متابعة السيمر / الأربعاء 19 . 10 . 2016 — معركة الموصل المنتظرة قد انطلقت هذا الأسبوع، ومعها المخاوف الامريكية من تنامي السلبيات الناتجة عن نهايتها، وخصوصا فقدان العراقيين للعدو المشترك الذي وحد النظراء، على مستوى سلطة ومجتمع، حيث ترى الولايات المتحدة في معركة الموصل، اخطار واهمية تقابل تلك التي جرت عام 2003، لما قادت اليه من اقتتال طائفي وتباين مذهبي شديد عقبها.
على المقاييس العامة لتقدم الوضع، فان العراق قد تحول بشكل كبير الى بلاد اقوى، عما كانت عليه صيف عام 2014، حين هاجم رتل واحد مؤلف مما يقارب 1000 عنصر من داعش، مدينة الموصل، التي تتالف حاميتها من جيش من الاشباح، ادعى البنتاغون عام 2008 جاهزيته لتولي المهام الأمنية في العراق خلفا لقواته.
هذه المرة، القوات الامريكية عادت، مع حلفائها الفرنسيين والبريطانيين واخرين، بقواتها الخاصة وطائراتها، التي تغطي 30.000 مقاتل عتيد من القوات العراقية المدربة جيدا، في معارك استعادة المدينة، بعد السيطرة على الرمادي وتكريت، مركز المناطق السنية في العراق.
ثلاث أسئلة.. ومستقبل العراق
اول الأسئلة الضرورية التي يتم طرحها الان، هي ان كان تنظيم داعش سيقوم بمحاولات جدية للحفاظ على المدينة، عبر استخدامه خطط وتكتيكات متنوعة لتقليل الضغط المحلي الواقع عليه حاليا، حتى من قبل سكان المدينة أنفسهم، وماهية التأثيرات طويلة المدى لذلك الدفاع ان حصل.
وبما ان السؤال الأول يبدوا وانه قريب الإجابة، خصوصا مع تراجع التنظيم على الأرض الى الدرجة التي تجعل منه غير قادر على الحفاظ على المدينة، انما تأخير استعادتها من قبل القوات العراقية على ابعد حد، فان السؤالين التاليان هما من ستحدد الإجابة عنهما مصير العراق المستقبلي.
هل سيتمكن العراقيون من التوحد فعلا حول الموصل، وإيجاد أرضية مشتركة للقتال فيها ثم ادارتها بعد استعادتها، ام ان المعركة ستعمق من الخلاف الطائفي أكثر، خصوصا وان تأخرها سيطلق سيلا هائلا من اللاجئين الهاربين من هول التنظيم والمعارك.
رئيس الوزراء العراقي وعشية اعلان بدا عمليات الموصل، أطلق تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر، اكد فيها بان العراقيين سيحتفلون بالنصر في الموصل معا، بالنظر الى طبيعة قيادته للبلاد خلال العامين الماضيين، والاحداث التي جرت فيها، بالإضافة الى طبيعة تقسيم جغرافية المعركة، فان اعلان العبادي “متفائل” جدا، فالعراق “لم يكن مقسما هكذا من قبل”، وعلى مستوى داخلي بين ذات المذاهب والاعراق، وعلى الصعيد السياسي أيضا.
هذا التقسيم والتباين الشديد، تخفيه حاليا معالم المعركة التي تدفع بالعراقيين ساسة ومجتمع الى التوحد ضد عدو مشترك، لكن بنهاية هذا العدو المحتومة، هذه الفوارق ستظهر من جديد وبشكل قوي جدا، مما يهدد وحدة البلاد، مالم يتم التعامل معها بجدية، وإيجاد حلول حقيقية تضمن ان تكون للعراق سلطة واضحة وخطوط معروفة بين الجهات العديدة المختلفة فيه.
الجيش العراقي.. ضحية السياسة والمجتمع
القوات العراقية التي تقود الهجوم على مدينة الموصل الان بغية استعادتها من التنظيم، تتالف من القوات الخاصة، قوات مكافحة الإرهاب، القطاعات النظامية للجيش، وبالإضافة الى الشرطة الاتحادية العراقية، كل هذه الفصائل تحظى بثقة شعبية مما يؤهلها لقيادة الهجوم، لكن رسم جغرافية المنطقة، يضعها والعراق في خطر.
هذه القوات، تحاط جوانبها وخلفها بقوات رسمت لها الحدود الجغرافية على الأساس العرقي والمذهبي، بين ميليشيات شيعية مدعومة إيرانيا، قوات قبلية عشائرية لها ميول تركية وخليجية، قوات “البيشمركة” الكردية وخلافها الكبير مع حكومة بغداد، وما تملكه معظم عناصرها من بغض تجاه العرب من العراقيين، بالإضافة الى الجيش الخاص المدعوم تركيا التابع للمحافظ السابق كل هذه تضع القوات العسكرية الأساسية العراقية في خطر الوقوع ضحية اقتتال لحظي، قد يحدث بين هذه الأطراف المتباينة، التي وزعت مناطق جغرافية لتمسكها على الأسس المذهبية والعرقية لها.
هذه التباينات الكبيرة قد تنفجر في أي لحظة، بعد تحرير الموصل، خصوصا في ظل غياب الثقة بين هذه الأطراف على الصعيد السياسي والاجتماعي، حتى ضمن المذهب او العرق الواحد، كما يحصل في شقاق البيت السياسي الكردي الان.
لعبة خوف.. من يخشى من؟
المخاوف بين المتخصصين تنبع من الخلافات الشديدة التي تتراكم بين مكون واخر، فالشيعة وعلى خلفية الاقتتال الطائفي الذي جرى بعد عام 2003، يرون في السكان السنة لتلك المناطق طابورا خامسا تابعا لداعش، ويخشون من ان ينقلبوا عليهم في أي وقت.
السنة والشيعة، يشتركون في خوفهم من المطامح الكردية في دولة مستقلة، تحاول حكومة الإقليم عبر قواتها توسعة أراضيها قبل إعلانها، على حساب أراضي السنة والشيعة، خصوصا وانهم طالبوا بإدارة الموصل، مدعين الخوف من عودة داعش اليها بسبب الاحتقان الطائفي بين السنة والشيعة وعدم قدرة الحكومة على مواجهته، وبعد ان سيطروا على تركيا، وضموها الى أراضيهم بالرغم من كونها محافظة متنازع عليها ضمن الدستور.
الاتراك، والذين اقاموا وجودا عسكريا مباشرا لهم في قاعدة “بعشيقة”، يحاولون كل ما في وسعهم وضمن ذلك دعم أطراف محددة عراقية، بغية منع الاكراد من إقامة دولتهم المنشودة، حيث يرون فيها توسعا لحزب العمال الكردستاني، العدو الأول لهم.
وان نيوز