الرئيسية / مقالات / ليس المعاق من فقد عضوا، المعاق من فقد خلقا

ليس المعاق من فقد عضوا، المعاق من فقد خلقا

معمر حبار / الجزائر

المتتبع للبطولة العالمية للإعاقة في أواخرأكتوبر2015 المقامة بمملكة قطر، عبر الفضائية الفرنسية السادسة، يقف على جملة من الملاحظات السريعة المتعلقة بالجانب الفكري والحضاري، وكيف تتعامل الدول الكبرى مع أصحاب الإحتياجات الخاصة في التعبير عن قدراتهم التي لا يلمسها اصحيح المعافى، ومنها..
البطل المعاق.. برجل واحدة، وبنصف ساق، ودون الأرجل، ودون الذراع، وصم بكم عمي، يحطم الرجال والنساء أرقاما قياسية عالمية. إليكم التحية أيها الأبطال الأصحاء. أبطالا جعلوا من الإعاقة سبيلا يزيلون به كل إعاقة..
لم يتسولوا عبر إعاقتهم، ولم يتذمروا، ولم يشتكوا لأحد. بل تسوّل إليهم الكبار وترجوهم، لينالوا شرف مشاركة ومشاهدة الأبطال.
أيهما المعاق؟.. في لمح البصر ينتقل المعافى إلى معاق. لكن سيظل المعاق معافى، مادام بطلا يحصد الذهب والفضة، ويرفع من شأن أمته. ويكفي المرء وهو يتابع مجريات البطولة، فتراه من حين يتحسّس جسده، ويقول.. أيهما المعاق. البطل أم المشاهد؟.
المعاق الآمر.. قديما قالوا: ولو تأمّر عليكم عبدا حبشيا. وأقول بعد متابعتي للبطولة العالمية للمعاقين: ولو تأمّر عليكم معاقا.
المعاق ليس مسكين.. يقول لي أصغر الأبناء، ونحن نتابع البطولة العالمية للمعاقين..
مسكين هذا الرجل.
أقول له: هؤلاء ليسوا مساكين، هؤلاء أبطال. والمسكين هو المعافى الذي لم يعرف قدر النعم التي رزق إياها.
تابعوا المعاقين الأبطال.. علّمونا ونحن صبية، أن قراءة حياة الأبطال والكبار والعظام: تخرج جيلا قويا متماسكا متميّزا متفوقا.
والآن أقول: متابعة أصحاب الاحتياجات الخاصة وهم يحطمون الأرقام، ويحصدون الذهب والفضة، ويتجاوزون بكثير إعاقاتهم، تخرج جيلا قويا ذا إرادة وعزيمة لا يخاف ولا يهاب، ومتماسكا متميّزا متفوقا.
حق المعاق.. يقول المعلّق الفرنسي: فيما مضى ألغيت بعض العاهات من المشاركة، ثم أعيد الحق للمصابين بها في المشاركة في اللقاءات الدولية من باب إحترام حق المعاق في الحياة والمشاركة، مثله في ذلك كمثل أيّ صحيح معافى.
أخلاق المعاق.. المعاقون من دول مختلفة، يتصافحون فيما بينهم، ويتبادلون البسمة والعناق، والأصحاء يتقاتلون فيما بينهم ويدمر بعضهم بعضا.
المجتمعات المعاقة.. أشار المعلّق الفرنسي إلى ملاحظة تستوجب الإعادة والذكر، فقال:
رغم تفوق الأفارقة بالنسبة للمعافين إلا أنهم متخلفين في مختلف الرياضات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة. وأرجع السبب إلى نقص الإمكانات، لأن المعاقين يحتاجون لوسائل مرتفعة الأسعار.
أقول: المجتمعات المعاقة هي التي لا تهتم بأبناءها المعاقين، ولا توفر لهم الوسيلة التي يطلبون.
لماذا الاستهزاء أيها المعافى؟.. كلنا سواسية كأسنان المشط أمام الإعاقة. لا فرق لعربي على أعجمي، ولا أبيض على أسود، ولا رجل على إمرأة. لماذ يتفاخر الأصحاء فيما بينهم، ويعيّر بعضهم بعضا، ويتخذون بعضهم سخريا.
