متابعة السيمر / السبت 01 . 10 . 2016 — قلل خبراء وكتاب سياسيون واقتصاديون سعوديون، اليوم الخميس، من تأثير قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” الأميركي -جاستا- ووصفوه بأنه “سلاح بلا رصاص”، معتبرين أن إقراره تم لأسباب سياسية تتعلق بالانتخابات الرئاسية الأميركية قريباً وأنه يمكن بسهولة مواجهته في حال طبق على السعودية من خلال مبدأ “المعاملة بالمثل”.
وأكدوا في تصريحات لوكالة “الأناضول”، أن القانون سيخلّف نتائج اقتصادية سلبية على الولايات المتحدة، منها ما يتعلق بزعزعة الارتباط بالعملة الأميركية والأسواق العالمية، وانخفاض الثقة في الاستثمار داخلها، بسبب القوانين التي تهدد الاستثمارات وعلى رأسها “جاستا” مؤخراً.
وأبطل الكونغرس الأميركي، أمس الأربعاء، حق النقض “الفيتو”، الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما، الجمعة الماضية، ضد مشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول بمقاضاة دول ينتمي إليها المهاجمون.
وبذلك يصبح للمسودة قوة القانون، ويكون بإمكان المواطنين الأميركيين مقاضاة أي دولة تتهم بالضلوع في عمليات إرهابية، نتج عنها ضرر عليهم، بما فيها قضية عائلات الضحايا والناجين من أحداث 11 سبتمبر/أيلول، والتي أدت إلى مقتل وإصابة الآلاف.
وفي 11 سبتمبر/ أيلول 2001، نفذ 19 من عناصر تنظيم “القاعدة” باستخدام طائرات ركاب مدنية، هجوماً ضد أهداف حيوية داخل الولايات المتحدة، أبرزها برجا مركز التجارة العالمي في نيويورك؛ ما أدى لمقتل آلاف الأشخاص، وكان 15 من منفذي هذه الهجمات سعوديين.
وترفض السعودية تحميلها مسؤولية اشتراك عدد من مواطنيها في هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وسبق أن هددت بسحب احتياطات مالية واستثمارات بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة، في حال إقرار مشروع القانون.
قانون لا يستهدف السعودية
وقال عضو مجلس الشورى السعودي، فهد بن جمعة، إن ليس لدى السعودية ما تخشاه من قانون “جاستا” كونها ليست دولة إرهابية، ومن يخافه هي الدول الإرهابية، والمعروفة بدعمها للإرهاب والمليشيات.
وذكر في اتصال هاتفي مع “الأناضول” أن القانون ليس موجهاً ضد السعودية ولم يتم تسمية دول فيه، والـ28 صفحة التي ارتكز عليها القانون برأت السعودية وليس فيها أي دليل إدانة. مضيفا: “نحن دولة تحارب الإرهاب.. كيف نتهم به؟”.
وتساءل بن جمعة: “أي دولة أو شخص ينفذ جريمة يكون له هدف ومصلحة.. ما هدف أو مصلحة السعودية من ضرب برجي التجارة في الولايات المتحدة في 11 سبتمبر؟”.
واستبعد أن يصل القانون لأية نتائج، لعدم وجود أية أدلة ضد السعودية. مؤكداً أن أسباب إبطال فيتو الرئيس الأميركي باراك أوباما أسباب سياسية بحتة، كون الديمقراطيين لا يودون خسارة أصوات في الانتخابات المقبلة.
وصوت مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، أمس، على “الفيتو” ليحصل مشروع القانون على تأييد 348 صوتاً، ورفض 77، وامتناع 10 آخرين عن التصويت بالمجلس، الذي يبلغ عدد أعضائه 435.
وقال الكاتب الاقتصادي السعودي محمد العنقري، أن إقرار قانون “جاستا” أسبابه سياسية، “لكنه في النهاية، قانون لن يشكل أكثر من عراك بين المحامين في أروقة المحاكم ولن يصل لنتيجة”.
