الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / الحروب المجنونة: من آل سعود المال والسلاح، ومن أمريكا التدريب والقيادة
لم تترك أمريكا لقيطها فاعادت صياغتة باسم " داعش "

الحروب المجنونة: من آل سعود المال والسلاح، ومن أمريكا التدريب والقيادة

متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الثلاثاء 19 . 04 . 2016 — ” تساهم السعودية بالأسلحة ومبالغ مالية ضخمة بينما تقود CIA التدريب على استخدام الأسلحة الهجومية والصواريخ. السيناتور الديمقراطي كريس مورفي: جذور انحراف الاسلام من قبل داعش تترسخ «بشكل كبير في عقيدة مستمدة من تعاليم الوهابية ”

قالت صحيفة (نيويورك تايمز) في تقرير لها نشر في 23 يناير الماضي إن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على المال السعودي لدعم ثوار سوريا. وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما وقّع سراً على قرار يسمح لوكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي أيه» بالبدء في تسليح ثوار سوريا في 2013م، وان الوكالة كانت تعرف أن هناك شريكاً مستعداً للمساعدة بدفع المال من أجل هذه العملية السرية، وهو نفس الشريك الذي اعتمدت عليه الوكالة لعقود، من أجل الحصول على المال في صراعات أخرى بعيدة، ألا وهي المملكة السعودية.
وأضافت الصحيفة أنه ومنذ ذلك الحين، حافظت الوكالة ونظرائها من السعودية على ترتيبات غير عادية في مهمة تدريب الثوار، ووفقاً للاتفاق الذي تحدّث عنه مسؤولون سابقون وحاليون بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تساهم السعودية بالأسلحة ومبالغ مالية ضخمة، بينما تقود وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تدريب الثوار على استخدام الأسلحة الهجومية والصواريخ في تدمير الدبابات. ومع أن المسؤولين الأمريكيين لم يكشفوا عن المبلغ الذي ساهمت به السعودية لدعم ثوار سوريا، إلا أن هناك توقعات بأن جهود تدريب وتسليح الثوار تصل إلى عدة مليارات دولار.
وتحدثت الصحيفة عن أن الدعم لثوار سوريا هو أحدث فصل في العلاقة الممتدة منذ عقود بين وكالات الاستخبارات السعودية والأمريكية، وهو التحالف الذي استمر خلال فضيحة (إيران- كونترا) وامتدت لدعم المجاهدين ضد السوفيت في أفغانستان والحروب بالوكالة في أفريقيا، وفي بعض الأحيان كما هو الحال في سوريا، عمل البلدين معا بانسجام وتناغم.
وذكرت الصحيفة أن برنامج التسليح والتدريب المشترك الذي تساهم فيه دول أخرى بالشرق الأوسط بالمال مستمر، على الرغم من أن العلاقات الأمريكية مع السعودية في تقلب. فالعلاقات القديمة بين البلدين التي اعتمدت على شراء أمريكا للنفط رخيصاً وغيرها خفّت الآن، في ظل تراجع الاعتماد الأمريكي على نفط الخارج، ومد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أطرافها في هدوء باتجاه التقارب الدبلوماسي مع إيران.
واعتبرت الصحيفة أن توقيع أوباما لقرار تسليح الثوار في ربيع 2013م كان محاولة بشكل جزئي للسيطرة على عملية إرسال الأسلحة بشكل حر في المنطقة، فقطر والسعودية قامتا بإرسال أسلحة إلى سوريا لأكثر من عام ، لدرجة أن قطر أرسلت شحنات من صواريخ صينية محمولة على الكتف عبر الحدود التركية. في حين أن الأمير بندر بن سلطان وعندما كان رئيسا للاستخبارات في ذلك التوقيت، وجّه رجال الاستخبارات السعوديين لشراء الأسلحة من نوع AK-47 فضلاً عن ملايين من الذخيرة من أوروبا الشرقية من أجل ثوار سوريا، حيث ساعدت وكالة الاستخبارات الأمريكية في ترتيب يعض مشتريات الأسلحة للسعودية بما في ذلك اتفاق كبير في كرواتيا عام 2012م.
ووفقا لـ»بروس ريدل» المحلل السابق بـ»سي آي أيه» والمسؤول حالياً في معهد «بروكينجز»، فإن السعودية تريد أن يكون لها مقعد على المائدة، وكلمة بشأن الأجندة المطروحة على تلك المائدة المتعلقة بسوريا. وأكدت الصحيفة أن ولي العهد الأمير محمد بن نايف تولى مسؤولية تسليح ثوار سوريا من الأمير بندر، وهو يعرف مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية «جون برينان» منذ أن كان «برينان» رئيساً لمكتب الوكالة في الرياض خلال تسعينيات القرن الماضي.
