السيمر / فيينا / الخميس 20 . 02 . 2020 —– بالنواجذ .. يعضُ الرئيس المكلف محمد توفيق علاوي، على الظرف المغلق لتشكيلته الوزارية، فعلى الرغم من إعلانه اكتمالها، لكن أعضاءها مجهولون حتى اللحظة، في “واقعة” ربما هي الأولى من نوعها بعد عام 2003، فيما يتعلق بتشكيل الحكومات، وأوقات السجالات السياسية.
واعتاد العراقيون، في مواسم تشكيل الحكومات، على تسرب عشرات الأسماء بشأن الوزراء المحتملين والمرشحين إلى تلك المناصب، فيما كانت بعض الحكومات تُعلَن عبر وسائل الإعلام قبل نشر أسماء أعضائها بطريقة رسمية.
واعتمد علاوي في تشكيل حكومته، “خطة الشخصيات المتعددة” للوزارة الواحدة، حيث تشي المعلومات الواردة من هناك، بأنه اختار عدة شخصيات، وذلك استعداداً للطوارئ في حال رفض مجلس النواب التصويت على أحدهم، فبالإمكان تقديم الآخر، خاصة مع وجود إجراءات مثل المساءلة والعدالة، والنزاهة، وغير ذلك، وهو ما يرجح سقوط أحد الوزراء في مثل تلك الفخاخ.
ويستنهض المدونون والناشطون والمحللون، هممهم في مثل تلك الأوقات، لتحليل شخصيات الحكومات المفترض تقديمها إلى مجلس النواب، وفرز مواقفهم، والتفتيش في آرائهم، ومتبنياتهم، وتاريخهم الشخصي، والعائلي، لتقديم تصور كامل إلى الرأي العام عن الوزراء المحتملين، وقدرتهم على تولي المناصب المسنودة إليهم، وهي ممارسة “واقعية” ومطلوبة، بحسب مراقبين ومعنيين، حيث أن الراي العام أحد الأدوات المهمة في تحديد شكل الحكومة، بل والرقابة عليها، من خلال الاطلاع على السير الذاتية للوزراء، وتقييم أدائهم السابق، مع الأخذ بنظر الاعتبار التخصصات والقرب من دوائر السياسية، وغير ذلك من الاعتبارات التي تختزن في العقل الجمعي العراقي.
لكن على الجانب الآخر، تستنفر بعض وسائل التواصل، والصفحات الممولة، والناشطين غير المعروفين، للتفتيش “غير البريء” وتضخيم الأخطاء، وتهويل المواقف، الشخصية للوزراء المحتملين، وهو ما يعرقل أو يمنع بشكل كلي، وصولهم إلى تلك الوزارات، حيث تمثل فترة الانتخابات، وتشكيل الحكومات في البلاد، موسماً للتشهير والتسقيط الإعلامي، وفبركة الأفلام، وإطلاق “رزم” الاتهامات بالجملة، دون تمحيص أو تدقيق وفق الأطر السليمة.
لكن خبراء في الشأن العراقي، يرون أن عرض التشكيلة الوزارية على الرأي العام، وأخذ رأيه في أشخاصها، هو حق، ومهم، حتى في تحديد شكل تلك الحكومة، إذ أن الرأي العام هو أحد علامات النجاح والقبول ولو بشكل نسبي، ولا يمكن تجاهله، وفي أحيان يكون رأيه حاسماً، ويفرض نفسه على القرار السياسي، وهو ما حصل سابقاً في عدة وزراء، عندما رفضهم الشارع العراقي، وحال هذا الرفض دون تمريرهم.
ويعطي المحلل السياسي البارز إبراهيم الصميدعي، تفسيراً بشأن قدرة علاوي وفريقه، الاستشاري على عدم تسريب أسماء الكابينة الوزارية، بأن “التقديم هذه المرّة تم عبر علاوي نفسه، ولم تتدخل الكتل السياسية بتلك الاختيارات، لذلك تمكن من الحفاظ على أسماء كابينته حتى اللحظة، لكن في المرات السابقة، كانت الأسماء تُطرح من قبل الكتل السياسية، أو تُعرض عليها، وبالتالي يتم تسريبها إلى الشارع، لكن على رغم ذلك، هناك بعض القوى السياسية تقول إنها تمكنت من معرفة الكابينة الوزارية، عبر تسريبها”.
ويرى الصميدعي، خلال حديث صحافي أن “الأصل في الديمقراطية الشفافية، وأن تُعرض الأسماء إما على القوى السياسية أو على الرأي العام، مع أخذ الوقت الكافي للتداول فيها، فهناك بعض الوزراء تمت إجازتهم من قبل القوى السياسية والبرلمان، لكن الرأي العام حال دون تسلم مناصبهم، لاعتبارات عديدة، فمثلاً المرشحة إلى وزارة التربية السابقة، شيماء الحيّالي، والتي صوّت عليها البرلمان، لكن الرأي العام حال دون وصولها، وهذا يؤكد أن الشخص المناسب، سيكون المواطنون مؤيدين له”.
وبشأن “الابتزاز والتشهير والتسقيط” يرى الصميدعي، أن “حصولها قبل تسلم الوزراء مناصبهم أفضل من إثارتها بعد تسلم تلك المناصب، وتحوّلهم إلى مسؤولين حكوميين، وما يعقب ذلك من تأثير كبير”.
ودعا علّاوي مجلس النواب إلى الانعقاد يوم الاثنين المقبل، للتصويت على تشكيلته الوزارية، فيما كشف مصدر مطلع كواليس يوم التصويت.
وبحسب المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، فإنه “تم الاتفاق على تشكيل عدة فرق مصغّرة من هيئة المساءلة والعدالة، وممثلي القوى السياسية، والنزاهة، في ثلاث غرف، داخل مجلس النواب، للتدقيق في أسماء المرشحين، حيث من المقرر تدقيق الأسماء في هيئة المساءلة والعدالة، ثم في النزاهة، والقيود الجنائية، لترسل تلك الأسماء إلى مكتب القوى السياسية، للاتفاق عليها، ومطالعتها، ثم إرسالها إلى مجلس النواب للتصويت عليها قبل ساعات من الجلسة، حيث أن علّاوي رشّح ثلاثة أسماء لكل وزارة، لضمان تمريرها، ففي حال سقطت في أحد مطبات التدقيق، سيكون البديل جاهزاً حينها ويطرح بشكل مباشر”.
وأضاف المصدر، أن “خطة المكلف لتمرير حكومته، ستسلك التكتيك الذي اتبعه رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، وهو إجازة نصف الكابينة الوزارية، أو أكثر على أن تبقى الوزارات المختلف عليها، أو تلك التي يعتقد السنة والكرد أنها من حصتهم إلى وقت لاحق”.
وأضاف، أن “تلك الخطة تهدف إلى امتصاص الغضب السني والكردي، وغضب الشارع، حيث يعقد فريق علاوي، أن تمرير نصف الكابينة، وإبقاء وزارات أخرى، سيمنح الكتل السنية والكردية، أملاً بالحصول عليها، أو على بعضها، خاصة وأن هناك بعض الإشارات من علّاوي إلى تلك الكتل، فيما يتعلق بمسألة التشاور معها، وعدم تجاهل مطالبها ورأيها في الكابينة الجديدة”.
المصدر / سومر نيوز