الثلاثاء 24 . 11 . 2015
أحمد الحباسى / تونس
لا أحد يصدق برقيات التعزية السعودية و لا خطبها المنددة بالإرهاب في فرنسا أو في أي دولة من العالم ضربها الإرهاب السعودي ، بنفس القدر لا أحد يصدق فرنسا عندما تندد بالإرهاب أو تتظاهر بأنها تحاربه في سوريا ، فالسعودية تملك المال و العقيدة التكفيرية و نظامها يقوم على مبدأ ثابت مهم هو تفتيت الدول العربية حتى لا تمثل خطرا بأية صورة كانت يهدد استمرار العائلة المالكة في الحكم ، فبالمال النفطي الملوث بالدم تشترى السعودية الإعلام العربي المناهض للمقاومة عموما و الغربي إلى حد ما حتى تضمن انخراطه في لعبة التضليل و الكذب ، و تشترى الحكومات العربية حتى تضمن انخراطها في حرب ملوثة بالدم كما يحدث لمصر و السودان في اليمن ، و بالعقيدة التكفيرية تسعى الدولة الوهابية إلى تسميم عقول الشباب المهمش الطائش لتحويله إلى قنابل انشطارية تزرع في أماكن ” حساسة ” من جسد الوطن العربي مثل سوريا و مصر و العراق.
هناك حملتان مهمتان ضد الإسلام الأولى تنصيرية و الثانية تكفيرية وهابية ، ما يهم في هذا المجال هي الحملة التكفيرية التي تقودها السعودية ضد الإسلام في العالم ، في هذا المجال الواسع تدخل عملية تأسيس السعودية لعشرات الألوف من المدارس و المعاهد الدينية و المساجد في جميع أنحاء العالم و بالذات في الدول الإفريقية الفقيرة ، في الظاهر تقول السعودية أنها تقوم بذلك من أجل نشر الإسلام في هذه الربوع لكن في حقيقة الأمر فالنظام يفكر بطريقة أخرى لنشر التعاليم التكفيرية الوهابية المتشددة و هو لا يستحي أن يكفر و يهدر دماء المسلمين و غير المسلمين ، و لعل الذين ضربوا النزل في جمهورية مالي منذ يومين فقط هم نتاج هذا الفكر الإرهابي المتوحش ، لذلك يركد المتابعون لشأن الجماعات التكفيرية أنه لولا العقيدة الوهابية السعودية لما كان هناك شيء اسمه القاعدة او داعش أو جبهة النصرة و لما كان هناك شيطان قاتل أسمه الإخوان المسلمون و جماعة بوكو حرام أو طالبان ، و محاكم الشباب و غيرها من التنظيمات القذرة التي تعيش بمال زراعة و بيع المخدرات أو بالمال النفطي المضرج بدماء الأبرياء .
من العار و من السخافة أن نجد السعودية تنادى بمواجهة الإرهاب أو بضرب الجماعات الإرهابية ، و حين تتبرع دولة المافيا بملايين الدولارات للأمم المتحدة بعنوان المساعدة في مكافحة الإرهاب أو تصرف الملايين لعقد ندوات عالمية أو المشاركة في ندوات و مؤتمرات عالمية لمكافحة الإرهاب و البحث عن الطرق الكفيلة بمحاربته و القضاء عليه فلا بد أن نضع كثيرا من الأسئلة لنفهم و نفك شفرة هذا العقل الأخطبوطي السعودي الذي يدعم الإرهاب من جهة و يتناقض مع نفسه بالوقوف مع الساعين لمحاربته من جهة أخرى ، و هنا لا يجب أن ننكر أن السعودية قد نجحت لسنوات عديدة في ترويج فكرة الدفاع عن الإسلام و محاربة الإرهاب لكن غزو العراق و بالذات السبب الرئيسي للغزو و هو أحداث 11 سبتمبر 2001 قد جاء ليفضح المستور و يكشف للعالم أن النظام يمارس إرهاب الدولة من الألف إلى الياء ، على الأقل هذا ما رشح من نتائج تقرير لجنة التحقيق الأمريكية في تلك الأحداث و التي اضطرت الرئيس بوش الابن للتعتيم عليها تحت ذريعة الأمن القومي الأمريكي و ضغوط النظام السعودي نفسه .
لن أثقل كاهل ذهن المتابع بالأرقام و الإحصائيات ، لكن هناك حديث متواتر على أن النظام السعودي و في سبيل نشر ثقافة التكفير و الكراهية قد أنفق أضعاف أضعاف ما أنفقه الاتحاد السوفيتي السابق لنشر الإيديولوجية الاشتراكية ، هذا ما يؤكده بحث منشور بجريدة نيويورك تايمز بتاريخ 23/8/2014 حين يشير بكامل الوضوح و الصراحة على أنه ” يجب على السعودية وقف تصدير التطرف و الإرهاب ، فداعش ترتكب الفضائع المريعة بفضل الدعم المالي السعودي لنشر ثقافة الكراهية و الانقسام بين السنة و الشيعة ” ، هذا مهم في فهم ما يحدث و فهم العلاقة بين الإرهاب و الدولة السعودية الراعية و الممارسة للإرهاب ، و حتى بعض التفجيرات المتفرقة التي تحدث في المملكة فهي صنيعة الاستخبارات السعودية لبث الضغينة بين السنة و الشيعة في المملكة و لفت الأنظار عما يحدث في سوريا و اليمن و العراق من قتل على يد الجماعات الإرهابية السعودية .
لعل الجميع قد لاحظ أن التعاطف العالمي و العربي خصوصا قد تضاءل كثيرا أمام الأحداث الإرهابية الأخيرة التي ضربت العاصمة الفرنسية و أودت بحياة العشرات من القتلى و الجرحى ، فهناك اقتناع هذه المرة أن فرنسا قد ذهبت بعيدا في مساندتها للإرهاب و خدمة أغراضه السعودية ، فغض الطرف الفرنسي الجبان عن الإرهاب السعودي و القطري في سوريا و العراق و اليمن و مصر و تونس و ليبيا و لبنان ( نتذكر تفجيرات الضاحية الأخيرة ) باعتباره يخدم المشروع الصهيوني السعودي قد فرض على باريس دفع فاتورة حماقتها و لؤمها السياسي و جعل المخابرات الفرنسية التي شاركت في تمرير الإرهابيين إلى سوريا في مأزق تاريخي بعد أن عجزت عن صد هذه الهجمات الإرهابية السعودية المدمرة للمرة الثانية ، و لعل فرنسا اليسارية الصهيونية قد فهمت اليوم أن الإرهاب السعودي لا دين له و لا ملة و أن صمت العميان المبالغ فيه يؤدى إلى الكارثة ، فهل فهم الجميع اليوم أن عدو الإنسانية هو عدو اسمه الوحيد النظام السعودي و أن محاربة داعش لا تستقيم دون إسقاط هذا النظام الشمولي الفاسد .
بانوراما الشرق الاوسط