الرئيسية / مقالات / تدخلات عسكرية في العرا ق … وتهديدات حكومية … لماذا؟
الكاتب القدير الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي

تدخلات عسكرية في العرا ق … وتهديدات حكومية … لماذا؟

السيمر / الأحد 06 . 12 . 2015

محمد ضياء عيسى العقابي

حكومة العبادي تدين التدخل العسكري التركي حول الموصل(1). أقول:
1- حكومة أردوغان التركية تصرفت بموجب تفاهم بينها وبين نائب رئيس الجمهورية السابق أسامة النجيفي الذي كلفه رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بالإشراف على تحرير الموصل دون أي حق دستوري لمعصوم أن يمنح النجيفي هذه المهمة التي هي من المهام الحصرية للحكومة لا غير. لكن رئيس الجمهورية، بتقديري، تصرف بموجب ولاءاته لأمريكا ولخضوعه، كقيادي في الإتحاد الوطني الكردستاني، لإبتزاز البرزاني.
2- أردوغان يعلم جيداً أن الخائن النجيفي لا يمثل رأي العراق بل يمثل رأيه ورأي مسعود البرزاني مع هذا فقد دخل العراق عسكرياً كما فعلت أمريكا، هي الأخرى، لإعتقادهما أن الدكتور العبادي منبطح لهما ويدعوهما كل يوم الى الاستهانة به وبحكومته وبالعراق دونما يدرك، وحسب السياق التالي:
أولاً، تحية لبدر ولحزب الدعوة ولإئتلاف دولة القانون والتحالف الوطني عموماً لوقوفهم منفردين ضد التدخلات الخارجية التي تمثل حلقة من حلقات التآمر على العراق الديمقراطي الجديد الذي لم ينقطع منذ إنتخابات كانون ثاني عام 2005 حيث فاز فيها الإئتلاف العراقي الموحد ومن بعده وريثه التحالف الوطني.
ثانياً: أدناه تعقيب على بيان الحكومة العراقية بشأن القوات التي تدخل العراق دون أذن منها سواءً كانت قوات أمريكية أو تركية، فأقول:

يا دكتور عبادي،
أتدرك ما يعنيه بيانك الصادر عن مكتبك(2) وهو البيان الذي تضمن الفقرة الخطيرة التالية: “الحكومة العراقية تؤكد موقفها الحازم ورفضها القاطع لأي عمل من هذا النوع يصدر من أية دولة وينتهك سيادتنا الوطنية وسنعد إرسال أية دولة لقوات برية قتالية عملا معاديا ونتعامل معه على هذا الأساس”؟
هذا رد قوي جداً وما كان ليصدر لولا شعورك بوجود من يريد الإستهانة بقرارات حكومتك وبك شخصياً وبالشعب العراقي الذي خرج أكثر من 20 مليون مواطن قبل البارحة فقط يمجدون الحرية والكرامة اللتين ضحى من أجلهما أبو الشهداء الحسين.
ولكن لماذا أقدم الأمريكيون (وهم المعنيون في طيات بيانك) وأقدم الأتراك (وقد دعوتهم بالإسم لسحب قواتهم المعتدية)على الإستهانة بك وبحكومتك وبالشعب الثائر؟
الجواب: هو أنت وليس غيرك يا دكتور عبادي!! …….. لأنك أوهمتهم بالخنوع من حيث لا تقصد فتجرّؤوا عليك…. ولكن كيف؟
يا دكتور لم تنقطع عن مهاجمة نوري المالكي حتى أنزلته إلى القعر الذي يستقر فيه المجرم صدام، فنسبتَ اليه، نوري، وكأنه جعل من نفسه “القائد الضرورة” كما فعل المجرم صدام. هذا إفتراء وظلم فاحش بحد ذاته … ولكن هناك ما هو أخطر من هذا بكثير جداَ رغم أن المالكي هو الذي أنقذ الديمقراطية العراقية من مكائد الأمريكيين فأخرج قواتهم واستعاد السيادة والإستقلال العراقيين ودرء عن الديمقراطية مخاطر الطغمويين الذين أبوا الحوار الديمقراطي الوطني الشريف وراحوا يتآمرون وينفذون أجندات طائفية سعودية تركية قطرية لمواجهة المد الديمقراطي في المنطقة فأزاحهم المالكي عن طريق المسيرة الديمقراطية، إضطراراً، بالركلات وبسحبهم من آذانهم بعيداً عن المسار.
