الرئيسية / مقالات / لمصلحة من يشوّش عدنان حسين المواقف حول الإرهاب؟
الكاتب القدير الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي

لمصلحة من يشوّش عدنان حسين المواقف حول الإرهاب؟

الثلاثاء 24 . 11 . 2015

محمد ضياء عيسى العقابي

كتب عدنان حسين المسؤول في صحيفة “المدى” مقالاً بعنوان “إنه إرهابنا …. ونحن المسؤولون!”(1) أقتبس منه العبارة الدالة التالية:
“.. الدين في مدارسنا وجامعاتنا وفي الجوامع والمساجد والحسينيات والإذاعات والتلفزيونات دين متوحّش يحضّ على قطع الرقاب وسفك الدماء ويحرّض على السلب والنهب والسبي والاغتصاب”.
أقول:
يُفهمنا السيد عدنان حسين في هذا الإقتباس بأن جميع المذاهب الإسلامية مسؤولة عن الإرهاب الذي يماثل إرهاب داعش الذي ضرب العاصمة الفرنسية باريس قبل أيام وهو ليس بأشنع من إرهاب داعش بحق الأزيديين والمسيحيين والتركمان والشبك وبعض المسلمين الآخرين الذين لم ينصاعوا لداعش في محافظة نينوى وغيرها من المدن التي وقعت بقبضتهم في العراق وسوريا.
أنا أرفض هذا الخلط من جانب عدنان حسين الذي أعتبره متعَمَّداً والذي يلطخ جميع المذاهب الإسلامية بتهمة ترويج الإرهاب. أرفضه لا من باب الدفاع عن هذا المذهب أو ذاك بل أرفضه لمقتي أسلوب الخلط والتعميم والمساواة الجائرة الذي عانى العراق الديمقراطي منه كثيراً حيث كان وسيلة لطمس الحقائق والتستر على المجرمين والمخربين والإرهابيين والفاسدين والمفسدين والمتحاصصين.
كحقيقة ساطعة، فإن جميع المذاهب الإسلامية بعيدة عن الإرهاب إلا المذهب الوهابي الذي حظي بدعم سخي جداً من أموال نفط الشعب السعودي الذي إستحوذ عليه التحالف التأريخي بين آل سعود والوهابيين.
لماذا، إذاً، يتعمد عدنان حسين لطخ جميع المذاهب الإسلامية بالإرهاب؟
ليس عيباً ولا مستغرباً أن تكون هناك فِرَقاً وجماعات متضادة لحد التكفير في جميع ديانات وطوائف وقوميات العالم.
لكن الحد الفاصل بين المقبول والمرفوض من التضاد والإختلاف هو ما يتبع التكفير من متبنيات عملية أي إن كان لتوضيح الموقف والتثقيف به فكرياً من أجل كسب قناعة الآخر فقط، أو يتجاوز ذلك باتجاه الدعوة للقتل والتصفية والتفنن في التعذيب كما تفعل جبهة النصرة وداعش وأخواتهما مستندين الى ركائز شرعية من وجهة نظرهم ومستمَدة من المذهب الوهابي.
لا أعرف ديناً أو مذهباً يدعو الى القتل غير المذهب الوهابي الملهم لداعش وجبهة النصرة، وهو المذهب الرسمي في مملكة آل سعود والذي تم نشره في العالم باستغلال اموال الشعب السعودي الذي تتعرض شرائح واسعة منه الى الإضطهاد الطائفي، بضمنها الشرائح السنية غير الوهابية. لقد ساعدت السعوديةَ كلٌ من أمريكا وإسرائيل على نشر المذهب الوهابي أيضاً وعلى مدى عقود طويلة من الزمن لمحاربة الأفكار التقدمية والديمقراطية والليبرالية وللإساءة للإسلام وللعرب في الوقت المناسب؛ وقد حان الوقت قبلاً في أفغانستان واليوم في كل العالم الإسلامي والعربي كما نشهد ما يحصل في العراق وسوريا.
بناءً على مواقف عديدة جداً من جانب السيد عدنان حسين حتى قبل سقوط النظام البعثي الطغموي(2) حينما كان يعمل في صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية الموجهة نحو نشر الفكر السعودي بنعومة بين الديمقراطيين الليبراليين والتقدميين اليساريين العرب، أراه في مقاله هذا يحاول التعتيم على حقيقة المذهب الوهابي الإرهابي فكراً وممارسةً بإشاعة التشوش والخلط وذلك لإعتبارات ما عادت خافية (بالنسبة لي بالأقل) حيث أن جريدة المدى هي إحدى أذرع الرئيس البارزاني الإعلامية وهو، بدوره، الموعود من قبل أمريكا وإسرائيل وتوابعهما حكام تركيا والسعودية وقطر لتأسيس مملكة كردية له على حساب قضية الشعب الكردي الذي ضحى كثيراً في سبيلها، ومقابل عرقلة أعمال الحكومة الفيدرالية وشل يدها والحط من هيبتها بل حتى الإشتراك مع جوقة المتآمرين في قضية إستدعاء داعش وركوبها كمطية ضد العراق الديمقراطي الجديد؛ أي، بإيجاز، تعزيز جهد الطغمويين في التخريب ودعم والتستر على الإرهاب من داخل العملية السياسية.
