الرئيسية / منوعات / البروفيسور” شاكر خصباك” .. وزمن العتمة والخراب العراقي

البروفيسور” شاكر خصباك” .. وزمن العتمة والخراب العراقي

السيمر / الخميس 16 . 03 . 2017

*عبد الجبار نوري

أن يد المنافي الظالمة لعبت بالدكتور الأكاديمي ا.د.” شاكر خصباك ” بالترحال من اليمن إلى الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً وقد أصيب بفقدان الذاكرة -عن عمر 87 سنة – بعد وصوله إلى الأرض المشؤومة ، هل سيرحل عنا خصباك وحيداً غريباً وبلا وداع ومن دون رعاية ؟ وهذا ما نتوقعهُ للأسف في زمن الخراب العراقي ( الناقد حسن سرمك ) .
ا.د.شاكر خصباك من مواليد الحلة 1930 ، يعد واحد من أعلام العراق المعاصر ، فهو قاص وروائي وكاتب مسرحي ومترجم ، وكاتب مذكرات ومقالات ، وأنهُ أكاديمي كبير في علم الجغرافيا ، وقد حصل على درجة الأستاذية عام 1974
في محور الحديث عن الدكتور ” شاكر خصباك ” هو ذلك العالم الجغرافي الكبير والأديب الثري العطاء ، وأن شهرتهُ العلمية طغت على شهرته الأدبية ، وأستحضار هذا الرمز العلمي والأدبي ما هو ألا أشارة في تقييم الكبار ، والأعتراف بأستحقاقاتهم في سيولة أقلامهم وأياديهم البيضاء ، وفضلهم على الأجيال المستقبلية المتلاحقة في رسم سيمياء اللغة والأدب والرواية ، فخصباك هو ذلك المبدع في فن أبراز الجمال والحب والأنسنة التي تفوح بعبق عطاءاته الثرة ، ظهر أديباً في الأربعينيات حقق حضوراً متميّزاً بارزاً ، ولمع نجمهُ في السبعينات من القرن الماضي كعالم في علم الجغرافيا ، وتميّز مشروعهُ الفكري المناهض للأستبداد ، برؤية واقعية في تبني مواقف المظلومين والمقهورين والتصدي لكل أشكال السلطة المستبدة ، وهي تلك المواقف التي زجتهُ في المعتقل ، وتسبب بعزلهِ من عملهِ الأكاديمي ، مما أضطرهُ لمغادرة العراق محققاً نبوغاً في القصة والرواية والمسرح والنقد ، ولهُ 15 رواية من أصل 35 عملاً أدبياً ، ومثلها مؤلفات وتراجم في علم الجغرافيا —- وهل في الليلة الظلماء يفتقد البدر ؟
ثمة خاطرة مُرّةٍ تجيشُ في صدري وتؤرقني — لماذا نحتفي بالفارس بعد ترجلهِ ؟ ورحيلهِ الأبدي ! وربما أستفز حكام ما بعدالأحتلال الذين يقبعون في بروجهم العاجية في فردوسهم المخملي الأخضر والمحاطين بوعاظ السلاطين من أمراء البذخ ، وربما ثقيلٌ عليّ أن أقول كلمة وداعاً يا بروفيسورنا الذي أعطيت للوطن 60 عاما من عمرك وزمنك ولم تأخذ منهُ شيئاً ، وعتابي كمواطن عراقي بتساؤل مشروع أين الحكومة ؟ ومؤسساتها الثقافية ، وأتحاد الأدباء العراق ، ونقابة الصحفيين ، وأين الوطن ليستذكر هذه القامة العلمية والثقافية الموسوعية ، وأين هم من شاكر خصباك العلامة الحيّة الميتة المبدعة ونتاجاته العلمية والثقافية والتي أتخم بها خزانة الذاكرة العراقية ، واليوم قد شبع من الترحال ، غاصاً من كأس عذابات المنافي والغربة ، التي فيها موتاً مجانياً يومياّ عبر شهيق هوائها المزكوم في الوقت الضائع لتلك اللعبة الزمنية في محطة الشيخوخة