إلا أن الأمور لم تقف عند هذا الحد بل كانت أعمق بكثير وكما يلي:
بدون أدنى شك أدركتَ، يا دكتور، ما أدركه حتى البسطاء من العراقيين، أن الأمريكيين والعملاء في المنطقة والداخل العراقي، إستهدفوا المالكي. ولكنك إعتقدتَ أن سبب الإستهداف هو “إمتعاض نفسي” لدى الأمريكيين والطغمويين والبارزانيين وسادتهم في المنطقة من المالكي، لذا حاولتَ إرضائهم بشتم المالكي كما فعل قبلك مقتدى الصدر وعمار الحكيم. لكن هذا لم ينفع بل شتت الجماهير وخدم أعداء الديمقراطية بألوانهم، لأن القضية أعمق وأخطر بكثير. المالكي مثّل خطراً على الطموحات الإمبريالية لأمريكا في العراق والمنطقة والعالم سواءً كان المالكي في السلطة أو خارجها لأن شبحه يعني حركة جماهيرية واسعة تخيفهم وتفسد خططهم. لذا استهدفوه وارادوا حتى تصفيته(3) بالتآمر مع الطغمويين(4) والبرزانيين لولا الدعم الشعبي الذي وفر له الحماية المنيعة.
لكن الأمريكيين وأردوغان والنظام السعودي وعملائهم داخل العراق فهموا أن تهجماتك على المالكي (بدل إقتراحه نائباً وحيداً لرئيس الجمهورية وتثبيت ذلك بقوة التصويت البرلماني) مثّلت رسالة إنبطاح وإستسلام من جانبك أمام الأمريكيين وإسرائيل وعملائهم في المنطقة والداخل العراقي من نظم وجماعات طغموية وفاشلين ومستثقفين…. وهكذا إستهانوا بك وراحوا يعدون الخطط لتشكيل حكومة يسند فيها دور لأياد علاوي الطغموي الفاشل وتُحيي من جديد “المجلس الوطني للسياسات العليا” غير الدستوري الذي أراد علاوي منه أن يضع جميع الرئاسات في جيبه بمساعدة نائب الرئيس بايدن أي الإلتفاف على نتائج إنتخابات 7/3/2010 التي فاز فيها في المطاف الأخير التحالف الوطني.
صار الأمريكيون والأترك يتكلمون عن قراراتهم بنشر قوات على الأرض العراقية ويدَّعون أنها تحظى بموافقتك لوثوقهم المفترض بطاعتك لهم، وأنت تنفي ذلك وتقف بصلابة بوجههم مما يحسب لك، لكن بعد أن تكون بلبلة قد حصلت بين الجماهير ونحن في حالة حرب وهو أمر ضار فالوقاية خير من العلاج. وبالفعل دخلت قوات أمريكية في معبر ربيعة الحدودي وقوات تركية في أطراف الموصل وأنت تصدر البيانات وتؤكد، كما قالت النائبة حنان الفتلاوي تهكماً، أنك ستقدم حياتك فداءً لمكافحة الفساد والفاسدين!!!!!
راجع تكتيكاتك يا دكتور عبادي وإذهب الى التحالف الوطني وأكد للعالم حزبيتك في حزب الدعوة والتزامك بسياسة التحالف فالحزبية (وليس التحزب) والتحالفات السياسية، أساس الحياة البرلمانية الديمقراطية.