وذكر في اتصال مع “الأناضول”، أن القانون ستكون له نتائج اقتصادية سلبية على أميركا، منها ما يتعلق بزعزعة الارتباط بالعملة الأميركية والأسواق العالمية، وانخفاض الثقة في الاستثمار داخلها بسبب القوانين التي تهدد الاستثمارات وعلى رأسها “جاستا” مؤخراً.
تأثر العلاقات الاقتصادية
وتبلغ قيمة الاستثمارات السعودية في أذون وسندات الخزانة الأميركية 103.7 مليارات دولار حتى نهاية مايو/أيار الماضي، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية.
وأكد العنقري أنه من المبكر الحديث عن ردود فعل محددة من قبل السعودية، لكن التصريحات السابقة لإقرار القانون من قبل المسؤولين في السعودية تشير إلى أن العلاقة بين البلدين ستتأثر، لكن لم يتم تحديد إلى أي مستوى.
وقال العنقري إن إقرار القانون سابقة سلبية في تاريخ العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، واستمرار تداعياته سيهز الثقة في علاقات الدول ببعضها البعض، ما قد يتطلب تدخل منظمة الأمم المتحدة لتعديل المسار، لأن القانون سيفتح الباب جميع الدول لإقرار قوانين مشابهة وتتم المعاملة بالمثل ولأسباب مختلفة يمكن توفيرها.
ويتساءل، سلمان الدوسري رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط المملوكة من السعودية ومقرها لندن، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: ماذا لو جمدت السعودية تعاونها مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، رداً على قانون جاستا.. هل يمكن لواشنطن أن تحاصر الإرهاب بدون المملكة؟!”.
وأضاف: “السعودية ليست دولة طارئة لكي تهتز من قانون “جاستا”، القانون أساساً يسبب فوضى في النظام العالمي، الولايات المتحدة لديها أيضاً مصالح بالمنطقة”.
من جهته، قال رئيس اللوبي السعودي في أميركا (سابراك) سلمان الأنصاري، إن علاقة الرياض بواشنطن مرت بتحديات أكبر بكثير من التحديات الحالية.. قانون “جاستا” ليس قانوناً حقيقياً وقابلاً للتطبيق، فالتعامل بالمثل سيوقف فعالية هذا القانون بشكل مباشر.
وأضاف في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “حينما يتم التعامل بالمثل، وهذا هو المتوقع، فسيتم مقاضاة أميركا من خلال أفراد وسيتم تجميد أموال أميركية إذا تطلب الأمر.. فأميركا ستلوح بلا شك بقانون “جاستا” للابتزاز ولكنه في الأصل سلاح بلا رصاص.. رغم كل ذلك علينا أن نعمل بجدية متناهية لمواجهة المتغيرات”.
وفي وقت سابق أمس، صوت مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) ضد “فيتو” أوباما، بأغلبية 97 عضواً، واعتراض زعيم الأقلية الديمقراطية هاري ريد وحده، بالإضافة إلى عدم تصويت اثنين من الأعضاء.
والجمعة الماضية، قال أوباما إن اعتراضه على مسودة القانون أساسه أن هذا التشريع “غير قادر على حماية الأميركيين من الهجمات الإرهابية، ولا تعزيز فعالية ردنا على هذا النوع من الهجمات”.
وكشف أن مسودة القانون بصيغتها الحالية “ستسمح بالتقاضي برفع دعوى خاصة ضد الحكومات الأجنبية داخل المحاكم الأميركية، على أساس ادعاءات تقول إن أفعال بعض الحكومات الأجنبية في الخارج قد جعلتهم مسؤولين عن إصابات سببها إرهاب وقع على الأراضي الأميركية”.
وشدد على أن الموافقة على تحويل هذا التشريع إلى قانون “ستتيح الفرصة لرفع دعاوى ضد دول لم يتم تصنيفها بالإرهاب من قبل الحكومة التنفيذية (الأميركية) كدول راعية للإرهاب، ولم تقم بشكل مباشر بتنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة”.
(الأناضول)