الرئيسية / مقالات / اللص العثماني أردوغان… و الأربعون حرامي

اللص العثماني أردوغان… و الأربعون حرامي

السيمر / السبت 05 . 12 . 2015

يونس أحمد الناصر / سوريا

خلال زياراتي الكثيرة إلى تركيا قبل سنوات العدوان على سورية , أتيحت لي الفرصة كي أزور ما يسمُّونه متحف السلاطين في اسطمبول أو متحف ” توبكابي ” الذي يزوره الكثيرين من العرب سنوياً و لا أعرف إن كان انتاب أحدهم الشعور الكبير بالحزن الذي انتابني و أنا أرى ثرواتنا العربية نهباً للمحتلين العثمانيين, وصفة الاحتلال هذه ربما لا تعجب الكثيرين و خصوصاً من السلفيين الذين لا زالوا يرون في فترة الحكم العثماني ” خلافة على منهاج النبوة ” .
أشياء كثيرة يضمُّها هذا المتحف من سيوف الخلفاء الراشدين مرتبة على حامل خشبي من سيف الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصديق إلى سيف الصحابي جعفر الطيَّار مروراً بسيوف الخليفة عمر والصحابي خالد بن الوليد و غيرهم بالإضافة إلى شعرة من شعرات الرسول الكريم و ُبردَتهِ و سيفه التي تمت سرقتها من متحف مكَّة المكرَّمة أثناء الاحتلال العثماني كما يمكن للزائر أيضا مشاهدة قِصاع الطعام الذهبية و الكؤوس المذهبة التي كان يأكل بها سلاطين العثمانيين و سرير ابن السلطان المرصَّع بالجواهر و يكسوه الذهب, و بالاختصار حياة السلاطين المذهَّبة حتى قميص السلطان المصنوع من خيوط الذهب و سرج حصانه المذهَّب, في الوقت الذي كان يعاني فيه أهلنا من الفقر المدقع, ما يدفعهم للحاق خيول الدرك العثماني لالتقاط روثها لاستخراج حبَّات الشعير, كي يقتاتوا عليها وفقا للكثير من الروايات.
خرجت من هذا المتحف و قلبي يعتصر دماً, و بالاختصار أيضاً أقول بأنه قد تمَّ حجب الكثير من المعلومات ولم يتم توثيق سوى القليل حول استبداد الاحتلال العثماني لبلادنا العربية و ذلك بدوافع دينية واعتبار الاحتلال العثماني لبلادنا هو فتحاً إسلامياً و خلافة على منهاج النبوة ونحن الذين رزحنا 400 عام تحت هذا الاحتلال البغيض , ينهب فيه العثمانيون خيرات بلادنا و ينفقونها على ملذاتهم , من القصور و الجواري , ويسوقون أولادنا للقتال في بلاد الغربة أو لأعمال السُّخرة في خدمة السلطنة , و إلى اليوم نجد الكثيرين من العرب للأسف ينظرون إلى ذاك الاحتلال البغيض , بعين التعاطف و الولاء و المحبة ولنفس الدافع الذي جعل أجدادهم يخضعون لذاك الاحتلال و أعني الدين .
آن لنا نحن العرب أن نضع النقاط على الحروف و نجري مراجعة حقيقية للصفحات السوداء في تاريخنا العربي و الإسلامي
ومن القليل الذي تسرَّب إلينا, نكتشف كم خدعتنا مناهجنا التربوية و كتبنا الدينية, و كم من المآسي والأهوال التي عاشها أجدادنا في ظل الاحتلال العثماني , و من ينظر إليه العرب حتى اليوم بأنه لم يفرِّط بفلسطين و أعني السلطان عبد الحميد الثاني, عليك عزيزي القارئ أن تعلم ما يلي :
1- كان السلطان عبد الحميد في حالة تفاوض مع تيودور هيرتزل حول تقديم ديون للدولة العثمانية.
2- سمح بأول ثلاث مستعمرات يهودية أن تبني في فلسطين في ظل حكمه، وهي: ريشون ليتسيون، وبتاح تكفا، وزخرون يعقوب في القرى العربية الفلسطينية التالية بالتوالي: عيون قارة، ملبس، زمارين.
3- سمح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقد جاءت موجة الهجرة اليهودية الأولى إلى فلسطين عام 1882، وبدأت موجة الهجرة اليهودية الثانية حوالي عام 1895، حسب معظم المراجع التاريخية، ومنها مثلاً كتاب الدكتور عبد الوهاب الكيالي “تاريخ فلسطين الحديث” (الفصل الثاني), أي أن تينك الهجرتين جاءتا في فترة حكم السلطان عبد الحميد الواقعة ما بين عامي 1876 و1909، وخلالها بدأ تأسيس المستعمرات اليهودية الأولى، وخلالها أيضاً عادت الهجرة الصهيونية إلى الاشتداد عام 1905واستمرت حتى عام 1914, وساء الأمر بالتأكيد بعد وصول جماعة “تركيا الفتاة”، الصهيونية النزعة، إلى الحكم في عام 1908.
