السيمر / فيينا / الخميس 22 . 08 . 2019 — سلط تقرير لموقع المونيتور الأميركي على الانقسام” الحاد” داخل المجتمع الايزيدي، في ظل وجود ثلاثة أمراء؛ في سنجار، والشيخان، وألمانيا.
وذكر التقرير الذي أعده الباحث سعد سلوم وتابعه “ناس” اليوم ( 22 آب 2019) أن “اختيار الأمير حازم تحسين بك أميراً للإيزيديّين، أحدث انقساماً داخل المجتمع الإيزيديّ حول آليّة اختياره ومدى تمثيله لمختلف شرائح الإيزيديّين وطبقاتهم، فأعلن اثنان من الأمراء تنصيب أنفسهم كأمراء للإيزيديّة، الأوّل في سنجار، والثاني في ألمانيا، على نحو يهدّد بمزيد من تشظّي هويّة الأقليّة الإيزيديّة بعد الإبادة”.
بدأت الانقسامات بمجرّد تنصيب الأمير الجديد للإيزيديّين، السبت في 27 تمّوز/يوليو من عام 2019، في معبد لالش بشيخان، إذ سرعان ما أثار اختياره انقساماً داخل عائلة الأمير الراحل، ورفضاً من قبل النخب الشابّة التي اعترضت على طريقة اختياره وشكّكت بشرعيّتها، معلنة أنّها “خطوة لم تحترم إرادة الإيزيديّين، ولا تحظى بقبول عموم الشارع الإيزيديّ، ولم تحترم وصيّة الأمير الراحل تحسين بك، الذي أوصى بأن يكون هذا التنصيب بموافقة الإيزيديّين”.
وفي تطوّر لافت، أعلن الأمير نايف بن داوود نفسه أميراً على سنجار بمباركة رجال الدين ووجهاء العشائر والشخصيّات في مزار دينيّ بسنجار.
ونقل التقرير عن شخصيّة إيزيديّة نافذة في إربيل – أنّ “الخطوة تقف خلفها أحزاب كرديّة معارضة للحزب الحاكم في إربيل، فضلاً عن حزب العمال الكردستانيّ، في ظلّ صمت وموافقة ضمنيّة من بغداد”.
وأضاف أن “الخطوة الجديدة لإعلان أمير في سنجار ستمزّق الوحدة الإيزيديّة، في وقت حرج يمرّ به الإيزيديّون، وهم في حاجة ماسّة أكثر من أيّ وقت مضى إلى لمّ شملهم وتقرير القضايا المصيريّة المرتبطة بمستقبل الأقليّة التي نزح أفرادها بمعظمهم من سنجار بعد اجتياحها من قبل تنظيم “داعش”، وفي ظلّ أفق لا يتضمّن حلاًّ لعودة مستدامة لهؤلاء النازحين الذين استقرّوا في إقليم كردستان العراق”.
وفي هذا السياق، أشار هيمن فرج خيري، وهو محام إيزيديّ شاب ومن العائلة الأميريّة، إلى أنّ خطوة تنصيب الأمير حازم تحسين، وإن لم تنل رضى جميع الإيزيديّين، وهناك اعتراضات موضوعيّة عليها، إلاّ أنّها أفضل الحلول في مقابل تنصيب أكثر من أمير يهدّد وحدة الإيزيديّين وهويّتهم ويجعل منهم محطّاً لصراع وتنافس لا نهاية له.
وبغضّ النظر عن مخاوف النخب الإيزيديّة من نتائج التنافس على إمارة الإيزيديّين، فإنّ مصدر قوّة الأمير الجديد، من وجهة نظر ناشطين إيزيديّين آخرين، أنّه من العائلة الأميريّة ويسكن في سنجار، وبذلك حظي باحترام نخبها التقليديّة. ولذا، فإنّ تنصيبه يعدّ في هذا السياق ردّاً من السنجاريّين على تنصيب أمير من شيخان من دون استشارتهم. ومع ذلك، لا يمكن سوى أن نلاحظ أنّ اختياره تمّ أيضاً من قبل نخب تقليديّة وبناء على تأثيرات سياسيّة ومناطقيّة، ولم تتمّ استشارة الجيل الشاب الأصغر سنّاً، كما أشار إلى ذلك الناشط الإيزيديّ من سنجار طلال هسكاني.
