وداد عبد الزهرة فاخر*
دعونا نكون صريحين ونتحدث بكل جدية وثقة بعيدا عن التهريج الاعلامي ، والديماغوجية السياسية ، وتهويل الامور بمجملها . فكل ما يراد من عملية الاصلاح يجب ان تكون عملية اصلاح جذرية وليست عملية فوقية لا تغني ولا تسمن من جوع . فما هو موجود على ارض الواقع اخطاء متراكمة في كل مفاصل الدولة بدءا من كتابة الدستور وصولا لعملية التحاصص القومي والطائفي ، حتى السكوت على كل الاخطاء والسرقات والرشاوى ونهب المال العام ان كان بصور وطرق الاحتيال او بواسطة قوانين سنها البرلمان لصالحه وفق عملية نهب مبرمجة لخزينة الدولة .
والطفيليات العالقة باي جسد بيئي او عضوي يجب مكافحتها بالطرق العلمية السليمة ، وليس عن طريق الدعاء والتمني ، وبعض الحلول الترقيعية ، والالتجاء مجددا للجسد الميت المسمى بالبرلمان ، وايجاد حلول جزئية غير حقيقية لمشكلة طال امدها وسلم وطن بقضه وقضيضه بايد غير امينه .
وما تريده الجماهير المنتفضة يجب ان لا يوضع بسلة يحملها متهم تسلم البرلمان وفق المحاصصة القومية والطائفية المباركة امريكيا ، بعدة تهم اسقطها ” قضاء ” المتحاصصون عنه بغية تقاسم السلطة التي يباركها دائما اليانكي الامريكي ، ويبقى الدين لصقة جونسون التي لصقها بسياسيي العراق الجدد سئ الذكر بول بريمر الحاكم المدني الامريكي لعراق مابعد سقوط الفاشست البعثيين ، واصبحت الطائفية العلامة الفارقة لها .
وتبقى كل تعاليم المرجعية حبرا على ورق ، وتعمل احيانا كحبة اسبرين مسكنة اذا ما ظلت المرجعية بقوتها وعظمتها تخاطب الجماهير من وراء ستار عازل بواسطة الوكلاء . بينما كان المرحوم السيد الخميني يقول ويفعل مباشرة عندما يخاطب الجماهير ، وتفعل كلمته فعل الصاروخ الموجه نحو العدو . وعدو الجماهير العراقية واحد ومعروف هو العدو الطبقي الطائفي المدعوم امريكيا واقليميا من تركيا والسعودية .
ولا اعتقد ان ساحة آزادي بطهران اكثر قوة وتاثيرا وفعالية من ساحة التحرير رغم تقارب معنيي الاسمين ، ولكن لفعل الكلمة المباشرة قوتها وجاذبيتها فهل تفعلها المرجعية وتخرج على الجماهير مجلجلة بصوتها الذي يخيف ويرهب اللصوص وسارقي قوت الشعب ، كما فعلها من قبل روح الله الموسوي الخميني على غرار ثوار الشعوب وائمتهم المناضلين ، غاندي ولينين ، وكاسترو، وجيفارا وهوغيز وغيرهم ؟؟! .
فالعراق ومنذ أكثر من اربع عقود تقريبا يتعرض لعمليات تخريب وتشويه ، ونهب وسلب ، وحصار بطرق مختلفة ، ناهيكم عن الحروب العبثية التي اشعلها النظام البعثي المنهار، مما ادى لتشويه المجتمع ، وتخريب عقول أبناءه واشاعة الرشوة والسرقة والفساد المالي ، والاداري ، والاخلاقي بعيدا عن القيم والاخلاق العراقية الاصيلة .
فقد استطاعت تربية البعث الفاشي خلق روح من اللاابالية ، وتشويه البنية الاجتماعية ، وتدمير للزراعة والصناعة التكميلية ، وغياب تام للحرفيين والصناع والمبدعين بمجالات عدة .
