الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / المبعوثة الأممية في العراق: الفشل في تشكيل حكومة لا يبعث على التفاؤل ويزيد من حالة عدم اليقين

المبعوثة الأممية في العراق: الفشل في تشكيل حكومة لا يبعث على التفاؤل ويزيد من حالة عدم اليقين

السيمر / فيينا / الاربعاء 04 . 03 . 2020 —- حذرت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس-بلاسخارت، من أن الخلافات وغياب القرار السياسي الذي يقود إلى المزيد من الشلل في اتخاذ القرارات، لا يبعث على التفاؤل على حدّ تعبيرها، ويواصل دفع العراق وشعبه نحو المجهول.

ودعت المسؤولة الأممية في إحاطة أمام مجلس الأمن في نيويورك، الثلاثاء، الأطراف العراقية إلى تغليب المصلحة العامة على المصالح الفردية من أجل النهوض بالبلد وقيام الحكومة بوظائفها كدولة طبيعية.

ويأتي انعقاد الجلسة حول العراق تزامنا مع فشل رئيس الوزراء المكلف، محمد توفيق علاوي، في تشكيل حكومة. كما أعلن قبل أيام رئيس حكومة تصريف الأعمال، عادل عبد المهدي، انسحابه من دوره قائلا إنه لن يقوم بواجباته، وداعيا البرلمان إلى الإعداد لانتخابات مبكرة في كانون الأول/ديسمبر 2020.

وأرجعت المسؤولة الأممية فشل رئيس الوزراء في تشكيل الحكومة إلى انعدام الثقة والتفكك. وقالت: “بحسب القانون لدى الرئيس الآن 15 يوما لترشيح رئيس وزراء جديد وستكون حكومته وبرنامجه بحاجة إلى دعم البرلمان. وفي حين تتواصل المشاورات السياسية، يبقى السؤال المطروح هل ستتمكن الأحزاب السياسية من إيجاد مرشح متفق عليه في هذه المدة المحدودة؟”

وأضافت أن كل ذلك يطيل أمد عدم اليقين ويشكل تحديات كبيرة وبذلك تتراجع ثقة الجمهور في الدولة أكثر فأكثر. وشددت على الحاجة إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة، مشيرة إلى أن مفوضية الانتخابات الجديدة ستحتاج لأن تمتثل لمبادئ الشفافية والمحاسبة والاستقلالية والمهنية.

5 أشهر على المظاهرات

وعرضت السيّدة هينيس-بلاسخارت آخر المستجدات المتعلقة بالمظاهرات المناهضة للفساد والمطالبة بالإصلاحات مع دخول الاحتجاجات في العراق شهرها السادس. وقالت: “أود أن أبدأ بإشارات تبعث على الأمل، فهناك أمل شعب بقي متحدا من أجل مستقبل أكثر عدالة وازدهارا. وأمل في بناء دولة ذات سيادة ترفض أن تكون ساحة حرب لصراعات لا تخصّها. وأمل في أن يجد العراق نفسه بشكل جيد في أنسب اللحظات من أجل إصلاح سياسي حقيقي ودائم منذ عقود.”

سوق في بغداد بالعراق

وأوضحت المسؤولة الأممية أنه من أجل أن تتحقق هذه الآمال ينبغي على القادة السياسيين والمجتمعات أن يضعوا مصلحة الدولة فوق كل اعتبار. وأضافت: “من المهم بمكان عدم تجميل الواقع القاسي، فالكثير من العراقيين الشجعان يواصلون دفع ثمن لا يمكن تخيّله كي تُسمع أصواتهم. هؤلاء يستحقون أن نعترف بالإساءات التي لا تطاق التي تعرضوا لها.”

وتطرقت جينين هينيس-بلاسخارت إلى القتل والاختطاف والعنف والترهيب والتهديدات، مشيرة إلى أن تلك تُعد انتهاكات لحقوق الإنسان، وشددت على مسؤولية الدولة عن سلامة وأمن مواطنيها. وأشادت بمشاركة المرأة العرقية في الحراك الشعبي، مشيرة إلى أنه أمر غير مسبوق، ويفتح فصلا جديدا في تاريخ نضال المرأة العراقية.

وقالت مسؤولة بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق، يونامي، إن تلبية مطالب الشعب تتطلب جهودا جماعية. “أشدد مرة أخرى على أنه لا يمكن لأي رئيس وزراء أن يسير بمفرده، كل طرف وقيادي سياسي مسؤول بالكامل عن استعادة ثقة الشعب في الحكومة ومؤسساتها.”

المسؤولية والمحاسبة

وركزت المسؤولة الأممية على أهمية مثول مرتكبي الانتهاكات أمام العدالة، مشددة على أن الإفلات من العقاب ينتهي عندما تبدأ المساءلة.

وقالت: “دعوني أشدد على أن العدالة والمساءلة مهمّتان بمكان خاصّة للعراقيين الذين فقدوا أحباءهم بسبب تعبيرهم عن سخطهم على الوضع الاقتصادي الصعب ومطالبتهم بتحسين الحيّز الاجتماعي والسياسي.”

وقالت: “إن أوقات الأزمات تشكل فرص، وأنا فعلا آمل في أن يغتنم القادة العراقيون هذه الفرصة في هذه اللحظة التي نقف فيها على مفترق طرق. إما أن يقفوا مكتوفي الأيدي أو يضعوا أنفسهم في خدمة أبناء وبنات بلدهم. ولكن يجب أن أقول إن نافذة الفرصة الحرجة تضيق بسرعة.”

