أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / تراجيديا مكة المكرمة / السعودية.. تنافس شديد بين ابناء العم ضحيته الحجاج
اقترف حكام نجد والحجاز مذبحة عالمية العام الماضي في البلد الأمين الذي يقول عنه القران " وهذا البلد الأمين "

تراجيديا مكة المكرمة / السعودية.. تنافس شديد بين ابناء العم ضحيته الحجاج

محمد المصری*

لا يستبعد الخبراء والمحللون السياسيون التأثيرات التي تركتها الخلافات الداخلية والمنافسة الحادة بين ولي العهد السعودي، محمد بن نايف، وولي ولي العهد، محمد بن سلمان، على اجمالي سياسات الداخلية والخارجية للبلاد ومنها ادارة شؤون الحج.
ولا يمكن تجاهل التغييرات السريعة التي اجراها الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، فور وصوله الى العرش، حيث عزل ولي العهد اخيه مقرن بن عبد العزيز وحدّ من نفوذ ابن اخيه متعب بن عبد الله في الديوان الملكي والتعديلات التي شملت مجلس الوزراء ومساعديهم على الاحداث المأساوية التي برزت في المملكة على صعيدي الداخل والمنطقة.
وما يلاحظ ان سياق التعديلات التي اجرها سلمان في المناصب الرفيعة انتهت الى تركيز السلطات العسكرية والاقتصادية (القوة والمال) للبلاد بيد ابنه الشاب محمد، حيث بات وزيرا للدفاع اضافة الى تسليمه رئاسة مجلس شركة آرامكو النفطية التي تهيمن على عمليات استخراج الخام وتصديره وهو المورد الرئيس لعوائد الدولة منذ تأسيسها ولحد الآن.
ويرى مراقبون ان حادثة سقوط الرافعة الثقيلة في المسجد الحرام التي ذهب ضحيتها نحو مئتي حاج بين قتيل وجريح، وكارثة منى التي أودت بحياة أكثر من الف ومئتي حاج حسب الرواية الرسمية واكثر من 4 آلاف نسمه حسب مصادر مطلعة اخرى ليست بمنأى عن التغييرات الكبيرة في المناصب التي جرت بعد وفاة الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز ، والتنافس الجاري بشدة بين المحمدين، بن نايف وبن سلمان، اذ ان بن نايف باعتباره وزيرا للداخلية ومسؤولا عن ادارة شؤون الحج يتحمّل مسؤولية بسط الأمن في الاماكن المقدسة وسلامة الحجاج، الا انه قد تلقّى صفعة مؤلمة بسبب فشله الذريع في الحفاظ على ارواح الحجاج، حيث قتل واصيب الآلاف في غضون ساعات يوم عيد الاضحى المبارك وهو مادفع بالسلطات الى مواجهة تحديات على جميع الصعد الداخلية والاقليمية والدولية وتأجيج الرأي العام في المنطقة والعالم ضد حكومته.
ولا يستبعد المحللون ان تكون كوارث الحج خلال العام الجاري من تدبير بن سلمان وخططه الرامية الى الوصول السريع للعرش بعد عزل ابيه المصاب بمرض الالزهايمر والطاعن في السن، او وفاته بطريقة ما وتجاوز ولي العهد محمد بن نايف، بعد اقالته (برغبة منه) كما حدث لعمه مقرن بن عبد العزيز سابقا، على خلفية اظهاره بمظهر الفاشل في ادارة شؤون الحجاج واستضافة نحو مليون واربعمئة الف حاج وفدوا من خارج المملكة لمدة شهر واحد بعد دفع تكاليف سفرهم واقامتهم وطعامهم مسبقا، فكيف يقوى على استلام السلطة وادارة شؤون شعب يضم اكثر من عشرين مليون نسمة على مدى اعوام قد تطول وهو ما ستشهده المملكة من تداعيات بعد احداث الحج الدامية.
اما بن نايف فيبدو انه قد احس بالمخطط وشعر بما يحاك ضده، اذ لم يتعامل مع التطورات بسذاجة وبساطة كما تصور بن سلمان، فبحكم تجاربه في حقيبة الداخلية سارع الى توجيه اصابع الاتهام لابن سلمان عبر توزيع صور تبين انه وراء غلق المنافذ بسبب اجتيازه الطريق ضمن قافلة طويلة واعاقة سير الحجاج باتجاه منى لرمي الجمرات، وكذلك تعمده في نقل الكوادر ذات الخبرة بادارة شؤون الحج الى محرقة حرب اليمن التي مضى عليها اكثر من سبعة اشهر دون جدوى.
ولو قدر لابن نايف النجاح في ابعاد التهمة عن نفسه على نقيض ما خطط له من عكس صورة سلبية عن ادارته لشؤون الحج، فان التطورات الراهنة في اليمن تعكس في المقابل ايضا فشلا ذريعا لابن سلمان الذي يتولى حقيبة الدفاع منذ تسلم ابيه السلطة، ففي اسوأ التقادير تكون المحصلة واحدة وهي فشل لابن نايف في ادارة شؤون الحج في مقابل فشل لابن سلمان في حرب اليمن، فضلا عن الاحباطات والهزائم التي منيت بها السعودية على صعيد مشاكل المنطقة، حيث لم تستطع بكل نفوذها وانفاقها الاموال الطائلة على تسليح جماعاتها الارهابية الدفع بالازمات التي تعصف بسوريا والعراق ولبنان وغيرها وفق استراتيجياتها الرامية الى بسط هيمنتها كدركي في الشرق الاوسط خدمة لاهداف اسيادها الاميركان والصهاينة في المنطقة.

  * كاتب وباحث مصري