عليكم مراجعة الإتفاق الذي تشكلت الوزارة الحالية على أساسه وإعادة صياغته على أن تضعوا على رأس مسؤليات الطغموين أي تفجير إرهابي يحدث في بغداد خصوصاً والمحافظات غير الخاضعة لداعش عموماً، لأن الواقع أثبت أن عشرات من مصانع التفخيخ والعبوات الناسفة والكواتم ضبطت في مناطقهم الإنتخابية فهم مسؤولون عنها. وإذا مانعوا وهددوا بالإنسحاب فلا ضير من ذلك سواءً بقوا كمعارضة برلمانية أو حتى لو إنسحبوا من العملية السياسية، فأرواح الناس البريئين أغلى من أي حزب أو مجموعة.
كما يجب إسقاط المحاصصة (بجميع مسمياتها الصريحة والمنمقة) وإسقاط التوافق المغشوش الذي آل الى فيتو أو حق النقض وأنتم الإغلبية الواضحة التي وصلت البرلمان في انتخابات نزيهة شهد لها العالم الديمقراطي أجمع.
سيساعد هذا على تمرير مشاريع القوانين المفصلية التي تجعل العراق بلد مؤسسات وعدالة إجتماعية مثل المحكمة الإتحادية والمجلس الإتحادي ومجلس الخدمة العامة والخدمة في قوى الأمن العام والمخابرات والاستخبارات والحشد الشعبي وغيرها.
إعتذر، يا دكتور، من المالكي وعنّف مقتدى وعمار على أوهامهما بإصلاح الطغمويين عن طريق شتم المالكي. وليكن واضحاً أن الطغمويين نبذهم السنة العراقيون الذين سيفرزون قيادات جديدة شريفة تمثلهم تمثيلاً حقيقياً يليق بهم، بعد أن دمر الطغمويون العراق وأساءوا للشعب بضمنهم السنة وتعرّوا أمامهم.
ضعوا إستراتيجية وتكتيكات مناسبة لدفع المسيرة الديمقراطية نحو الأمام ليفهم الأمريكيون والأتراك والسعوديون والقطريون وعملاؤهم الطغمويون والبرزانيون أن الشعب العراقي موحد ضد من يريد أن ينال من العراق الديمقراطي وديمقراطيته بالذات التي تكالب عليها الجميع بضمنهم أدعياء اليسار لأنها ضربت مصالحهم غير المشروعة جميعاً.
بادروا فوراً، كحكومة تحالف وطني لا ينتظر التوافق بل الأغلبية الحكومية والبرلمانية، الى الطلب من التحالف الدولي إخراج القوات التركية خلال أيام محددة وإلا فاضربوا القوات التركية بالسلاح الجوي العراقي دون الذهاب الى الأمم المتحدة (المشغولة جداً بمآسي الشعب اليمني الشقيق!!!!! وهو الشعب الذي حمى العراق وسوريا من عدوان سعودي مباشر كان سيحصل لو انتصر السعوديون على شعب اليمن العظيم) واحْموا ظهر العراق من عدوان جوي تركي باستحصال ضمان من التحالف الروسي الإيراني السوري خاصة وأن أمريكا قد برّأت التحالف الدولي من مسؤولية العدوان التركي وأعلنت عن إدانة ضمنية له.
صارحوا الشعب بمسألة القوات الأمريكية على الأرض العراقية خارج المهمة الإستشارية.
صارحوا الشعب بحقيقة الموقف بشأن الإطلاقات المائية من تركيا في نهري دجلة والفرات. إذا تأكد أن الإطلاقات لا تتماشى والمواثيق الدولية فاذهبوا الى الأمم المتحدة واقطعوا بعين الوقت جميع العلاقات التجارية مع تركيا وحولوها نحو ايران والصين والهند غير آبهين بطنطنات الطغمويين العراقيين من بعض العرب وبعض الكرد وبعض التركمان.
