السيمر / فيينا / السبت 28 . 03 . 2020 —- في التقويم الصيني، يصادف 20 آذار/مارس، موعد حلول فصل الربيع، الذي طال انتظاره هذا العام، خاصة في مقاطعة هوبي بوسط الصين، وهي المنطقة الأكثر تضررا من تفشي مرض كوفيد-19 منذ كانون الثاني/يناير الماضي.
في 18 آذارا/مارس، لم تبلغ مقاطعة هوبي عن أي حالات إصابة جديدة، وفي غضون ذلك، بدأ أكثر من 42 ألف طبيب يعملون في الخطوط الأمامية في العودة إلى ديارهم.
أجرى الزملاء في القسم الصيني لأخبار الأمم المتحدة مقابلة مع أحد هؤلاء الأطباء اسمه شيانغ لو، تم إرساله إلى مدينة هوانغشي على رأس بعثة طبية، حيث أفاد بمرور خمسة أيام منذ أن تم الإبلاغ عن صفر حالة في ووهان. وأضاف:
“الأخبار الجيدة تأتي تدريجيا من البلاد إلى مدن في مقاطعة هوبي ثم إلى ووهان. تجاوز معدل الاستشفاء في هوانغشي 96% الآن. لا يوجد سوى 4 مرضى في المستشفى، بالنسبة لنا نحن الأطباء، وخاصة أولئك الذين قاتلوا في الخط الأمامي، شعرنا بارتياح شديد، وفرح يتجاوز الكلمات. بالطبع، هذا يعني أيضا أن وقت العودة إلى المنزل قد حان.”
شيانغ لو وفريقه الطبي مع أحد المرضى الذين تماثلوا للشفاء.
منذ اندلاع الفيروس التاجي في مقاطعة هوبي، في نهاية كانون الثاني/يناير، تم إرسال 346 فريقا طبيا من 29 مقاطعة في الصين إلى مقاطعة هوبي للمساهمة، مع العاملين الطبيين المحليين، في إنقاذ الأرواح.
تلقى مستشفى Yifu التابع لجامعة Nanjing الطبية، والذي يشرف عليه الطبيب شيانغ، إخطارا لتجهيز فريق للذهاب في المهمة، في 24 كانون الثاني/يناير، عشية رأس السنة الصينية الجديدة، وهو أهم وقت خلال العام، حيث كان الجميع يهم بالعودة إلى الوطن للاحتفال مع العائلة. يقول شيانغ:
“وصلنا الإخطار، في 24 كانون الثاني/يناير، لإرسال فرق طبية للمشاركة في مهمة دعم الناس في ووهان. في 25 كانون الثاني/يناير، تم إرسال الدفعة الأولى من الموظفين الطبيين من مستشفانا، وكان الطاقم مكونا من 6 أفراد (أطباء وممرضين)، معظمهم يعملون في وحدة العناية المركزة.”
تجهيز كتيبة طبية بين عشية وضحاها
بعد إنهاء ثلاث بعثات، أدرك شيانغ أن دوره قد جاء الآن. مع أكثر من 30 عاما من الخبرة، كان شيانغ حريصا على المساهمة في الخط الأمامي، لكن شدة الوباء واتساع رقعته كان أيضا مخيفا. أخيرا تلقى شيانغ مكالمة هاتفية تطلب منه الذهاب في مهمة إلى ووهان في 10 شباط/فبراير. وقد انتابه شعور مختلط بين التوتر والثقة.
“أبلغت في صباح ذلك اليوم أنني سأقود فريقا إلى مدينة هوانغشي. في أقل من 24 ساعة، اضطررت إلى تشكيل فريق طبي مؤقت، مكون من 310 أشخاص من 12 مستشفى. لقد كان الضغط علي كبير حقا. لم أكن على معرفة ببعض أفراد الطاقم الطبي، ولم أكن على دراية بـمدينة هوانغشي. ولكني شعرت بأن خبرتي في الإدارة لمدة 20 عاما، وفي الطب لأكثر من 30 عاما ستكون مفيدة عندما يتعلق الأمر بالقتال في الخط الأمامي. جميع الأشخاص في البعثة كانوا على استعداد تام للمشاركة في هذه المعركة.”
بعثة جيانغسو الطبية في المطار للتوجه إلى مقاطعة هوبي.
كيف تخوض حربا بدون أسلحة؟
11 شباط/فبراير، منتصف الليل، وصل الفريق الطبي إلى هوانغشي، في وقت كان الوباء في المدينة على وشك بلوغ ذروته. وكانت المستشفيات المحلية الثمانية مكتظة بالمرضى. وعن ذلك يقول شيانغ:
“كان عدد السكان المرضى في المدينة 1015 شخصا، وعند وصولنا كان هناك ما يقرب من 800 مريض، من بينهم حوالي 100 مريض في حالة حرجة. الطاقم الطبي أصبح متعبا للغاية، وكان هناك نقص شديد في المواد الواقية. من الواضح أن فريقنا الطبي وصل في أصعب الأوقات وأشد فترات المعركة. كان الأمر صعبا حقا. كانت الظروف سيئة، واعتقدنا أنه لا سبيل لخوض هذه المعركة في ظل عدم امتلاكنا الأسلحة المناسبة.”
