الرئيسية / مقالات / السومري لا ينحني ولن ينكسر…

السومري لا ينحني ولن ينكسر…

السيمر / الاثنين 25 . 07 . 2016

حسن حاتم المذكور

المستقبل في الروح حلم وفي الأنتظار يقترب البعيد ويولد الأمل, ابتسم الفرح على وجه قمري لأمرأة ورجل عظيم كأنه يحمل السماء على راحتيه, لهما من الهيبة ما جعل عبرتي ترقص دموعها على وقع خطواتهما, ابتسما فقفزت خارج اضلاعي لأرتمي في احضان الأبتسامة, قبلتني السيدة ثم تساءلت:
ـــ هل علمت يا حفيدي…؟؟؟
ـــ مالذي اعلمه سيدتي…؟؟؟
ـــ استقبل جدك ليخبرك
ـــ ومن انت سيدتي…؟؟؟
ـــ انها جدتك… ملكة الملوك والملكات شبعاد العظيمة… قبل يدها ـــ قال جدي ـــ.
اعترتني الدهشة وقليل من الأرباك, قبلت يد جدتي ثم عانقتها باكياً.
ـــ انهض بكامل قامتك… السومري لا ينحني ولن ينكسر, عانق جدك جلجامش العظيم ــ قالت جدتي ــ .
سبقت دموع البهجة خطواتي الى حضنه.
ـــ هل سمعت ايها السومري ـــ سألني جدي العظيم ـــ
ـــ مالذي حصل يا جدي…؟؟؟
ـــ استيقظت جينات عمقك الحضاري في وعي ووجدان الكون فأقرت (اليونسكو), انك جذر اول الحضارات وعليك الآن ان تتمرد على ضعفك وتبحث فيك عنك بعد ان تخلع جاهلية ليس منك, الوافدون ان انحنيت امتطوك وان انكسرت دفنوك حياً, انهم الموت الميت والمميت, اخلعهم واشرح للريح وزلال النهرين من انت, سمائك تصغي وبدموع فرحها تحني ضفائر النخيل وتصوغ من خيوط شمسها خواتماً لقامات القصب والبردي ـــ قال جدي العظيم ـــ
ـــ اني ضعيف ومنهك ومنكسر يا جدي العظيم, منذ (1400) عاماً افرغوني مني وجففوا روحي واكلوا كبدي وصادروا عقلي ثم حنطوني بكلس بداوتهم داخل جلدي, لم نعد كما كنتم, وبكيت دموع التاريخ على صدر جدي.
ـــ اغتسل من غربتك وغريبك حتى يظهر معدنك السومري, انت سمائك وارضك وانت الجنوب وروح العراق, انت الحقيقة وهم الخرافة وانت الحر والحرية ولا سكينة لفضائك الصافي في عتمـة شرائعهم ووثنية نصوصهم, لاتختنق بهم وتمرد على جاهليتهم وجلف بداوتهم وعلى ضعفك واخلع مرحلتهم فرفقة الميت موت وانت الحي الخالد الذي لا ينحني ولن ينكسر ـــ قالت جدتي شبعاد العظيمة ـــ
وانا ابكي زمني الذي ضيعته او سرقوه مني شعرت بعطر الحياة يتبخر من دموعي, كان مدهشاً رائعاً فسألت جدي.
ـــ جدي العظيم… لقد تغير عطر ومذاق دموعي.
ـــ انه عطرك السومري يا حفيدنا, انت لازلت فيك, انهض وقف الى جانب جدك العظيم واستمع ياحفيدي ـــ قالت جدتي شبعاد ـــ
ـــ هل تعرف الآن من انت ايها الحفيد ــ تسائل جدي العظيم ــ…؟؟؟.
ـــ نعم جدي, اشعر الآن ان النهرين يسكبان زلال الحياة وحقائق التاريخ في اعماقي وها انا اغتسل من وحشيتهم وضعفي.
ابتسم جدي العظيم ثم قال:
ـــ مشواركم طويل معهم يا حفيدي, سيتغير العالم من حولكم وحولهم وسيكون اكثر انسانية في فهم الحقائق واكثر وجدانية ووفاءً لفضائلكم عليه, السومريون جذور التاريخ والأرض والوافدون زبد الجاهلية, تعلموا القراءة والكتابة لتعيدوا صياغة شخصيتكم مطرزة بثمين تراثكم واستنيروا بالذاكرة.
ـــ ما هذه الخدوش على هذه اللوحة التي في يدك يا جدي…؟؟؟.
ابتسمت شبعاد ثم قالت.
ـــ ليس خدوشاً يا حفيدي, انها حروف اجدادكم التي كتبوا فيها تاريخكم ومعارفكم وادابكم وفنونكم وفلكلوركم وقوانينكم وبها كُتبت اجمل النصوص التي لحنتها وغنتها على مر العصور جدتكم شبعاد ومعها نساء سومر, وتلك التي في يد جدك لوحة من الطين الحري كان عليها يدون اجدادكم تاريخهم المعرفي.
ـــ هل لي ان اتعلمها يا جدي العظيم…؟؟؟.
ـــ لديكم ما يكفي من اللغات يمكنكم ان تقرأوا فيها وتكتبوا لكن بحروفكم السومرية تفكرون.
قبلاني جدي العظيم جلجامش وجدتي ملكة الملوك والملكات شبعاد وقبلت يديهما ثم غادرا بأتجاه سحابة بيضاء من حليب الجامس.
ـــ متى سيعود اجدادنا العظماء…؟؟؟.
ـــ نحن فيكم يا حفيدنا السومري.
ـــ اذن سوف لن ننحني ولن ننكسر ما دمتم فينا.
ـــ لن تنكسروا ما دمنا فيكم.
شعرت برذاذ المعنويات يغمرني وصوت ابني في بحة سومرية.
ـــ شكو بابا.. ؟؟
ـــ ماكو شي ابني
ـــ سمعتك (تثغب) 1
ــ لا بابا… چنت احچي ويه جدك جلجامش وجدتك شبعاد.
ـــ وشگالوا بابا …؟؟؟
ـــ السومريون لن ينثنوا..
ـــ ولن ننكسر بابا
ـــ لا لن ننكسر.
ـــــــــــــــــــــــــــ

يا طير يا صاحب الغيره2

دمعتك شطفي بيه
انه محروگ بوطن ورمادي ديره
گوم شد حيلك وخذني
انـه ابن ذاك الجنوب
جبر اجناحك وخذني
هذا عنواني الجنوب
شبيك اخذني
يسعل بريتي الجنوب
تدري يا طير الجنوب شگد حلو
……………. كلش حلو
………….. فدوه الحلاته
…………………………

برلين ـــ 24 / 07 / 2016

(1) (تثغب) مفردة سومرية تعني ــ البكاء بصوت مرتفع ــ
(2) مقطع من قصيدة ـــ عنواني الجنوب ـــ

اترك تعليقاً