4- سمح لليهود بتملك الأراضي في فلسطين، ويشار في هذا الصدد إلى أن كل جهود الحركة الصهيونية حتى عام 1948 لم تسفر عن السيطرة على أكثر من 5,6 % من أرض فلسطين التي تزيد عن 27 ألف كيلومتر مربع بقليل، ولكن سجلات الطابو تظهر حسب أكثر من مرجع، ومنها كتاب ناجي علوش “الحركة الوطنية الفلسطينية أمام اليهود والصهيونية”، أن ما بين 420 ألف و650 ألف دونم من الأراضي العربية في فلسطين سيطر اليهود عليها خلال فترة الاحتلال العثماني , كما يشار إلى أن وجهاء القدس قاموا في 24/6/1891، أي في ظل عبد الحميد، “بتقديم عريضة لرئيس الوزارة العثمانية (الصدر الأعظم) طالبوا فيها بمنع هجرة اليهود الروس إلى فلسطين وتحريم استملاكهم للأراضي فيها” (عبد الوهاب الكيالي، تاريخ فلسطين الحديث، الطبعة التاسعة، ص 42) , وبالرغم من ذلك تجد من يزعم بأن السلطان عبد الحميد رفض تسليم فلسطين لليهود!!! فأي منطق أعوج هذا؟!
كتب ممدوح صبري عدوان (1941 – 2004) و هو كاتب وشاعر ومسرحي سوري الكثير من المسرحيات التي ترصد العَسَف و الجُور الذي عانى منه أجدادنا, و لا زلنا نعاني منه حتى اليوم , فرواية أعدائي تحكي أحداث وتفاصيل فترة الحكم العثماني لحظة انهياره , وكذلك أصداء التحول الخطير على أبواب الحرب العالمية الأولى . والأبطال هم جمال باشا وعشيقته اليهودية سارة وحولهما رجال أجلاف وجواسيس وضباط مغامرون وجنود هائمون على وجوههم يسعون إلى دفع العرب الذين يعيشون مرارة نوستالجيا الماضي ، إلى خارج أرضهم وتاريخهم وعصرهم, و مسرحيته( أيام الجوع / سفر برلك ) ترصد الكثير الذي لم ُيقال حول التجنيد القسري لأبناء العرب للقتال ضمن غزوات العثمانيين للبلاد الأوربية و غيرها الكثير , و لا زال الكثير من الكبار في السِّن يذكرون بأن لهم أحبة ذهبوا في سفر برلك و لم يعودوا أبداً .
و في رواية / الرغيف/ للروائي اللبناني توفيق يوسف عواد التي أصدرها في عام 1939 و تدور أحداثها كلها حول الحرب العالمية الأولى التي انطلقت شرارتها عام 1914 و يتحدث فيها عن المجاعة الرهيبة التي ضربت أجزاء من الخريطة العربية ، و «سفر برلك» أو التجنيد التركي الإلزامي للشباب العرب وإرسالهم إلى الجبهات , ناهيك عن الأثر العميق الذي تركته هذه الحرب في الخريطة العربية، بل في الوجود العربي، لاسيما عبر «اتفاق سايكس – بيكو»(1916) و «وعد بلفور» (1917)، وهي كانت بمثابة تمهيد للاستعمار الغربي الحديث ولنشوء الكيان الصهيوني الغاصب لأرضنا في فلسطين.
و هذه الرواية هي رواية الحرب ضد الاحتلال العثماني و يختمها في ما يشبه الخطبة الوطنية: «اليوم ولدت القومية العربية الصحيحة, إنّ أمها هي هذه الثورة التي امشي فيها أنا المسيحي العربي إلى جنبكم أنتم المسلمين العرب، لنحارب عدواً مشتركاً لبلادنا هو العثماني ».
واليوم ومع العثمانية الجديدة التي يقودها حزب العدالة و التنمية الأخواني في تركيا و الذي يعلن صراحة خلافته العثمانية و نشر مفرداتها مجدداً من تذكيره مصر بأنها ولاية عثمانية ولذلك يحق لتركيا التدخل في الشأن المصري إلى سرقة البترول السوري و العراقي استمراراً لسيرة أجداده العثمانيين بنهب ثرواتنا العربية و التي ربما لا يرى فيها غضاضة باعتبارها حقاً من حقوق أجداده السلاطين.
و لكننا نقول لهذا اللص العثماني الحقير بأن استعبادكم للشعوب العربية قد ولَّى إلى غير رجعة, بل أكثر من ذلك ستدفعون ثمن جرائم إبادتكم لأخوتنا الأرمن والآشوريين و الكلدان و قبلهم العلويين, و سوف تعودون إلى هضبة الأناضول التي خرجتم منها تشرعون سيوفكم قتلاً و ظلماً للناس, و سوف تعود الحقوق لأصحابها, و ليس هذا اليوم ببعيد

بانوراما الشرق الاوسط