حقيقة المعاق.. تابعت المعاقين الأبطال من الرجال والنساء، والذين يحصدون الذهب والفضة، أقول على إثرها..
من كان هذا حاله ليس بمعاق. المعاق من رزق عقلا ولم يعقل به جرائمه وفضائحه ومنكراته.
الإعاقة وبقاء الجمال.. الصحة لا تضيف الجمال، والإعاقة لا تحرمه صاحبها.
عظمة الأمم. من تابع البطولة العالمية للإعاقة، يخرج بهذه القاعدة: تقاس عظمة الدول بما تقدمه لأصحاب الاحتياجات الخاصة.
جمال المعاق.. عداءات في غاية الجمال: بنصف ذراع، ونصف ساق، وفاقدة للبصر، وصم بكم، وتفتقر للتوازن العقلي. ويتنافسن بكل جرأة على المراتب الأولى، ولا يعرفن أبدا العقد التي تستحي منها الصحيحة الجميلة. الجمال هو أن يجعل المرء من عاهته سلما للرقي.
تشجيع المعاقين.. مايعجبني في المعلق الفرنسي للفضائية الفرنسية السادسة، وهو يعلّق على البطولة العالمية للمعاقين بقطر 2015..
يعلّق بحماس شديد للجميع، ويشجع الجميع دون استثناء، ويتأسف للمنهزم مهما كانت دولته، ويقدّم معلومات جديدة مثيرة حول نوعية الإعاقة والمعاق، ولا يشعر السّامع أبدا أنه يعلّق على المعاقين. تحية للمعلّق الفرنسي على إخلاصه وصدقه ومهنيته وتشجيعه لكل المعاقين.
الثورة الجزائرية والمعاق.. متى نفتح ملف المعاقيين الجزائريين الذين شاركوا في الثورة الجزائرية، وقدّموا لها الدعم رغم الإعاقة التي تمنعهم؟. ونكتب عن فضائلهم، ونسترجع بطولاتهم، ويحتفظون بلقب المجاهد المعاق، والشهيد المعاق.
إصرار معاق.. الإصرار الشديد والبيّن الذي ظهر ميّز أصحاب الاحتياجات الخاصة في البطولة العالمية للمعاقين، لم ألمسه لدى الصحيح المعافى.
بلوغ العاق.. معاقة في 14 من عمرها، تحطم الرقم القياسي العالمي في 200 متر. والأصحاء في مثل هذا السن لم يبلغوا بعد سن الرشد.
ذهب المعاق.. المعاق في المجتمعات المتقدمة، كذلك ينال الذهب والفضة.
نصيحة معافى.. من أراد أن يكون معافى في جسده، ويتمتّع بجسد كامل الأوصاف..
فليتابع أنشطة المعاقين، ويسهر على تشجيعها.
تحية تقدير لقطر.. تبلغ مساحة قطر 11.437 كلم مربع، وتكبرها مساحة تمنراست البالغة 557.906 كلم مربع بـ 48 مرة، حتى لا نقول مساحة الجزائر. وتنظم قطر ببراعة فائقة، وتنظيم مبهر، وسلاسة ملفتة للنظر البطولات العالمية في جميع الرياضات، وطيلة أيام السنة. تحية تقدير لإخواننا في قطرعلى حسن التنظيم والبراعة فيه، وإن كان أسوء ما في الدورة، ضعف إقبال الجمور كالعادة.
البطل المعافى والبطل المعاق.. أمامي الآن الجدول النهائي للبطولة العالمية للإعاقة.. المراتب الأولى كانت للدول الأربع العظمى التي تملك حق النقض.
وذيل الترتيب للدول العربية المعاقة، وكانت حسب الترتيب التالي.. المرتبة 22 الجزائر. 28 المغرب. 40 العراق. 42 الكويت. 46 الإمارات. 56 مصر. 58 سورية.
التخلف عند المجتمعات المتخلفة يمسّ المعافى والمعاق. والتقدم لدى المجتمعات المتقدمة يمس المعافى والمعاق.