السيمر / الأحد 27 . 11 . 2016 — عندما بدأت القذائف تنهمر حول مدينة تلعفر مع تدخل قوات الحشد الشعبي لقتال تنظيم داعش في شمال العراق رأى أبو فرج فرصة للهروب من الأسر.
انتقل هو و17 آخرون من الأقلية الإيزيدية إلى أطراف المدينة بينما كان سجانوهم من داعش منشغلين بالمعركة.
وبعد أربعة أيام ومع سدول أول خيوط الظلام فروا. ضمت المجموعة نساء وأطفالا وسارت عبر الصحراء وبعد ساعات وصلت لمنطقة يسيطر عليها الكورد.. حيث بر الأمان.
قال أبو فرج (23 عاما) الذي انتظر هذه اللحظة لأكثر من عامين “أذكر الساعة التي قررنا فيها الهرب على وجه الدقة. كانت 6:50 مساء.”
وقال أبو فرج الذي استخدم اسما مستعارا خوفا من تعرف متشددي داعش على هويته وهم لا يزالون يحتجزون أقارب له “اضطررنا للسير في صف واحد عبر الصحراء واتباع خطوات بعضنا بعضا تحسبا لوجود ألغام.”
واحتجز داعش المجموعة التي تضم زوجة أبو فرج وابنتيه عندما اقتحمت سنجار في شمال العراق في أغسطس آب 2014.
وقتل المتشددون بشكل ممنهج آلاف الإيزيديين واعتقلوهم واستعبدوهم. وتمزج العقيدة الإيزيدية عناصر من عدة ديانات شرق أوسطية قديمة ويعتبر داعش أصحابها “عبدة للشيطان”.
وعثر على مقابر جماعية لإيزيديين منذ استعادت القوات الكوردية مناطق شمالي سنجار في ديسمبر كانون الأول 2014 ثم المدينة نفسها في نوفمبر تشرين الثاني 2015 لكن داعش كان قد نقل بالفعل الكثير من الإيزيديين لمناطق أخرى من بينها تلعفر.
وتشير تقارير واردة من المنطقة إلى أن آلافا فروا من تلعفر في الأيام الأخيرة مع تقدم قوات الحشد الشعبي الشيعية في إطار عملية لطرد داعش من مدينة الموصل.
وأغلب من فروا من التركمان السنة الذين خشوا انتقاما من جانب المقاتلين الشيعة.
لكن هناك إيزيديين أيضا بين الفارين. وبالنسبة لأبو فرج ورفاقه القابعين مؤقتا في مبنى تحت الإنشاء في مدينة دهوك بشمال البلاد كان الهرب مبعث ارتياح كبير.
وقال وهو يدخن سيجارة وهو فعل ممنوع تحت حكم داعش “تركنا منزلنا عندما كان آخرون يفرون أيضا. لم نسأل من هم أو إن كانوا من عائلات داعش. انتهزنا الفوضى كي نبتعد.”
وتابع قائلا “تحت حكم داعش شاهدنا إعدامات وضرب.”
أبو فرج – الذي عمل بالسخرة في تلعفر – من بين قليلين من شباب الإيزيديين الذين فروا من يد داعش. ولم يفصح كيف تمكن من النجاة في حين اختفى آخرون أو قتلوا لأنه خشي التعرف عليه.
قال “باقي المجموعة نساء وأطفال وعجائز.”
وذكر محققو الأمم المتحدة في تقرير في يونيو حزيران أن داعش يرتكب إبادة جماعية بحق الإيزيديين في سوريا والعراق للقضاء على الأقلية وذلك من خلال القتل والاستعباد الجنسي وجرائم أخرى.
وقطعت امرأة في الثانية والأربعين من عمرها كان وجهها مغطى بوشاح نفس الرحلة التي قطعها أبو فرج واصطحبت معها أصغر ثلاثة من أبنائها.
قالت “عندما وصلنا أخيرا لموقع البيشمركة خلعنا الحجاب ورفعنا أيدينا. كنا مرعوبين أن يظنونا من داعش بتلك الملابس السوداء وأن يطلقوا علينا النيران.”
أما زوجها وابنها البالغ من العمر 16 عاما وابنتها ذات العشرين عاما فقد انفصلوا عنها وعن الأبناء الأصغر عندما أسرهم المتشددون أول مرة.
وقالت “لا أعرف ماذا حدث لهم ولا مكانهم.”
واتخذ مقاتلو داعش كثيرات من اليزيديات سبايا
ومنذ احتجازها نقل المتشددون الأسرة من بلدة إلى بلدة ووضعوها لفترة في سجون مؤقتة وأبقوها لفترة في وضع أشبه بالإقامة الجبرية في تلعفر.
قالت “لم نكن لنغادر البيت إلا لإحضار الضروريات. امتنعت عن إرسال أطفالي لمدرسة تديرها الدولة الإسلامية.”
وتابعت قائلة وهي تجلس بجوار أطفالها الذين بدوا منهكين شاحبين “الدواعش كانوا يعطوننا ما يكفينا بالكاد لنقتات عليه لكنه كان في الأغلب طعاما وماء قذرا.”
وقال مكتب شؤون المخطوفين في دهوك والذي تدعمه حكومة إقليم كوردستان إنه يعتقد أن نحو 3500 يزيدي لا يزالون في مناطق تخضع لسيطرة داعش بينهم كثير من النساء والأطفال.
لكن حتى أولئك الذين تمكنوا من الفرار.. لم تنته محنتهم بعد.
قال أبو فرج “الآن لا نعرف ماذا نفعل. لا نعرف إن كنا سنستطيع العودة للديار.. بل وأين سننام الليلة. لله الأمر.”
رويترز