متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية — مع اتخاذ الحكومة السعودية المتحالفة مع المؤسسة الدينية الوهابية التكفيرية، خطوة جديدة، نحو اعدام الشيخ ورجل الدين السعودي نمر النمر، ترتفع الأصوات في داخل العراق المطالبة، للحكومة العراقية باتخاذ موقف واضح وصريح من القضية وإدانة التوجهات السعودية التي تضطهد في مجملها، الشيعة في بلاد نجد والحجاز.
وتذهب المطالبات الى إيقاف إجراءات فتح السفارة السعودية وسحب السفير العراقي من السعودية.
والمراقب للعلاقات العراقية السعودية، يلاحظ ان العراق يضع نفسه في موضع المتوسل لإعادة العلاقات مقابل جفاء وتعنت من الجانب السعودي يصاحبه فرض شروط وإملاءات، شكلت أذلالا للدولة العراقية التي لم تشهد موقفا ضعيفا في تاريخها كهذا الذي عليه اليوم في علاقاتها مع الدول الخليجية التي كانت منذ تأسيس الدولة العراقية، تدور في فلك النفوذ العراقي، ولا تجرأ على طرح نفسها ندا بنفس المستوى من القوة والهيبة.
وتعتقد مصادر سياسية، حاورتها “المسلة” انه مثلما أبدت دول مثل ايران، موقفا قويا تجاه السعي الى اعدام الشيخ النمر فان على الحكومة العراقية ان تفعل ذات الموقف، لاسيما وان السعودية باتت تلعب على المكشوف في دعمها لجماعات وأحزاب في العراق تنفذ سياساتها ومخططاتها داخل البلاد.
ويقول مصدر على اطلاع بكوليس السياسية العراقية، ان العراق في السنة الأخيرة بات اسبه بالتابع الى السعودية، ويبدي استجابة مذلة لشروط السعودية لفتح سفارتها في بغداد، في إهانة غير مقبولة للدولة العراقية.
وقال المصدر المطلع ان السياسيين العراقيين الشيعة يعرفون بالأسماء أولئك السياسيين الذي يتلقون المساعدات المالية من آل سعود، مثلما يدركون جيدا كيف ان السعودية مثلما قطر، دعمت جماعات مسلحة، ولاتزال تدعمها إلى الآن عبر قنوات سرية وعلنية.
إلى ذلك، دعا سياسي عراقي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، السفير العراقي في الرياض، إلى إعلان موقف العراق الرافض لسياسة السعودية سواء من ناحية إعدام الشيخ النمر أو السياسة السعودية المنافقة تجاه العراق بشكل عام، لا ان يجلس في الرياض ويجامل المآرب السعودية.
لقد أذلّ العراق نفسه بحسب المصادر التي استطلعت “المسلة” أراءها، حين ماطلت السعودية في فتح سفراتها وكأنها سفارة
“دولة كبرى”، ستنقذ العراق مما هو فيه، فيما المتوقع انه لو تم فتح السفارة فسوف تتحول إلى وكر للسياسيين الدواعش والتكفيريين من رجال الدين الموالين للسعودية.
ومنذ إنشاء المملكة العربية السعودية في القرن الثامن عشر، سار الحلف بين الوهابية السلفية وبين الأسرة السعودية، على سكة متوازنة أتاح بناء دولة بفكر مجتمعي متطرف، ما جعل من السعودية نموذجا للدولة الأصولية الإسلامية، سيكون المستقبل فيها للحكم الإسلامي المتطرف في اللحظة التي يضعف فيه دور العائلة المالكة السعودية وهو ما يجعل النظام السعودي يحارب كل أنواع الإسلام السياسي، ويسعى إلى نقل أجندته إلى خارج البلاد، لإبقاء “الجهاديين” السعوديين في حالة انشغال دائم.
وعلى صعيد، ضرورة الموقف من اعدام الشيخ النمر، فان العراقيين يتحسّسون بشكل خاص من هذا الأجراء الدموي التعسفي
لأنه يذكّرهم بإعدام الدكتاتور صدام للمئات من رجال الدين العراقيين لمواقفهم المناهضة لتسلط البعث ونظامه.
