السيمر / الأربعاء 07 . 12 . 2016 — تطرقت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى عملية تحرير الموصل، مشيرة إلى قوات التحالف الدولي تسمرت في قتالها على مشارف المدينة وفي ضواحيها.
جاء في مقال الصحيفة:
أعلن البنتاغون ووزارة الدفاع العراقية أن قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت من التحصن في بعض الأحياء الشرقية لمدينة الموصل. وبعد ذلك، أفادت الأنباء بتوقف العمليات بسبب عاصفة ترابية، وأن هذه العمليات استؤنفت بعد هدوئها. لكن وسائل الإعلام العراقية ولأول مرة أعلنت، استنادا إلى قيادة القوات العراقية، عن تأجيل تحرير المدينة إلى أجل غير مسمى. ويذكر أن سياسيين وعسكريين غربيين رفيعي المستوى كانوا قد تحدثوا عن الموضوع نفسه قبل أيام.
وكان ممثل وزارة الدفاع الأمريكية العقيد البحري جيف ديفيس وزميله العقيد جون كوريان قد صرحا لمراسلي “فوكس نيوز” بأن قوات التحالف التي تهاجم الموصل تمكنت من السيطرة على 20 في المئة من مساحة الجانب الشرقي لمدينة الموصل. ويستمر هجوم الجيش العراقي والمتطوعين والبيشمركة الكردية على المدينة من ثلاثة محاور – الجنوب والشرق والشمال. وبحسب قول ممثل البنتاغون، تمكنت قوات التحالف من فرض الحصار على المدينة من الجانب الغربي أيضا. لكن مصادر أخرى تفيد بأن معارك شديدة تدور حتى الآن للسيطرة على مدينة تلعفر، التي تعدُّ أهم نقطة استراتيجية، حيث تصل عبرها من سوريا المساعدات اللازمة لـ “داعش”. فيما أكد ممثل البنتاغون أن تحرير الموصل “لن يكون سريعا”، مبررا ذلك بأن قوات التحالف تضطر إلى خوض حرب شوارع، وأن فصائل العدو تتألف من متعصبين دينيا.
ويذكر أن عملية تحرير الموصل بدأت ليلة 16 على 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أي قبل 50 يوما. ولذلك يمكن تلخيص ما جرى خلال هذه الفترة:
خططت لهذه العملية مجموعة مستشارين عسكريين غربيين برئاسة الجنرال ستيفن تاونسند في العراق. وقد أعلن البنتاغون عن هذه العملية مسبقا، ما أتاح لقيادة “داعش” فرصة ملائمة لتحصين المدينة بصورة جيدة. كما تم تحويل أحياء المدينة إلى نقاط ارتكاز وحُفرت أنفاق تحت الأرض. وحدد البنتاغون عدد المسلحين بين 3 و5 آلاف مسلح، وهذا أقل من عددهم الفعلي. ووفق معلومات الاستخبارات الكردية، بلغ عددهم قبل بداية الهجوم على المدينة 30 ألف مسلح، وهذا أقرب إلى الحقيقة. كما أن عملية الدفاع عن المدينة تتضمن الدفاع عن ضواحيها البعيدة والمتوسطة والقريبة أيضا. وتجدر الإشارة إلى أن “داعش”، عندما احتل المدينة عام 2014، سيطر على مستودعات أسلحة وتجهيزات ومعدات عسكرية كبيرة كانت مخصصة لتجهيز ثلاث فرق مشاة عسكرية عراقية. وجزء من هذه المخزونات فقد، بيد أن الجزء الذي بقي يكفي لتسليح سكان المدينة الموالين للتنظيم كافة.
القوات العراقية وقوات البيشمركة تهاجم الموصل
لقد أجرى “داعش” في المدينة خلال سنتين عمليات تطهير شاملة، وتخلص من غالبية خصومه فيها. ووفق إحصاءات نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، يتراوح تعداد السكان في المدينة بين 1.5 و2 مليون نسمة غالبيتهم موالون لـ “داعش”. لذلك فورا، وبعد بداية الهجوم على المدينة، تم تشكيل كتائب متطوعين من السكان المحليين (العرب السنة)، وقد ساعد في ذلك أن القوات العراقية تتألف عمليا من المتطوعين الشيعة وما أشيع عن طردهم للسنة من منازلهم بعد تحرير تكريت والرمادي والفلوجة.
لقد أخطأ التحالف ايضا في أمور أخرى. أولا – لم تؤمن القوات العراقية خطوط عملياتها، ولم تقض على فصائل “داعش”، التي لا تزال تنشط في الخطوط الخلفية لهذه القوات في منطقة مخمور. ويبدو أن الأمريكيين لم يعوا حتى الآن أنهم في الشرق الأوسط يحاربون بمحاذاة الطرق فقط، لذلك ليس هناك ما يستدعي الحديث عن اكتمال طوق الحصار حول الموصل، لأن طرق البدو الصحراوية لا تزال مفتوحة.
ووفق مصادر مختلفة، تمكن البنتاغون من جمع قوات تعدادها يتراوح بين 130 و165 ألف مقاتل لعملية تحرير الموصل، وتتألف من الجيش العراقي والبيشمركة والحشد الشعبي الشيعي والحشد الشعبي السني وكتائب متطوعين مسيحية وإيزيدية ومعهم عسكريون من الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وأستراليا والتشيك وغيرهم. وبحسب معطيات هيئة الأمم المتحدة، فقدت هذه القوات في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2885 شخصا، من ضمنهم 1792 عراقيا و16 أمريكيا). وفي نوفمبر/تشرين الثاني، فقدت حوالي ألفي مقاتل، ويبدو أن هذا الرقم لا يشمل المقاتلين المتطوعين. كل هذا والعمليات الحربية لا تزال في ضواحي المدينة ومداخلها، فكيف ستكون الأوضاع عند ما تبدأ هذه القوات عمليات اقتحامها؟
الأمم المتحدة منذ الآن تعلن عن كارثة إنسانية في المدينة، حيث يعاني السكان من شَح المياه والمواد الغذائية، ما يساعد “داعش” في الحرب الإعلامية.
وعلى خلفية هذه الأوضاع يعلن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أن استعادة الموصل ستتم قبل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، أي قبل 20 يناير/كانون الثاني 2017 المقبل. ولكن هذا، استنادا إلى تطور العمليات الحربية، غير واقعي. فهل يمكن إجبار أفراد القوات العراقية والبيشمركة الكردية على الموت، فقط من أجل محاولة تحقيق فكرة كارتر السخيفة؟ لذلك يبقى أمام الأمريكيين خياران: إما مسح الموصل عن وجه الأرض بقصف مدفعي وصاروخي، أو شراؤها من تنظيم “داعش”.
روسيا اليوم