصرف في الأموال الكثيرة التي بحوزته.
وفي تفاصيل ما أفصح عنه المصدر، فانّ حامد المطلك، الذي يتنقل في الفترة الأخيرة بين عواصم عدة، قرّر بيع قناة البابلية، بعدما شعر انها أدت غرضها، ولم تعد تنفع سياسياً ومالياً، على حد سواء.
جدير ذكره، إن المطلك في أقامته في العاصمة الأردنية عمّان، يحرص على لقاء أطراف متهمة إما بالفساد أو الإرهاب، من مثل خميس الخنجر وحارث الضاري، إضافة إلى بقايا أزلام النظام البعثي البائد، ولطالما دعا إلى إلغاء قوانين الاجتثاث، وإخراج الإرهابيين المعتقلين من السجون، والإسراع في تشكيل الحرس الوطني للاحتماء به وشقيقه صالح المطلك من المسائلة بعد الفضيحة المدوية في سرقة أموال النازحين.
المسلة