وكانت المحكمة الجزائية بالرياض قضت، بالقتل تعزيراً على عالم الدين آية الله الشيخ نمر النمر على خلفية اتهامات له بالاساءة للسلطة الحاكمة والتحريض والاصطدام بدورية شرطة والمشاركة في الاحتجاجات ودعم الثورة في البحرين ودعوته الى اعادة تشييد قبور البقيع.
واعتقل الشيخ النمر في الثامن من تموز/يوليو 2012 اثر مطاردته من قبل القوات الأمنية وإصابته برصاصة في الفخذ.
وآية الله الشيخ نمر باقر النمر، شخصية دينية وسياسية سعودية، عرف بحراكه السلمي الجريء المشفوع بالمنطق والايمان والدفاع عن المظلومين والمحرومين، وهو اليوم يدفع ضريبة معارضته ومجاهرته وانتقاده للحكم السعودي.
ميلاده ونسبه:
ولد سماحة آية الله الشيخ نمر باقر النمر بمنطقة العوامية – وهي إحدى مدن محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية – عام 1379 هـ، وهو ينتمي إلى عائلة رفيعة القدر في المنطقة، برز فيها علماء أفذاذ أبرزهم آية الله الشيخ محمد بن ناصر آل نمر، وخطباء حسينيون كجده من أبيه: الحاج علي بن ناصر آل نمر المدفون إلى جانب أخيه الشيخ محمد بن نمر بمقبرة العوامية.
دراسته ورحلته لطلب العلوم الدينية:
بدأ دراسته النظامية في مدينة العوامية إلى أن انتهى إلى المرحلة الثانوية؛ ثم هاجر إلى إيران طلباً للعلوم الدينية في عام 1399 -1400 هـ، فالتحق بحوزة الإمام القائم (عج) العلمية التي تأسست في نفس سنة هجرته لطهران، والتي انتقلت بعد عشر سنوات تقريباً إلى منطقة السيدة زينب(ع) بسوريا.
وتتلمذ على يد اساتذة بارزين مثل السيد محمد تقي المدرسي والسيد عباس المدرسي والشيخ الخاقاني في سوريا والشيخ صاحب الصادق في طهران والشيخ وحيد الأفغاني.
وبعد حصوله على مرتبة الاجتهاد شرع في تدريس العلوم الدينية الى جانب العمل الرسالي. وقد تخرجت على يديه ثلة من العلماء الأفاضل الذين مارسوا ويمارسون الأدوار الدينية والاجتماعية والقيادية في مجتمعاتهم.
من سماته:
يتمتع سماحته بخلق رفيع وقوة في تمسكه بمبادئ وقيم الدين الحنيف وتبلورت عملياً في مسيرته الفكرية والجهادية.. كما ويتمتع سماحته بنظرة ثاقبة في المستجدات الواقعة، وبرؤية تحليلية دقيقة وموضوعية لمجريات الواقع الاجتماعي والسياسي بما لديه من ثقافة غزيرة ومتنوعة.
نشاطاته ومشاريعه:
له العديد من النشاطات والمشاريع التي أثر بها على الساحة المحلية والإقليمية بالذات، وكان لبعضها تأثيراً ملحوظاً سواءً على المستوى الديني أو الفكري أو الاجتماعي والسياسي؛ منها: العمل على التوعية الدينية والرشد الفكري في منطقة العوامية عبر اقامة صلاة الجماعة والجمعة واسهام المراة واستثمار طاقاتها في المجالين الديني والاجتماعي والقاء المحاضرات الرسالية واقامة الندوات الدينية والعلمية في المنطقة وخارجها وكتابة ونشر الابحاث والمقالات وانشاء الحوزات العلمية.