من جهة ثانية، هاجم عضو مجلس الشيوخ الاميركي عن الحزب الديمقراطي كريس مورفي السعودية وقال بأن الجماعات الارهابية المعروفة لدى اميركا «تتأثر بشكل كبير بالتعاليم الوهابية و السلفية». وفي كلمة القاها في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن أكّد السيناتور الاميركي على انه لم يعد ممكناً تجاهل «الجانب الآخر» للسعودية «بينما تصبح المعركة ضد التطرف الاسلامي اكثر تركيزاً و تعقيداً»، وذلك في اشارة الى علاقة الرياض بالوهابية. وأضاف مورفي بأن (الحكومات الاقل تمويلاً، والسلالات الاخرى من الاسلام بالكاد تستطيع مواكبة تسونامي المال الذي يصدر هذا التعصب)، مشيراً في الوقت نفسه الى ان العائلة المالكة في السعودية تعتمد بشكل كبير على تحالفها مع الوهابيين.
وانتقد السيناتور الاميركي الاصوات في الكونغرس التي تطالب بتعزيز الدعم الاميركي للسعودية على ضوء الاتفاق النووي مع ايران «فقط لأن السعودية صديقتنا المعلنة، وايران هي عدوتنا المعلنة»، معتبراً أن «الشرق الاوسط لم يعد يعمل بهذا الشكل». ولفت أيضاً الى وجود «أدلة متزايدة بأن دعمنا للحملات العسكرية التي تقودها السعودية في أماكن مثل اليمن تطيل أمد المعاناة الانسانية وتساعد التطرف».
وأشار مورفي الى أنه وبينما تقول الادارة الاميركية أن أولويتها القصوى في اليمن هي هزيمة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، «الا أن هذه الفوضى المتواصلة (في اشارة الى الحرب السعودية على اليمن) أوجدت فراغاً أمنياً يسمح لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بأن يزدهر وأن يتوسع بالواقع». وعليه دعا السيناتور الاميركي الى وقف الدعم الاميركي للحملة العسكرية السعودية في اليمن، أقله حتى تحصل واشنطن على «ضمانات بأن هذه الحرب لا تشغل عن الحرب ضد القاعدة وداعش، والى أن نحرز بعض التقدم فيما يخص التصدير السعودي للوهابية».
كذلك قال مورفي ان على الكونغرس رفض صفقات بيع السلاح الى الرياض حتى تغير الاخيرة سياساتها في هذا المجال. وأضاف: «اذا كنا جادين في بناء استراتيجية انتصار لهزيمة داعش والقاعدة، فآفاقنا يجب أن تتضمن استراتيجية تنظر أبعد من المجريات اليومية والمعركة في العراق وسوريا»، وشدّد على ضرورة «الاعتراف بأن هناك حرباً تجري على مستقبل الاسلام»، وأن واشنطن «لا يمكن ان تقف على الهامش في هذا الموضوع». ورأى مورفي أن جذور انحراف الاسلام من قبل داعش تترسخ بعقيدة «تستمد بشكل كبير من تعاليم الوهابية».
وكان مورفي في آخر موقف علني له في مقابلة مع موقع (هفغنتون بوست) في 5 فبراير الجاري قد دعا الولايات المتحدة بالكف عن تورّطها العسكري في الحرب السعودية على اليمن. وقال بأنه لم يسمع حتى الآن دفاعاً مشروعاً من إدارة أوباما حول تزويد السعوديين بالدعم العسكري في حربهم الجوّية في اليمن. تلك الحرب التي قتلت الآلاف من المدنيين وتسببت في تدهور الأوضاع في بلد هو غير مستقر، حسب قوله.
وانتقد مورفي سياسات دعم حلفاء الولايات المتحدة دون النظر في العواقب. وقال بأن السعوديين في حرب ومن ثم سوف نكون نحن في حرب معهم. وقال بأن نتائج دعم السعودية في هذه الحرب بالخصوص هي كارثية: الدمار الهائل والفوضى التي سمحت للجماعات المتطرّفة بالتمدّد داخل اليمن. وأكمل بأنه لا يرى دليلاً حتى الآن على أن السعوديين يقومون بعمل عسكري بطريقة مسؤولة. إنهم يقومون فقط بتغذية الأزمة الانسانية داخل اليمن. وقال بأن على الكونجرس أن يحجب المبيعات المستقبلية من الأسلحة للسعودية التي سوف يتم استعمالها بشكل هجومي في اليمن.
ورفض مورفي مبررات الحرب بأنها للحد من النفوذ الايراني في اليمن، وقال بأن هذا المبرر لا يواجه بوضع كارثي في الحرب على اليمن. وقال «حتى لو تكهنا بالنفوذ الايراني المتزايد في المنطقة.. فإن الحضور المتعاظم للقاعدة وداعش في اليمن هو أكثر إضراراً بالمصالح الأميركية» لافتاً النظر الى أن الحوثيين يحاربون القاعدة وداعش.
وطالب مورفي الادارة الاميركية باتخاذ القرار الفوري بالخروج من الحرب في اليمن.
البيت الأبيض وازاء مطالبة الإدارة بالخروج من حرب اليمن، وإيقاف دعم الرياض.. دافع عن دعمه للسعودية، بالقول بأن الدعم الأميركي اللوجستي والاستخباري يساعد السعوديين في استهداف المقاتلين بطريقة دقيقة وتقليل الضحايا المدنيين. وفي الوقت نفسه، فإن مسؤولين في الادارة الاميركية أبلغوا هفنغنتون بوست بأنهم لا يطلقون النداء الأخير حين يتعلق الأمر باستهداف القرارات ـ والتي قد تفسر لماذا تمّ اتهام التحالف الذي تقوده السعودية بقصف المستشفيات والمدارس وبصورة منتظمة. ولكن مورفي رفض مثل هذا التبرير وقال بأن «الدفاع القائم على أساس أن ضلوعك في الحرب هو ببساطة لتقليل الخسائر البشرية هو في الحقيقة ليس دفاعاً على الإطلاق». وقال بأن مثل هذا المبرر ينسحب على كل تورّط أميركي في أي حرب في المنطقة.

اترك تعليقاً