ولم يكن الأمير الجديد، الأمير نايف داوود يخفي طموحه في لعب دور بمستقبل الإيزيديّين، إذ سبق له أن أعلن مع حلفاء من المسيحيّين والتركمان فكرة إقليم خاص بالأقليّات، في 5 آذار/مارس من عام 2017، وقال خلال مقابلة مع “المونيتور”: “إنّ التحالف يعدّ خطوة متقدّمة، في إطار الحلّ الدوليّ لتوفير حماية دوليّة للأقليّات في العراق، وعلى نحو إيجابيّ لرفع مستوى الحشد الشعبيّ لمكوّناتنا تجاه قضيّة عادلة ومشروعة طالما انتظرت حلاًّ مناسباً”.
وفي تطوّر جديد، أعلن أمير ثالث تنصيب نفسه أميراً على الإيزيديّين خارج العراق، إذ أعلن الأمير “أمية معاوية” عن تنصيب نفسه أميراً للإيزيديّين في المهجر ببيان وجّهه إلى الإيزيديّين المقيمين في أوروبا والمهجر بـ9 آب/أغسطس من عام 2019، وجاء فيه: “أتحمّل المسؤوليّة التاريخيّة في إقامة الإمارة الإيزيديّة بالمهجر ومقرّها ألمانيا الاتحاديّة، وإدارة شؤون الجالية الإيزيديّة والعمل على لمّ شملها والتخفيف عن آلامها وأحزانها والوقوف بجانبها في ظروفها الصعبة”.
أضاف: إنّ التنصيب جاء “بعد سلسلة من الاجتماعات والاتصالات مع النخب المثقّفة والعامّة الإيزيديّة في ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبيّ، والذين اتّفقوا بالإجماع على تنصيبي أمير الإيزيديّة في المهجر”.
وبرّر الأمير الجديد خطوته في السعي إلى توحيد الإيزيديّين بعد الإبادة في 3 آب/أغسطس من عام 2014، إذ قال البيان: “إنّ الإيزيديّين يمرّون في ظروف حرجة بعد الإبادة، كان لها أثر في إضعاف وحدتنا الإيزيديّة وشلّها وتفكّكها وما لحق بمجتمعاتنا من هجرات وأحزان وفقر”.
يضيف هذا التنافس على زعامة الإيزيديّين طبقة جديدة من الانقسام تهدّد مستقبل الأقليّة وقدرة زعاماتها على تحقيق رأي موحّد. وفضلاً عن الانقسام الجغرافيّ بين سنجار (منطقة الإبادة والتركّز الديموغرافيّ الأكبر للإيزيديّين) وشيخان (مقرّ المعبد الرئيس للإيزيديّين والمجلس الروحانيّ ومقرّ الإمارة الرسميّ)، نتيجة وجود أميرين مستقلّين على كلّ منهما، فإنّ إعلان الأمير الجديد في ألمانيا يهدّد بمزيد من التمزّق، وهذه المرّة على مستوى إيزيديّي الداخل والخارج، لا سيّما أنّ الأمير الثالث مقيم في بلد أوروبيّ يضمّ أكبر تجمّع للإيزيديّين خارج العراق، إذ يتواجد فيه أكثر من 140 ألف إيزيديّ على حدّ تقدير ناشطين إيزيديّين.
يفتح تنافس الأمراء الثلاثة صفحة جديدة من الصراع في تاريخ الأقليّة الإيزيديّة، مقترناً بمزيد من الأسئلة التي ستظلّ من دون جواب واضح، فمع وجود إمارتين للإيزيديّين: الأولى في شيخان والثانية في سنجار، فهل سيتبع النازحون الإيزيديّون لدى عودتهم إلى سنجار أمير شيخان أم أمير سنجار؟
ومع بزوغ الإمارة الثالثة في ألمانيا، يبرز وضع جديد للأقليّة، راسماً أحد الخيارات الثلاثة التالية للفرد الإيزيديّ: البقاء في إقليم كردستان، العودة إلى سنجار، والهجرة إلى المانيا. ويبدو أنّ كلّ أمير يمثّل خياراً أمام جمهور الإيزيديّين الحائر.