وأخيراً، تجب إحالة أسامة النجيفي الى القضاء بتهمة الخيانة العظمى فوراً لأنه حاول إلزام العراق بما لا يحق له التعامل به حسب الدستور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): برجاء مراجعة الرابط التالي:
: http://www.qanon302.net/news/2015/12/04/76326#comment-72030
(2): للإطلاع على دعوة الحكومة العراقية تركيا لسحب قواتها من الأراضي العراقية راجع الرابط التالي رجاءً:
http://http://saymar.org/2015/12/5885.html
(3): برجاء مراجعة المقال الهام للسيد باسم العوادي بهذا الخصوص على الرابط التالي:
: http://www.qanon302.net/in-focus/2014/12/01/38686#comment-48707
(4): الطغمويون هم لملوم من جميع أطياف الشعب العراقي حكموا العراق منذ تأسيسه وفق صيغة تبادل المصالح مع القوى الإمبريالية وبالحديد والنار للإنتفاع الطبقي من ثرواته المادية والمعنوية بذرائع مختلفة منها إدعاء القومية. لقد مارسوا في العهد البعثي سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي فاقترفوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ ولم يعد قادراً على إطاحة النظام سوى الله أو أمريكا. وأطاحت به أمريكا لأهدافها الخاصة ولكنها ساعدت على تأسيس النظام الديمقراطي ومن ثم أخرج العراقيون قواتها واستعاد العراق استقلاله وسيادته في 1/1/2012. غير أن الأمريكيين ركبوا حصان داعش الذي أوجده الطغمويون وحكام تركيا والسعودية وقطر، ودخلوا العراق من الشباك. بعد سقوط نظامهم في عام 2003 أثار الطغمويون الطائفية بأعلى وتيرة، بعد أن كانت مبطنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وذلك لشق صفوف الشعب والمحافظة على ولاء أعوانهم ودفعهم الى عرقلة بناء العراق الديمقراطي الجديد عبر الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية؛ وللإصطفاف مع المشروع الطائفي السعودي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لدرء خطر الديمقراطية على النظام في المملكة. وقد انتفع الامريكيون من اثارة الطائفية في العراق بقدر كبير جداً لإضعافه وربما كانوا المحرضين على تأجيجها وذلك من أجل تنفيذ مشروعهم الحقيقي وهو الهيمنة على منابع البترول في العالم للي أذرع جميع الدول المؤثرة عالمياً للقبول بنتائج ما بعد الحرب الباردة التي جعلت الولايات المتحدة القطب الأعظم الأوحد في العالم. فرض الطغمويون والأمريكيون، بالإبتزاز، المحاصصة ومفهوم الشراكة والتوافق المغشوشين، مقابل مجرد المشاركة في العملية السياسية أي العملية الديمقراطية المعترف بها عالمياً. يصر الطغمويون، بعد أن خسروا هيمنتهم المطلقة على الحكم عبر صناديق الإقتراع، على استرداد سلطتهم بكل الطرق بضمنها التخريب ونشر الفساد عبر العملية السياسية والتستر والتعاون مع الإرهاب وذلك للحيلولة دون إستكمال بناء دولة المؤسسات الديمقراطية. شكل الطغمويون والبرزانيون العنصريون تحالفاً غير رسمي مع الأمريكيين وتوابعهم في المنطقة حكام السعودية وتركيا وقطر كل لغايته؛ ولكن يجمعهم دفعُ العراق باتجاه الديمقراطية المشوهة والدولة الفاشلة لتنفيذ المشروع الامبريالي الصهيوني القاضي بتفتيت البلدان العربية من داخلها. الطغمويون لا يمثلون أية طائفة أو مكون لكنهم يدعون تمثيلهم السنة لتشريف أنفسهم بهم والخروج من شرنقة الطغموية الخانقة الى ساحة الطائفة الأرحب. غير أن السنة براء منهم خاصة بعد توريط الجماهير فدفعوا بها الى حياة النزوح في المخيمات تحت رحمة البؤس والشقاء وتهديدات داعش.
للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995