واقع مرير في العراق

وأوضحت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق أن المشهد الأمني معقد، ومليء بالتحديات وثمّة “كيانات مسلحة” ذات انتماءات غير واضحة. وقالت “نرى مجموعات وأفرادا يستغلون المظاهرات السلمية والقوات الأمنية كغطاء لهم، مما يساهم في تفاقم المشكلات وتضليل الشعب وإلحاق الأذى بمصالح الدولة، فيلتبس المشهد.”

ودعت إلى تفكيك أو إدماج هذه الكيانات المسلحة، تحت سيطرة الدولة دون تأخير، مشددة على أن ذلك لا يجب أن يشكل عذرا للتقاعس السياسي أو الحكومي.

آفة الفساد

وقالت إن الفساد ربما يكون أكبر مصدر للخلل في العراق، إضافة إلى المحسوبية التي تخدم الساسة أكثر من الشعب.

ودعت إلى الحاجة إلى إصلاح النظام كي يحصل الرجال والنساء على حياة أكثر ازدهارا. وقالت: “العراق بلد فقير، ولكن المصالح الخاصة والحزبية تتآمر لتحويل الموارد بعيدا عن الاستثمار المهم للمضي قدما.”

وأشارت إلى وجود عوامل خارجية تلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الوطني، إلا أن ثمّة عوامل داخلية بالإمكان السيطرة عليها، كالتقليل من البيروقراطية وتعزيز الحكم الرشيد ومحاربة الفساد.

الإرهاب

وفيما يتعلق بالتطرف العنيف، أكدت المسؤولة الأممية أمام مجلس الأمن أهمية عدم تجاهل هذا التهديد. وقالت “في حين هُزم داعش على الأرض، واصل خلال الشهرين الماضيين محاولاته زيادة عملياته العسكرية في شمال شرق ديالى شمالي بغداد وغربي العراق.” وأضافت أنه لا يجب السماح لداعش بالبروز من جديد وإعادة التجنيد.

وشددت في ختام بيانها على أن “إطفاء الحرائق ليس استراتيجية، إذ يجب على العراق أن ينتقل من إدارة الأزمات إلى انتهاج سياسات أكثر استقرارا واستدامة، وبناء المرونة عبر إصلاح نظامي واسع وعميق. وكما نعلم جميعا، القوة في الداخل شرط أساسي للقوة في الخارج.”

مندوب العراق: خطوات لتلبية مطالب المحتجين

مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، يتحدث أمام مجلس الأمن

من جانبه، أكد مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، أن المتظاهرين نجحوا بإيصال أصواتهم إلى الحكومة والأوساط السياسية والدينية والمجتمعية على حدّ سواء.

وقال في إحاطته أمام مجلس الأمن إن المشاورات السياسية عُقدت في الأشهر القليلة الماضية تلبية لمطالب المتظاهرين المشروعة في إنجاز الإصلاحات المنشودة.

وأضاف: “بناء على ذلك كلف الرئيس برهم صالح بتاريخ الأول من شباط/فبراير 2020 السيد محمد توفيق علاوي بتشكيل حكومة جديدة في العراق، واعتذر الأخير برسالة وجهت للسيد رئيس الجمهورية في الأول من آذار/مارس 2020 عن تكليفه بتشكيل الحكومة. الأمر الذي يستوجب قيام السيد رئيس الجمهورية بتكليف مرشح آخر لتشكيل الحكومة وفق الأحكام والمدد التي حددها الدستور.”

وقد تم إقرار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في 5 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وتم انتخاب سبعة من القضاة ومستشارين اثنين لمجلس المفوضين للمفوضية العليا للانتخابات، كما تم إقرار قانون الانتخابات مجلس النواب نهاية العام الماضي الذي خفض سن الترشح من 30 إلى 25 عاما ويضمن مشاركة أوسع لفئة الشباب.

وأشار المندوب العراقي إلى تطلع بلاده إلى دور مهم للمجتمع الدولي في مساعدة العراق على إتمام الانتخابات المقبلة من خلال تقديم المساعدة التقنية اللازمة.  ودعا الأمم المتحدة إلى توفير كافة الإمكانات الفنية الضرورية لإنجاح الانتخابات المقبلة وفق الولاية المناطة ببعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق.

تسليم عائلات داعش

وأكد السيّد محمد حسين بحر العلوم على أن وجود بقايا داعش لا يزال يشكل شاغلا وتهديدا لأمن العراق. وأضاف أن بلاده لا تزال بحاجة إلى مساعدة في مجالات التدريب العسكري والتكنولوجيا المتطورة والأسلحة الضرورية لمحاربة داعش.

 وفيما يتعلق بإعادة عوائل عناصر داعش، قال المندوب العراقي: “أتقدم بالشكر إلى تركيا وروسيا وطاجكستان وأذربيجان وألمانيا وفرنسا والسويد وجورجيا وبلاروسيا وأوكرانيا والجزائر وأوزباكستان على استجابتها للطلب المقدم لاستلام رعاياها من تنظيم داعش وما مجموعه 828 مرحلا.”

وشدد على أن دعم المجتمع الدولي مهم، وقال في ختام كلمته: “إن الأمن الدولي ينطلق من إرساء قواعد الأمن الداخلي لكل دولة في هذا العالم.”

اترك تعليقاً