بعد دعواته المكررة لاعادة بناء “بقيع الغرقد” بالمدينة المنورة وما تلاها من استدعاءات للشرطة وتضييقات قدم في عام 1428 هـ لنائب أمير المنطقة الشرقية عريضة نموذجية غير مسبوقة تجسد المطالب الشيعية في المملكة، وقد أثنى على هذه المطالب المعارض السعودي “السني” سعد الفقيه، بالرغم من أنه كان يحرض الحكومة في ثنايا مدحه، ويدين علماء السنة ويلفتهم للتعلم من الشيخ نمر كيفية المطالبة وفي أي أمر يطالبون به.
في محرم عام 1429 هـ نادى بتشكيل (جبهة المعارضة الرشيدة)، والتي من وظيفتها ومسؤولياتها – حسب ما ورد في محاضرته تلك – معارضة الفساد الاجتماعي والكهنوت الديني والظلم السياسي الواقع على المواطنين من اتباع أهل البيت عليهم السلام في السعودية.
في عام 2011 مع سقوط نظامي تونس ومصر ومع بداية الثورة البحرينية كسر آية الله النمر الحظر الرسمي الذي فرضته السلطات السعودية على ممارسته للخطابة والتدريس منذ أغسطس 2008 مستفيداً أحداث ما عرف بالربيع العربي، إذ استهل خطاباته بالحديث عن الحرية السياسية ومحوريتها في التغيير السياسي.
وفي ظل المناخ السياسي الذي عايشته المنطقة مع بداية 2011 نظمت مجاميع شبابية في القطيف عدة مسيرات للمطالبة بالإفراج عن تسعة سجناء مضى على اعتقالهم في حينها ستة عشراً عاماً وقد عرفوا بالسجناء المنسيين.
ومع دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين اتسعت رقعة الحراك والاحتجاجات في القطيف فقابلتها السلطة باعتقال المئات من الشباب بتهمة ارتباطهم بالاحتجاجات وقد تصدى آية الله النمر بكل قوة للدفاع عن حق جماهير الشعب في الاحتجاج والتعبير عن الرأي.
وعندما كادت المنطقة على وشك الانزلاق إلى لغة العنف وكانت القوات الأمنية تتهيأ لشن حملة قمعية – معدة سلفاً – على شباب الحراك في العوامية، كانت كلمة الفصل لآية الله النمر الذي دعا فيها شباب الحراك إلى عدم التظاهر في تلك الليلة خاصةً حمايةً لهم ولإفشال مخطط القوات الأمنية مؤكداً في خطابه التاريخي سلمية الحراك إذ دعا شباب الحراك إلى التمسك بزئير الكلمة أمام أزيز الرصاص.
وقد أكدت أحداث أكتوبر 2011 التي عرفت فيما بعد (بأحداث العوامية) على قيادية سماحته، وبرهنت للسلطة جيداً أن كلمته هي كلمة الفصل وأنه بخطابه السلمي يمثل صمام الأمان الذي يحفظ المنطقة من الانزلاق في أتون العنف.
ومع إصرار السلطة على المعالجات الأمنية باستخدام السلاح التي نتج عنها سقوط العديد من الشهداء، زاد تصعّيد النمر من مواقفه وخطاباته والتي عارض فيها بشكل صريح التمييز السلطوي ومصادرة الحريات والاستئثار بالثروات والمناصب.
في الثامن من يوليو 2012 أقدمت القوات السعودية على اعتقال آية الله النمر بعد أن فتحت عليه الرصاص في كمين نصب له على الطريق العام وهو في سيارته، فأصيب على إثرها بأربع رصاصات في فخذه الأيمن، وقامت باختطافه من موقع الجريمة فاقداً لوعيه لتنقله إلى المستشفى العسكري في الظهران وبعد ذلك إلى مستشفى قوى الأمن بالرياض ثم إلى سجن الحائر.
وفي مارس من عام 2013 بدأت الحكومة السعودية بأولى جلسات محاكمته وبدون خبر سابق لذويه، وقد طالب فيها المدعي العام بإقامة حد الحرابة (القتل) على آية الله النمر وقد ساق تهماً ملفقة ضده.
المسلة