السيمر / فيينا / الخميس 04 . 07 . 2019
على مدار السنوات الأربع الماضية، أخذت ما تعرف بقوات الحشد الشعبي حصة كبيرة من الجدل في الشارع العراقي، وكان وما زال أصحاب الآراء المتناقضة في هذه القضية يرفعون عصيّ النقاش الحاد بوجه بعضهم بعضا على شاشات التلفاز وعبر منصات التواصل الاجتماعي، وصولاً للتهديد في بعض الأحيان، لكن أغلبهم اجتمعوا على تأييد قرار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هيكلة الحشد والذي يُعتبر تشذيبا لدور فصائله، وفقا لقراءة محللين.
ويلزم القرار جميع مكوّنات الحشد بالامتثال لأوامر القائد العام للقوات المسلحة والتخلي عن العناوين الفرعية، وخيّر الفصائل بين الامتثال أو التحوّل إلى تنظيمات سياسية منزوعة السلاح، إضافة إلى تعليمات أخرى انتهت بالإشارة إلى إصدار أوامر لاحقة لهيكلة هيئة الحشد الشعبي وتشكيلاته.
التحدي الأصعب
القرار الذي رحب به زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي وعدد آخر من زعماء الفصائل المسلحة وجهات سياسية مختلفة، يدرجه بعضُ المراقبين في خانة حصر السلاح بيد الدولة وإخضاع الجهات المسلحة لقوة القانون، مما أثار بعض الشكوك بنجاح تنفيذه على أرض الواقع.
كما ينذر تنفيذ القرار بتمرد مسلح أو معارضة سياسية أو انشقاقات وصراعات في البيت الشيعي، حسب الباحث في الشأن الأمني هشام الهاشمي الذي يرى أن أمر رئيس الوزراء يتحدث عن تعليمات تنظيمية لاحقة تميّز بين الفصيل المنضبط والآخر الخارج على القانون، وهذا يتطلب ملاحقة قانونية.
ويعتقد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية في البرلمان العراقي النائب سعران الأعاجيبي أن عملية حصر السلاح بيد الدولة لن تكون سهلة، ويقول في حديثه للجزيرة نت إن “نزع سلاح الفصائل المسلحة ودمجها في المنظومة العسكرية سيحتاج الى وقت طويل لأنه بحاجة لترتيب إداري وإيجاد مناصب للمنتمين لهذه الفصائل”.
أما مسؤول علاقات محور الشمال في الحشد الشعبي علي الحسيني فيقول في تصريح صحفي إنه “ليس هناك وفق هذا القرار أي تغيير فيما يخص مكانة الحشد ووضعه، لكنه يعالج بعض التفاصيل كالرُتب العسكرية ومستوى التسليح”.
ظلال السياسة
ويذهب طيف من قارئي المشهد إلى التغير الذي مرّ به قادة الفصائل المسلحة بعد أن باتوا جزءًا من العملية السياسية، ليضعوه سببا في توافق بعضهم مع القرار وتأييدهم له أو صمت الآخرين.
ويقول الهاشمي في تصريح صحفي إن مبدأ “استثمر الفتوى وشق طريقك” كان يكفي لنجاح قيادات فصائل الحشد سياسيا وأضحى لديهم سُدس البرلمان وستكون لهم النسبة نفسها من الحكومة التنفيذية بعد إدراكهم أن وسائلهم الخطابية لن تلائم المواقف الدولية الجديدة.
الحشد الشعبي الذي يعتمد في تكوينه على فصائل مسلحة تُتهم بأنها قريبة من طهران، انبثق بموجب فتوى المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني بعد اجتياح تنظيم “داعش” الارهابي للأراضي العراقية، والتصقت به تهم كثيرة على امتداد عمليات استعادة الأراضي من التنظيم، حتى إن أصابع الاتهام تتجه لبعض هذه الفصائل للعب دورٍ محتملٍ لمصلحة إيران في خضم أزمتها الملتهبة مع الولايات المتحدة.
وتأتي قرارات عبد المهدي فاتحةً الباب أمام العديد من التفسيرات التي تذهب بعضها إلى أنها رسائل إلى الخارج، أو الابتعاد عن مرمى الاتهامات، خصوصا مع تكرار المسؤولين العراقيين التعبير عن موقف العراق المحايد في هذه الأزمة.
ويرى المحلل السياسي عباس الجبوري أن موقف الحياد هذا سيكون موقفا للحشد وفصائله، مرجحا التزامه بالتعليمات لخطورة الوضع الإقليمي الراهن أولا، ولكونه بات جزءًا من المنظومة العسكرية العراقية ثانيا.
المصدر / اسرار ميديا