تكلم السيد عدنان حسين في هذا الوقت بالذات وبتلك المباشرة لأن الأحداث وعلى رأسها نجاحات الحشد الشعبي على الأرض والمساعدة الروسية النزيهة إلى سوريا، وإجرام داعش الذي ضرب في قلب العواصم الإمبريالية المنافقة – قد عرّت الكثيرين وفي المقدمة المذهب الوهابي الذي نادى سياسيون وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني كثيرة في أوربا وأمريكا بضرورة وضع حد لتجاوزات هذا المذهب التكفيري الإرهابي.
هنا تطلب الأمر شحذ همم “حلفاء” النظام السياسي المحتضن للوهابية وتسخير أقلامهم للدفاع عنه كل حسب “إبداعه” وولاءه؛ ومن هنا جاء الخلط والتشويش من جانب السيد عدنان حسين القيادي في التحالف المدني الديمقراطي ورئيس النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): مقال عدنان حسين منشور على الرابط التالي:
http://http://www.almadapaper.net/ar/news/499260/%D8%A5%D9%86%D9%87-%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%86%D8%A7-%D9%88%D9%86%D8%AD%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%88%D9%86
(2): الطغمويون هم لملوم من جميع أطياف الشعب العراقي حكموا العراق منذ تأسيسه وفق صيغة تبادل المصالح مع القوى الإمبريالية وبالحديد والنار للإنتفاع الطبقي من ثرواته المادية والمعنوية بذرائع مختلفة منها إدعاء القومية. لقد مارسوا في العهد البعثي سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي فاقترفوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ ولم يعد قادراً على إطاحة النظام سوى الله أو أمريكا. وأطاحت به أمريكا لأهدافها الخاصة ولكنها ساعدت على تأسيس النظام الديمقراطي ومن ثم أخرج العراقيون قواتها واستعاد العراق استقلاله وسيادته في 1/1/2012. غير أن الأمريكيين ركبوا حصان داعش الذي أوجده الطغمويون وحكام تركيا والسعودية وقطر، ودخلوا العراق من الشباك.
بعد سقوط نظامهم في عام 2003 أثار الطغمويون الطائفية بأعلى وتيرة، بعد أن كانت مبطنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وذلك لشق صفوف الشعب والمحافظة على ولاء أعوانهم ودفعهم الى عرقلة بناء العراق الديمقراطي الجديد عبر الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية؛ وللإصطفاف مع المشروع الطائفي السعودي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لدرء خطر الديمقراطية على النظام في المملكة. وقد انتفع الامريكيون من اثارة الطائفية في العراق بقدر كبير جداً لإضعافه وربما كانوا المحرضين على تأجيجها وذلك من أجل تنفيذ مشروعهم الحقيقي وهو الهيمنة على منابع البترول في العالم للي أذرع جميع الدول المؤثرة عالمياً للقبول بنتائج ما بعد الحرب الباردة التي جعلت الولايات المتحدة القطب الأعظم الأوحد في العالم.
فرض الطغمويون والأمريكيون، بالإبتزاز، المحاصصة ومفهوم الشراكة والتوافق المغشوشين، مقابل مجرد المشاركة في العملية السياسية أي العملية الديمقراطية المعترف بها عالمياً. يصر الطغمويون، بعد أن خسروا هيمنتهم المطلقة على الحكم عبر صناديق الإقتراع، على استرداد سلطتهم بكل الطرق بضمنها التخريب ونشر الفساد عبر العملية السياسية والتستر والتعاون مع الإرهاب وذلك للحيلولة دون إستكمال بناء دولة المؤسسات الديمقراطية.
شكل الطغمويون والبرزانيون العنصريون تحالفاً غير رسمي مع الأمريكيين وتوابعهم في المنطقة حكام السعودية وتركيا وقطر كل لغايته؛ ولكن يجمعهم دفعُ العراق باتجاه الديمقراطية المشوهة والدولة الفاشلة لتنفيذ المشروع الامبريالي الصهيوني القاضي بتفتيت البلدان العربية من داخلها.
الطغمويون لا يمثلون أية طائفة أو مكون لكنهم يدعون تمثيلهم السنة لتشريف أنفسهم بهم والخروج من شرنقة الطغموية الخانقة الى ساحة الطائفة الأرحب. غير أن السنة براء منهم خاصة بعد توريط الجماهير فدفعوا بها الى حياة النزوح في المخيمات تحت رحمة البؤس والشقاء وداعش.