السيمر / الثلاثاء 20 . 12 . 2016 — ذكرت صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” أن الولايات المتحدة، بعد مضي خمس سنوات على إعلان انتهاء عملية سحب قواتها من العراق، تستعد للعودة إلى بلاد الرافدين من جديد.
جاء في مقال الصحيفة:
اكتملت يوم 18 من الشهر الجاري خمس سنوات على إعلان واشنطن عن انتهاء عملية سحب قواتها من العراق بعد العملية العسكرية، التي أودت بحياة 20 ألف عسكري من الجانبين وحوالي 100 ألف مدني عراقي. ومع ذلك لا يمكن الحديث عن نتائجها وانتهائها. لأنه أصبح معلوما استخدام الولايات المتحدة في العراق طائرات الاستطلاع الاستراتيجية RC-135 المرابطة في قطر، وهذا يعني، وفق رأي الخبراء، إعداد الولايات المتحدة لعمليات عسكرية جديدة في العراق.
ويذكر أن واشنطن بدأت عملية “حرية العراق” العسكرية في شهر مارس/آذار عام 2003، والتي يذكر الخبراء أنها اختلفت عن حرب الخليج عام 1991 بانخراط القوات الأمريكية والبريطانية بهجوم بري فيها منذ بدايتها من دون غارات جوية مسبقة.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي جورج بوش-الابن سعى خلال سنة من بدء الحرب لإثبات خطورة النظام العراقي على المجتمع الدولي؛ مؤكدا أنه يعمل على إنتاج أسلحة دمار شامل بالتعاون مع تنظيم “القاعدة” الإرهابي، ذلك على الرغم من أن معلومات الاستخبارات الأمريكية كانت معاكسة تماما.
أما بشأن العلاقة مع “القاعدة” فهو أمر مشكوك فيه، باعتبار أن مسلحيها حاربوا ضد العراق في حرب الخليج 1991، إضافة إلى أن صدام منذ ثمانينيات القرن الماضي بدأ بشن حملة واسعة ضد المجموعات الإسلامية المتطرفة.
ومع أن وزير خارجية الولايات المتحدة كولن باول قدم في شهر فبراير/شباط 2003، في الاجتماع الخاص لمجلس الأمن الدولي، أدلة عديدة تؤكد أن العراق يخفي عن المفتشين الدوليين أسلحة الدمار الشامل، فإن المجلس لم يتخذ قرارا بتفويض الولايات المتحدة وحلفائها استخدام القوة، ولكنهم انتهكوا ميثاق المنظمة الدولية واستخدموها.
وعلى الرغم من إعلان بوش في شهر مايو/أيار2003 انتصار الولايات المتحدة في الحرب مع العراق، فقد تبين لاحقا أن ذلك التاريخ كان بداية الحرب وليس نهايتها؛ لأن قوات التحالف في هذا الشهر بالذات تعرضت لهجمات عديدة من قبل الموالين لصدام حسين، والذي كانوا قد تمكنوا من الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة المخزنة في مستودعات الجيش العراقي السابق.
ومع أن الخبراء الذين أوفدتهم واشنطن إلى العراق للبحث عن أسلحة الدمار الشامل، التي كان من المفترض أن نظام صدام يخفيها، لم يجدوا ما يثبت وجودها، فإن هذا لم يعد موضع اهتمام أحد.
وفي ربيع 2004، واجهت الولايات المتحدة وحلفاءها حرب عصابات نظمتها مجموعات مختلفة في العراق؛ ما تسبب في سوء حال القوات الأمريكية سنة بعد أخرى وزيادة ضحاياها؛ واضطر جورج بوش في يناير/كانون الثاني عام 2017 إلى إعلان استراتيجية جديدة للولايات المتحدة سماها “الطريق الجديد للأمام”، واعترف في خطاب له بالأخطاء التي ارتكبها في العراق. وأشار بوش إلى أن سببها هو نقص عديد القوات الأمريكية وتحديد حريتها. لذلك، تضمنت الاستراتيجية الجديدة إرسال 21.5 ألف جندي أمريكي إضافي إلى العراق وتعزيز حماية الحدود، ولكن ذلك أيضا لم يجلب النجاح لواشنطن.
وفي عام 2008، بدأت عملية تعزيز القوات الأمنية والعسكرية العراقية واستلامها المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات التحالف تدريجيا. وفي مطلع شهر أغسطس/آب 2010، بلغ عدد القوات الأمريكية التي بقيت في العراق حوالي 50 ألف عسكري، لتدريب القوات العراقية ودعمها. وفي نهاية عام 2011 أعلن عن نهاية الحملة العسكرية الأمريكية في العراق التي استمرت تسع سنوات، ولم يبق في العراق حسب وسائل الإعلام سوى زهاء 5500 شخص عام 2013 عملوا في الشركات العسكرية والأمنية الخاصة.
يقول النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد أندريه كليموف إن الحملة العسكرية الأمريكية فشلت تماما وأن الأمريكيين لا يستطيعون الخروج من العراق: “في البداية دخل الأمريكيون إلى العراق بذرائع وهمية. ثم وبانتهاك القوانين الدولية كافة أعدموا الرئيس العراقي؛ ما أدى إلى ظهور “داعش” بعد ذلك. وإذا أخذنا بالاعتبار كل ما يجري، فلن يتمكنوا من الخروج منه. حقا، إنهم سحبوا شكليا قواتهم من العراق، ولكنهم خلال خمس سنوات حافظوا على وجودهم هناك بهذا الشكل أو ذاك كسياسيين ودبلوماسيين وعسكريين”.
وبحسب قوله، من الصعوبة تحديد عدد العسكريين الأمريكيين الموجودين في العراق حاليا، لأن العمليات الحربية الأمريكية كافة محاطة بسرية تامة: “إذا نظرنا إلى خريطة المساحات التي يسيطر عليها “داعش”، ومن ضمنها الموصل التي أعلنها التنظيم الإرهابي عاصمته في العراق، فسنرى في الواقع غياب أي فعالية لوجود القوات الأمريكية في العراق”.
أما رئيس معهد الشرق الأوسط يفغيني ساتانوفسكي، فيقول إن الرئيس باراك أوباما وعد الناخبين بسحب القوات الأمريكية من العراق، وبالفعل سحب الذين أرسلهم جورج بوش، وبالتالي حصل فراغ استغله “داعش”، أي أن البغدادي ومموليه وشركاءه يمكنهم تقديم الشكر لأوباما على ذلك بما فيهم قطر”.
وبحسب قوله، فإن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد يحاول تسوية هذه الأوضاع باعتباره شخصا واقعيا ورجل أعمال، وستكون فرصه أكبر من أوباما الحقوقي. ولكن الحديث عن تنبؤات محددة أمر سابق لأوانه.
روسيا اليوم
-موضوع ذو علاقة بالمادة المنشورة :
محلل سياسي يكشف لـ”فارس” عودة الاحتلال الاميركي للعراق عبر داعش الارهابي