السيمر / الاثنين 23 . 01 . 2017 — جرت الجلسة الافتتاحية لمفاوضات أستانا حول سوريا وراء الأبواب المغلقة، لكن الأطراف المشاركة سارعت إلى الكشف عن حيثيات هذا الاجتماع الذي يعد الأول من نوعه.
وتعد الجلسة الافتتاحية، أول لقاء جمع وفد الحكومة السورية بممثلي المعارضة المسلحة التي مازالت تواجه الجيش السوري في سوح القتال، ولاسيما في وادي بردى بريف دمشق.
وعلى الرغم من أن عقد مثل هذا اللقاء بحد ذاته يعد نجاحا كبيرا، إلا أن التصريحات أثناء الجلسة وبعدها أظهرت تفاوتا كبيرا في مواقف طرفي النزاع، على الرغم من توافقهما على الهدف الرئيسي للتفاوض، وهو تثبيت الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
الجعفري: جاؤوا للاستفزاز لكننا باقون في أستانا
وفي كلمة له في افتتاح المفاوضات، أوضح بشار الجعفري، رئيس الوفد السوري الحكومي، أن ما تأمل فيه دمشق من لقاء أستانا هو تثبيت وقف الأعمال القتالية لمدة زمنية محددة يتم خلالها الفصل بين المنظمات الموقعة على اتفاق الهدنة “والراغبة بالتوجه إلى مصالحة وطنية والاشتراك في العملية السياسية من جهة وبين تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” والتنظيمات المرتبطة بهما”.
وفي تصريحات صحفية بعد انتهاء الجلسة، أعرب الجعفري عن استيائه الشديد من موقف المعارضة السورية المسلحة الذي وصفه بأنه “وفد الجماعات الإرهابية المسلحة”، وبشكل خاص هاجم رئيس هذا الوفد محمد علوش زعيم الجناح السياسي لـ”جيش الإسلام”، واصفا إياه وأعضاء الوفد المعارض الآخرين بأنهم “هواة السياسة”.
واعتبر أن اللهجة التي تبناها وفد المعارضة الهدف منها هو الاستفزاز، لكنه شدد على أن الوفد الحكومي لن ينجر وراء هذا الاستفزاز وسيبقى في أستانا حتى النهاية.
أما المثال الذي ساقه الجعفري على عدم احترافية وفد المعارضة المسلحة، فهو إصرار المعارضة على اعتبار عمليات الجيش السوري في وادي بردى بريف دمشق، خرقا للهدنة. وأكد الجعفري بهذا الصدد أن تلك العمليات مشروعة تماما، كونها موجهة ضد تنظيم “جبهة النصرة” الذي ليس طرفا في اتفاق الهدنة.
كما تطرق رئيس الوفد السوري إلى الخروقات للهدنة من قبل المعارضة، مشيرا بشكل خاص إلى تعرض بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ريف إدلب للقصف بشكل يومي.
المعارضة السورية: لم نأت إلى هنا لتقاسم السلطة
بدوره قال رئيس وفد المعارضة السورية المسلحة محمد علوش إن المعارضة تسعى لوقف إطلاق النار وتجميد العمليات القتالية في كامل أنحاء البلد، كما إنه اشترط تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 للدفع بالانتقال السياسي.
وشدد علوش على أن العملية السياسية تبدأ برحيل بشار الأسد وإخراج القوات الأجنبية التابعة لإيران، من عموم الأراضي السورية.
واعتبر علوش أن ميليشيات أجنبية وعلى رأسها “حزب الله و حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي”، تساهم في “استمرار شلال الدماء ولا تختلف عن تنظيم داعش الذي اعتبرته الأمم المتحدة إرهابيا”.
ولوح علوش أيضا بأن المعارضة المسلحة لا تنوي هنا الانخراط في بحث المواضيع السياسية، مشدداً على أن الفصائل المسلحة لم تأت إلى المفاوضات “لتقاسم السلطة أو البحث عن نفوذ”، وإنما “لنعيد الأمن لسوريا ونفرج عن المعتقلين والمعتقلات”.
وفي مؤتمر صحفي بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية قال أسامة أبازيد المتحدث باسم وفد المعارضة المسلحة، إن فصائلها ترفض بحث ملف “جبهة النصرة” قبل التوصل إلى اتفاق بشأن سحب الميليشيات الأجنبية من سوريا. وشدد على أن المعارضة ستواصل القتال في حال فشل المفاوضات.
وأكد أبازيد أن وفد المعارضة المسلحة إلى أستانا سيركز على مسائل تثبيت الهدنة ووقف الخروقات، ولاسيما في وادي بردى والغوطة الشرقية وجنوبي العاصمة دمشق. أما التفاوض حول المسائل السياسية، فأكد أن الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن قائمة الرياض للمعارضة السورية، ستتولى هذا الملف.
موقف المعارضة من التواجد العسكري الروسي
تظهر تصريحات ممثلي المعارضة السورية المسلحة تغييرا نوعيا في موقفها تجاه الدور الروسي، فعندما دعوا بإصرار إلى سحب “القوات الأجنبية الموالية للنظام” من سوريا، لم يذكر أحد منهم موضوع القوات الروسية ولم يطالب بسحبها.
وبالتزامن مع ذلك، جاء موقف المركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة في سوريا، إذ أعرب مسؤول رفيع المستوى في هذا المركز الذي يتخذ من قاعدة حميميم مقرا له، عن قلقه من خروقات للهدنة من قبل القوات السورية الحكومة.
وأوضح هذا المسؤول: “قبل أيام، ذكّر الجانب الروسي القيادة العسكرية السورية بحزم بضرورة التزام قادة معينين (في الجيش السوري) بالاتفاقات التي تم التوصل إليها، وبضرورة عدم السماح بخرق تلك الاتفاقات”.
وأكد المسؤول أن مركز حميميم “سيواصل اتخاذ مواقف موضوعية من أجل استعادة الاستقرار في كامل أراضي سوريا في أقرب وقت”.
لم يتوفر حتى الآن أي رد رسمي على هذا التصريح من قبل الجيش أو الحكومة في سوريا.
هذا وتستمر المشاورات في أستانا حتى يوم غد الثلاثاء، على الرغم من عدم وجود خطط محددة لعقد مفاوضات مباشرة بين الطرفين. لكن المعارضة السورية قد أكدت استعدادها للحوار المباشر، في حال كان ذلك ضروريا لوقف “سفك الدماء”.
وأوضح ألكسندر لافرينتييف، مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، الذي يترأس الوفد الروسي إلى المفاوضات، أن روسيا وتركيا وإيران والأمم المتحدة ستتولى “الوساطة المكوكية” بين الطرفين السوريين.
وأضاف أن المشاركين في مفاوضات أستانا يواصلون العمل على تنسيق نص البيان الختامي، وأعرب عن ارتياحه من أول جلسة عامة، على الرغم من تأكيده على انعدام الثقة المتبادلة بين الطرفين.
وفي الوقت الذي تحدثت فيه مصادر دبلوماسية عن خلافات عميقة حول البيان الختامي للاجتماع، نشرت وسائل إعلام مقتطفات من مسودة البيان الختامي لروسيا وتركيا وإيران بصفتها الدول الضامنة لاتفاق الهدنة.
وتنص هذه المسودة على انضمام إيران لآلية الرقابة على وقف إطلاق النار الذي تشارك فيها حاليا روسيا وتركيا، بالإضافة إلى شروع الدول الثلاث في محاربة إرهابيي “داعش” و”النصرة” سويا.
وكالات / روسيا اليوم