اللعينة ، وعطلاتها العديدة ، وأن فارسنا قد ترجل ، وها هو يمشي في طريق الرحيل الأبدي ، وعندها نمجد الفارس عندما يكبوا حصانه ويترجل ليودعنا ، وتقوم حينها قيامة أعلان الحداد ، وأظهار الرياء والمسكنة على موت تلك القامة التي كان يوماً من رموز الثقافة الكبار، وأحد ركائز التراث العراقي شأنه شأن الرموز العلمية والثقافية والفنية ، وليس بالضرورة لأحتياجاته المالية ربما لأنهُ يعيش من ريع مؤلفاته ونتاجاته الغزيرة الثرة ، ولكنه بحاجة إلى التثمين والتقييم والتكريم والعرفان .
ومن مفارقات القدرأن ينساهُ وطنه العراق وتحتفي به (صنعاء) اليمن – مشكورة – بمنجزات الدكتور شاكر خصباك في 10-6- 2008وعلى قاعة مركز الدراسات والبحوث اليمني بعنوان ( مضامين تراثية ونقدية عن المنجز العلمي والأدبي للدكتور والأديب العراقي شاكر خصباك ) أحتفاءاً بهِ وتقديراً لدوره الأبداعي العلمي ، وبمناسبة صدور مؤلفاته الأدبية في ثمانية مجلدات ، وقد شارك في الأحتفاء عدد كبير من الأدباء والنقاد وأصدقاء الأديب ، وبعض ممن درس على يديه .
حين تستعرض منجزات شاكر خصباك وأبداعاته الأكاديمية الموسوعية التي تبهر المتلقي العراقي والعربي والعالمي ، وربما تعجز عن حصرها لسعتها وتعدد فروعها :
-مقالات مبكرة بين 1945- 1947 منها بحوث ثقافية وأدبية ( دراسات أدبية ، نجيب محفوظ ، كتابات نقدية ، القافلة الظالّة ، مكانة المرأة في بلادنا ، حديث عن الفن ، كليباترا في خان الخليلي ، الكاتب الروسي ” أنطون تشيخوف ” وعشرات المقالات في توضيح معالم أهتماماته الفكرية المبكرة في ميدان الكتابة الأدبية الأجتماعية .
– وهوقاص وكاتب مسرحي جسّد دور المسرح وأهميته في حياة البشر بالأطار الواقعي الملتزم بحواراتهِ المكثفة وبأسلوبٍ رشيق وبتجلياتها الدرامية والمفعمة بالأمل الذي جعله من أسس البناء الدرامي ، ويصفهُ بأنهُ أكسير الحياة أذ لولا الأمل لتعطلت ديناميكية الحياة عبر مسيرتها االطويلة والمملة مثل: ( مسرحية القهقهة ، الدردشة ، وهو وهي ، والشيء ، وبيت الزوجية ، الدكتاتور ) .
– التخصص في علم الجغرافيا حصل على الليسانس من جامعة القاهرة عام 1951 ، وبعدها حصل على شهادة الدكتوراه من أنكلترا في الجغرافيه البشرية عام 1958 ، وعُيّن في كلية الآداب في قسم الجغرافيا ، وكنت حينها طالبا في كلية التربية قسم الجغرافيا ، مع الأسف أنهُ لم يدرسني بل كنت من الطلاب المتابعين لبحوثه ومحاضراته في حقل الجغرافيا البشرية .
وأخيراً / ليس من الضروري في هذا المقال كتابة تفصيلية عن الأستاذ الدكتور شاكر خصباك فهو يستحق أن نكتب عنهُ مجلدات وأطروحات لكن الهدف هو التذكير بهذا ( العَلمْ) الذي خدم وطنهُ والأنسانية عبر فضائين واسعين هما * الأبداع الأدبي في مجال القصة والرواية والمسرح ، * الثاني : الدراسات الجغرافية بقسميها البشري والأجتماعي .
تحية أجلال وأكرام لأستاذي الجليل البروفيسور شاكر خصباك متمنياً له الصحة والعافية

*كاتب عراقي مغترب

اترك تعليقاً