واستكملت هذه التربية السيئة بالاحتلال الامريكي وقرارات الحاكم المدني الامريكي بريمر التي زادت من اعباء المواطن العراقي وخلقت من جديد بعد سقوط جلاوزة واذناب البعث طبقة حاكمة جديدة تسلق معظمهم اكتاف الجماهير ، او التحق بموجب وصايا البعث عند سقوطه بالاحزاب الدينية الطائفية من سنية وشيعية . واصبح الدين الضوء الاخضر الذي انار دروب المناصب والمال لهؤلاء السياسيين الجدد ممن أهَله الاحتلال لتبوء مناصب عليا في الدولة الجديدة وفق المحاصصة القومية والطائفية من عرب واكراد وسنة وشيعة وبقية اللوكية والحرامية ولصوص المال وتجار السياسة ، وجلهم من بقايا البعث المنهار وازلامه واذنابه .
وبعد ان كانت جميع الخدمات تكاد تصل لدرجة الصفر في النظام الدكتاتوري البائد ، ساعدت الحرب الطائفية التي اشعلها بقايا البعث من خارج العملية السياسية ومن داخلها ، متظافرين مع الارهاب القادم من خارج الحدود وبتشجيع وترتيب امريكي لوصول بعضها لدرجة ما تحت الصفر . وعند الحديث عن الارهاب يجب ان لا نغفل الرديف الاساسي له وهو الفساد ، وتهريب الاموال ، وتجارة السلاح والمخدرات فهم كل لا يتجزأ مطلقا .
واصبح كل غير متوقع متوقعا ، وسادت الفوضى الادارية ، والامنية وفقد المواطن ابسط شروط الامان في بلد يعج بأمنيين لا يعرف البعض منهم تفسير معنى كلمة امن ، أو ان الامن يسلم بايدي غير امينة من بقايا ضباط النظام السابق الذين سهلوا مرور الارهابيين ، وهَربَ بعضهم السجناء من سجونهم بمختلف الطرق والوسائل ، وتدنى حتى مستوى القضاء بحيث يحكم قاضي بالرأفة بعوائل ارهابيين ويبعد رقابهم عن مقصلة الاعدام .
لذلك تبقى الحاجة ماسة جدا لحل مجلس النواب الحالي أس البلاء وعامل الفساد الرئيسي مع الغاء كافة القوانين التي اصدرها لصالحه وصالح حيتان السياسة الذين يهيمنون على السلطة المتحاصصة فيما بينهم . وخاصة قانون تقاعد الدرجات الخاصة الذي ينتفع منه معظم الارهابيين الذين يعيشون خارج الوطن ممن كان اما شريكا في السلطة او من ضمن نواب المجلس السابقين . هذا البرلمان المتوزع الولاء بين دول الاقليم قاطبة ويؤمر بالعمل دائما ضد الشعب.
وبدا ضيم جديد اسمه اقليم كردستان الذي أكل بقية الاخضر ولم يترك للجماهير حتى اليابس ، لذلك يجب وضع حد لكل التجاوزات المالية ، او السياسية ، وتخيير الاكراد بين الانفصال ضمن حق تقرير المصير للشعب الكردي بعد اجراء استفتاء عام ، او عودة الاقليم لسلطة الحكومة الاتحادية ، وضمن الدستور العراقي هو ومن يتبعه من بيشمركه وشرطة وقوات امنية مختلفة . والا ما معنى وجود ” اقليم ” منفصل كليا بسياسته الداخلية والامنية والخارجية عن سياسة ودستور الدولة الاتحادية كليا ، ولكن من طرف اخر يستنزف خزينة الدولة من خلال ازدواجية السلطة واستحصال كل الضرائب والرسوم والمكوس ورسوم تجارة الترانزيت ، والموانئ الجوية ونقاط العبور الحدودية ، مضافا لكل هذه الاموال اموال تهريب النفط ، وبعد ذلك يحصل الاقليم على 17% من ميزانية العراق . فأي قسمة هذه اذا لم تكن قسمة ضيزى؟ .
وفوق كل ذلك اصبح الاقليم سكينا بخاصرة الوطن المتعدد الجراح ، بعد ان اصبح بقدرة قادر مأوى لكل من كان يحرض ويجهز ويجييش فرسان صلاح الدين وفرسان الوليد لابادة الشعب الكردي . وابناء ، وابناء عم من استعملوا الكيمياوي ، وابادوا فقراء الاكراد وفلاحيهم البسطاءفي حلبجة والانفال.