في الأسبوعين الأولين بعد وصوله إلى هوانغشي، عمل شيانغ لو وفريقه لما يقارب 20 ساعة كل يوم. لم يكن هناك وقت لتناول الطعام، ناهيك عن الاتصال بأسرهم. قام شيانغ بتجديد المستشفى لزيادة عدد الأسرّة، وركز المرضى، الذين يعانون من حالات حرجة، في أحد أفضل المستشفيات تجهيزا، بل وعمل نجارا مؤقتا، حيث قام، بين عشية وضحاها، بتحويل الأجنحة العامة إلى عنابر وحدة العناية المركزة طبقا للمعايير الوطنية.
قال شيانغ إن المرض ليس له علاج حتى الآن. لكنه قال إنه لا يزال يشهد العديد من الحالات المشجعة. فعلى سبيل المثال، تعافى مريض يبلغ من العمر 93 عاما كان في حالة حرجة. فيما تماثل مريض آخر للشفاء بعد جولتين من استخدام جهاز التنفس الصناعي. لذلك، قال إن مفتاح العلاج هو التشخيص وطلب العلاج في أقرب وقت ممكن.
الأطباء لا يخشون المصاعب، لكنهم يخشون سوء الفهم
شيانغ لو في مناقشة مع الأطباء المتخصصين الذين تم إرسالهم إلى هوانغشي، هوبي لإنقاذ الأرواح خلال تفشي COVID-19.
من الإحباط والعجز إلى العلاج الناجح لـ 96% من المرضى، قال شيانغ لو إن الدعم والفهم من جميع قطاعات المجتمع والمنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، قد جلب ثقة كبيرة وتشجيعا للموظفين الطبيين في الخطوط الأمامية.
وأضاف أن هذه المنظمات الدولية فهمت الصين ودعمتها، خاصة عندما أجرت محادثات مع الرئيس الصيني شي جينغ بينغ وأرسلت بعثات تقييم إلى ووهان، حيث أجرت تقييمات موضوعية لمحاربة الصين للوباء واتخاذ قرارات صحيحة. وقال الدكتور لو إن هذا يظهر قدرا كبيرا من التضامن والدعم. كأطباء، نحن لا نخاف من المصاعب أو الإرهاق. “لكننا نأمل في أن يتمكن الناس من فهمنا بالطريقة الصحيحة، خاصة في الأوقات الصعبة.”
بعد أكثر من شهر من العمل الشاق، انخفض عدد الحالات الجديدة في هوبي إلى حد كبير، وهو أمر يبعث على السرور الشديد بالنسبة لشيانغ لو. ولكن كقائد، قال إن الأهم من ذلك كله هو عدم إصابة أي من أفراد طاقمه الطبي الـ 310 الذين كانوا معه في المهمة.
Provided by Lu Xiangرسالة شكر من المرضى إلى الطبيب لو شيانغ الذي تم إرساله إلى هوانغشي، هوبي.
لنواجه الجائحة: لا داعي للذعر!
في مواجهة الوباء العالمي، شدد الدكتور شيانغ لو على أن معدل وفيات الالتهاب الرئوي التاجي في معظم البلدان يجب أن يكون هو نفسه تقريبا، داعيا الجميع مرارا إلى عدم الذعر:
“ذات مرة، زاد عدد الحالات الجديدة، فجأة، في ووهان، لأن المرضى أصيبوا بالذعر وتوافدوا إلى المستشفى، وبالتالي تسببوا في انتقال العدوى. آمل أن تولي جميع البلدان والمستشفيات أهمية للوقاية من العدوى المتقاطعة ومكافحتها في المستشفيات. هذه أهم تجربة أريد مشاركتها. ونصيحة أخرى هي عدم السفر إلى مكان آخر بالقطار أو الطائرة بسبب الذعر أو زيادة المرضى في مكان واحد. السفر بالطائرة أو القطار نفسه محفوف بالكثير من المخاطر. مدينتنا كبيرة ويجب أن يكون هناك مساحة كافية لتجنب الاتصال بالآخرين. لذلك، أوصي بعدم السفر لمسافات طويلة في ذروة الجائحة.”
الأسبوع المقبل، سيكمل الفريق الطبي مهمته ويعود إلى المنزل. ومع حلول فصل الربيع، دعونا نأمل في أن يتمكن أطباء الخط الأمامي في الصين وقصصهم من جلب بعض الأمل والراحة للعالم الذي يعاني من فداحة انتشار فيروس كورونا.
عبارات الشكر من المرضى للطبيب شيانغ لو الذي تم إرساله إلى هوانغشي، هوبي.
اخبار الامم المتحدة