الرئيسية / مقالات / هكذا يحارب الفساد … الجزء الثاني

هكذا يحارب الفساد … الجزء الثاني

السيمر / فيينا / الاحد 09 . 06 . 2019

اياد السماوي

في الجزء الاول من هذا المقال كنّا قد استعرضنا نموذجا لوزير تصدّى للفساد من موقعه وأوقف إحدى أكبر السرقات للمال العام , والمثال الذي أوردناه عن الوزير محمد شياع السوداني لا يعني أبدا أنّ الحكومات السابقة خالية من الوزراء المخلصين والنزيهين , أو أنّ كل الذين تولّوا مواقع وزارية في الحكومات السابقة فاسدون , على العكس من ذلك تماما فهنالك العديد من الوزراء من الشيعة والسنّة قد أثبتوا أنّهم رجال دولة وتصدّوا أيضا للفساد من مواقعهم , والحقيقة أنّ الهدف من هذا المقال بجزئيه ليس لإصدار التقيمات لهذا الوزير أو ذاك , بل إنّ الهدف هو لتعريف الرأي العام كيف يعمل المخلص والنزيه من الوزراء والمسؤولين في وسط هذا الوباء من الفساد الذي استشرى في كل مفاصل الدولة .. في هذا الجزء وكما أوعدتكم سأنقل لكم قصة أخرى من قصص التصدّي للفساد , وهذه المرّة عن الوزير الدكتور قصي السهيل الذي يعمل هو الآخر بصمت بعيدا عن الضوضاء والإعلام المزيّف الكاذب .. وأيضا هذا لا يعني أنّ السادة الوزراء في هذه الحكومة فاسدون وغير حريصيون على المال العام , على العكس من ذلك هنالك وزراء ينهضون بأعباء كبيرة جدا وأنا شخصيا على اطلاع بما ينهض به بعض هؤلاء الوزراء , وسأتناولهم في مناسبات قادمة إن شاء الله تعالى .. اليوم سأقدّم للرأي العام العراقي قصة المئتي مليار دينار التي تمّ تخصيصها في قانون الموازنة العامة لسنة 2019 لطباعة الكتب المدرسية , وكيف استطاع الوزير بالوكالة الدكتور قصي السهيل إيقاف فساد خطط له بعانية فائقة , فساد يتجاوز المئة وعشرون مليار دينار , وبالرغم من أنّ جيوش الفساد الالكترونية وصفحاتهم الصفراء حاولوا تكذيب هذه القصة خلال اليومين الماضيين , إلا أنّ الحقائق تبقى ساطعة ولا تحجبها جيوش فساد . القصة وما فيها تبدأ من قانون الموازنة لسنة 2019 , حيث استطاعت أذرع منظومة الفساد مضاعفة التخصيصات المالية لطباعة الكتب المدرسية في قانون الموازنة العامة من مئة مليار دينار إلى مئتي مليار دينار , بالرغم من انخفاض تكاليف الطبع وأسعار الورق والأحبار عالميا , وكان هدف منظومة الفساد من مضاعفة التخصيصات المالية لطباعة الكتب المدرسية , هو لإحالتها حصريا على شركة النهرين لطباعة الكتب التي هي واجهة لشركة الوراق لطباعة الكتب , وقد استقتلت منظومة الفساد من أجل أن يدرج أسم شركة النهرين في قانون الموازنة حتى تكون الإحالة لها حصريا بموجب القانون , ولكنّ مساعي الخيرين في اللجنة المالية البرلمانية قد أوقفت هذا الفساد .. وما حدث في هذا الشأن هو أنّ الوزير بالوكالة الدكتور قصي السهيل استطاع أن يمنع إحالة المناقصة على شركة النهرين , وقام بتجزئة العقد إلى 67 أو 68 عقدا وإحالة هذه العقود جميعا على شركات الطباعة الحكومية والأهلية بتكلفة لا تتجاوز الثمانون مليار دينار , موفرا لخزينة الدولة مئة وعشرون مليار خطط لها أن تذهب لجيوب منظومة الفساد , وبالرغم من أن هذه الإحالات لم توّقع رسميا حتى هذه اللحظة , إلا أنها في طريقها للإحالة خلال الأيام القادمة , وقد أصدر الوزير بالوكالة الدكتور قصي السهيل أمرا بمنع إحالة أكثر من عقد واحد على أي شركة من شركات الطباعة التي قدّمت عروضا بذلك , والحقيقة أن هذا الإجراء الذي قام به الوزير السهيل لا يقف عند حدود توفير مئة وعشرون مليار دينار لخزينة الدولة كانت ستذهب لجيوب الفاسدين فحسب , بل أن إحالة هذه العقود على 68 شركة حكومية وأهلية من شأنه أن يوفر فرصة عمل لثلاثة أو أربعة آلاف شخص , أي توفير فرصة عمل لأربعة آلاف عائلة عراقية .. بينما الوزارات السابقة تحايلت على قرار مجلس الوزراء رقم 272 لسنة 2015 من خلال الاتفاقات الملتوية التي فرّغت القرار من محتواه , بينما كان الهدف من قرار مجلس الوزراء هو الحفاظ على العملة من الخروج إلى الخارج .. وبهذا المناسبة ادعو الهيئات الرقابية والهيئة العليا لمكافحة الفساد إلى إعادة النظر بالعروض التي كانت تقدمها المطابع الأهلية في السابق إلى وزارة التربية من أجل الوقوف على الاتفاقات الملتوية كانت تبرمها وزارة التربية وملاحظة الفارق في الأسعار بين هذه العروض وبين أسعار العقود التي أبرمتها الوزارة , للوقوف على حجم الفساد في هذا الملف وكيف تمارس منظومة الفساد سرقة المال العام .. في الختام أوجه تحية لكل مسؤول ووزير نزيه ومخلص في الحكومة يعمل من أجل الحفاظ على المال العام والتصدّي للفساد من موقعه .

اترك تعليقاً