متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / السبت 19 . 12. 2015 — نقلت صحيفة رقمية عراقية في الجمعة 18/12/2015 دعوة نيجرفان بارزاني، النائبة حنان الفتلاوي الى “تصفية أموالها المنقولة وأملاكها في إقليم كردستان لأنها لا تعترف بالقومية الكردية وتستثمر أموالها في أراضي الإقليم”، فيما ردّ مصدر مقرب من الفتلاوي أنها “لا تمتلك عقاراً ولا أملاكاً في كردستان إطلاقا”.
وإذا صَدَقَ الخبر، فلماذا الفتلاوي بالذات، وهناك المئات من السياسيين ورجال الأعمال العراقيين ممّن يستثمرون الأموال في الإقليم.
يبدو واضحاً، إنّ الفتلاوي تغيض الأكراد في تصريحات ومواقف، أبرزها قولها في حديث على قناة “دجلة”، بانّ “بارزاني سرطان في جسد الدولة العراقية والحل في استئصاله”.
يتفّق خصوم الفتلاوي وأصدقاءها على ان هذه السياسّية الأنثى بين الفحول الخشنين في العراق، هي الأكثر شعبية بينهم، حين تمكّنت من انتزاع الريادة بذكاء، في مواقف حادة وصريحة لا تقبل التأويل، منذ انتخبت في 2010 نائبة عن محافظة بابل، ضمن كتلة “دولة القانون”، وبأصوات تجاوزت التسعة آلاف صوت.
إنها طبيبة “بشرية” و”سياسية”، لا تجيد الجِراحة التجميليّة، بقدر بحثها عن مواضع العلل بمبضع جراح يتجشّم الولادة القيصرية لحلول المشاكل السياسية، حتى دخلت بسبب ذلك في المُسابَّات، والمعارك.
هذه الإنسانة الحريصة على حجاب إسلامي ملتزم، تقرأ الأحداث والأسارير، بعينين ثاقبتين، بلا خلط مريب، بنظّارات الإخلاص للجبهة السياسية التي تنتمي اليها، فباتت وفية العهد للمالكي، في انتصاراته وخساراته على حد سواء.
وهذا الصعود السياسي والإعلامي جعل منها نجمة، بكاريزما تتلألأ في سماء السياسة، حتى اتُّهمت بانها أدمنت التلفزيون، وباتت كاهنة في أروقته.
مؤيديوها يفندون ذلك فيقولون انّ مواقفها المبدئية جعلت منها أشهر من نار على علم، تبقر الأزمات بسكين الواقع، وتفضح عورات السياسيين، بلسان فصيح، وتقاتل حتّى آخر سهمٍ في جَعبتها.
ولم يكن الطريق سالكاً للطبيبة الفتلاوي لرؤية طموحاتها وقد تحققت، فالانقسام السياسي الذي ضرب جبهتها السياسية أحدث شرخاً،
وفتّ في العضد، وحتّم عليها الاختيار القسري بين هذا الفصيل وذاك، ويبدو إنها ظلّت على عهدها بالوقوف اللي جانب نوري المالكي، الى الحد الذي اتُّهمت فيه في آب/أغسطس 2014، أعضاءً في “حزب الدعوة”، بأنهم وراء مؤامرة تكليف حيدر العبادي لتشكيل الحكومة الجديدة.
هذا الموقف الحاسم من الأحداث، جعل من الخصوم يتّهمون الفتلاوي، بانها أصبحت “عبئا” على الائتلاف بسبب أجندة “الفتنة”، وشق صف “الائتلاف”، و”التحالف الوطني”، حتى شُبّهت بـ”مها الدوري”، في قذف الخصوم بـ “أسمال الخيانة”.
وعلى غير العادة، لا تتجنّب الفتلاوي، الخصومات، ولا تهدّئها، بل تنطلق فيها، فتشعل المزيد من فتائلها، طمعاً في الفوز بها،
فكأنها نجحت – وهي الطبيبة – في تجنّب الآثار العصبية للنزاعات.
حاول كثيرون اغتيالها سياسيا فلم يفلحوا، إذ اتُّهمت بالتغطية على الفساد، مع شقيقها الجنرال المتّهم بالجنود الفضائيين، وبيع الأسلحة، وأشيع امتلاكها العقارات والأموال في أربيل وعمّان. لكن مروّجي هذا الزعم، لم يبرزوا أي وثيقة تؤيد ذلك.
والناجح غالبا ما يُتّهم بالغرور، وهو التفسير الذي يضعه أنصار الفتلاوي للاتهامات ضدها في الخيلاء، وبانها تضع على رأسها ريشة، بعدما تعرّضت إلى انتقادات واسعة لموقفها من التسلسل الانتخابي في محافظة بابل حين أصرت على ان يكون اسمها الأول في القائمة الانتخابية، بين مرشحي كتلتها السياسية.
وحين أعلنت الفتلاوي ”موت” البرلمان العراقي، بالقول “إنّا لله وانا إليه راجعون، والبقاء في حياة النجيفي”، ارتفع رصيدها الشعبي، وزادت من صراحتها بالقول، إنّ أحد الجهات السياسية الإسلامية استلمت أموالاً من السعودية لتدمير الوضع السياسي من الداخل، ما وضعها من جديد على فوهة الإشاعات، وبانها جاملت خميس الخنجر المتّهم بالإرهاب، في دعوة غداء “براغماتية”، تبادل فيها الطرفان الأنخاب، حتى اختلط الحابل بالنابل.
حنان الفتلاوي الطبيبة، لازالت تفتح بطون نواب ومسؤولين، وتدعو الجمهور الى التمعّن في فساد الأحشاء، لكنها، هي الأخرى، أصابتها الأمراض السياسية، فلم توفر لها أكاديميتها الحصانة المطلوبة من العدوى، لتصبح نسخة طبق الأصل من الشوارب السياسية الغارقة في التسقيط المتبادل، وكشف الملفات.
المسلة