ولحل سريع وجذري للازمة العراقية التي يطحنها الفساد المالي والادراري من جهة والحرب الارهابية من جهة اخرى يتوجب ، اعلان حالة الطوارئ للظرف الحربي القائم ، وتعاظم الارهاب وضرورة مكافحتة وفق قانون للطوارئ ، وفرض الاحكام العرفية ، وحل مجالس المحافظات وتعيين محافظين بصورة مركزية نظرا للظروف الامنية الراهنة . وسن قانون جديد للخدمة العسكرية الاجبارية مع صرف النظر عن كل ما تحدث عنه من حرس وطني وما الى ذلك من الخزعبلات .
ووضع كفة الامن راجحة على كل الامور ، والاسراع باصدار البطاقة الوطنية التي يجب ان تكون دليلا للقوى الامنية والاستخبارية للاستدلال على أي مخالف او مجرم او ارهابي او كل من يخل بالامن والقانون .
وتشكيل هيئة نيابية تتابع عمل جميع المسؤولين الحكوميين الكبار منهم من حيث المساءلة والعدالة والنزاهة وتدقيق القيود الجنائية لكل شخص, ومراجعة جميع الوزراء والوكلاء والمدراء العامين ، ودراسة وتقييم ادائهم الحكومي بما يتناسب مع كفائتهم العلمية والادارية .
ومحاسبة كل السياسيين ممن اتصل بالاجنبي أي كانت مكانتة ، وتقديمهم للمحاكم بتهمة الخيانة الوطنية ، وجرد ممتلكات كل السياسيين والوزراء والنواب وفق قانون من أين لك هذا ؟ .
أما تجزئة المطاليب الجماهيرية ، والعودة من جديد للاعتماد على مجلس نواب فاسد ومتفكك ومتجزء بين قوى واحزاب غير متماسكة ولا متوادة ، معناه ان هناك تمييع لكل المطالب ، والضحك على ذقون المنتفضين ، بين لجان وقرارات مجلس النواب ودهاليزه المختلفة واعضاءه الذين لا يتواجد معظمهم حتى داخل الوطن ، وليس داخل قاعته .
واختيار شخصية وطنية تاريخية لرئاسة الجمهورية ياخذ على عاتقه الاسراع بالتوقيع على كافة احكام الاعدام الصادرة من المحاكم العراقية واخلاء سبيل الرئيس الموجود الذي لا حول له ولا قوة هو ومن حواليه ، لان زمننا زمن القوة والحزم ، لا زمن كبار السن والمتقاعدين الذين يجب ان تكون مقاهي بغداد مقرا لجلساتهم وسمرهم ، او دور العجزة وكبار السن .
ووضع حد لتدخل اشخاص لا موقع سياسي او اداري لهم في العملية السياسية فقط لكونهم يحملون ارثا عائليا باسم الدين والطائفة ، والغاء كل الامتيازات التي خصصت لهم والتي تكلف الخزينة شهريا مليارات الدنانير العراقية ، وتعتبر سرقات بوضح النهار مما يدفع لحماياتهم وجلاوزتهم والمصفقين لهم ، واسترجاع كافة الاراضي والمساكن التي استولوا عليها بغير وجه حق من اراض وعقارات تتبع ازلام العهد المباد ، واعادتها تحت حماية وصاية الدولة كاموال مجمدة حتى تتم احقية عائديتها وفق القوانين المرعية لاصحابها الحقيقيين . بدءا من رئيس الجمهورية ، ومرورا بما استولى عليه عمار الحكيم وبقية المسؤولين في الدولة من عقار واراض داخل المنطقة الخضراء .
أما غير ذلك فمجرد هراء وضحك على ذقون الجماهير المنتفضة لكسب الوقت ، لان العمل الجدي الحاسم والسريع هو الفيصل في كل ما يشغل اذهان وعقول الجماهير. وبعد ذلك ما على الجماهير الا تفعيل انتفاضتها ، والسير بكل ثقة وثبات لتنفيذ كافة مطالبها وفق الحق الجماهيري المشروع .
* شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج
www.alsaymar.org
alsaymarnews@gmail.com