السيمر / الجمعة 30 . 06 . 2017 — أشاد مُمثِّلُ المرجع الدينيِّ السيِّد كمال الحيدريِّ اليوم الجمعة الموافق 30/6/2017 بالتضحيات التي قدَّمها أبناء الوسط والجنوب؛ من أجل تحرير المناطق العراقيَّة التي اغتصبها تنظيم داعش الإرهابيّ، مُستنكراً كلَّ الأصوات التي تلهج بغير ذلك، ولا تشكر تلك التضحيات أو تثمِّنها.
الشيخ علي قاسم وصف، خلال خطبة صلاة الجمعة التي أُقِيْمَتْ في مسجد الشيخ الوائليِّ بشارع فلسطين في العاصمة بغداد، مرحلة ما بعد داعش بالخطيرة جداً وبأنَّ موقف الحكومة العراقيَّة ضعيفٌ إزاء التحرُّكات المشبوهة لبعض الشخصيَّات لإعادة تأهيل أثيل النجيفيِّ للحياة السياسيَّة، فضلاً عن خطوات مسعود برزاني لإجراء الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان، ناعتاً البارزانيَّ بالدكتاتور الذي يريد أن يُمزِّق البلد من أجل طموحاتٍ شخصيَّةٍ، أبرزها بقاؤه حاكماً ومُسيطراً على المحافظات الشماليَّة، كاشفاً عن عدد الذين اسْتُشْهِدُوا منذ دخول داعش الموصل منتصف 2014، قائلاً إنَّ عددهم يربو على 25 ألف شهيدٍ، فيما تشير بعض المصادر -بحسبه- إلى أرقامٍ مرعبةٍ ربما تصل إلى 50 ألفاً بين ذبحٍ وقتلٍ وتفجيرٍ بسياراتٍ وأحزمةٍ ناسفةٍ، مطالباً الحكومة العراقيَّة بإنصاف عوائل الشهداء وتقديم المساعدة للجرحى والعناية الصحيَّة اللازمة، مندِّداً بالدور السلبيِّ الذي يقوم بها “التحالف الدوليُّ” في عرقلة سير عمليات تحرير الموصل وبقية المناطق واستفزازهم لقطعات الجيش العراقيِّ والحشد الشعبيِّ.
ودعا ممثِّـل الحيدريِّ الدوائر المعنيَّة بإنقاذ أرواح عشرات الآلاف من المصابين بمرض السرطان في محافظة البصرة، مُنبِّـهاً إلى وجود الكثير من الأمراض والأوبئة التي لم تنل الاهتمام المطلوب من الجهات المُختصَّة في الحكومة، مشيراً إلى أنَّ العمل في آبار النفط وغيرها من الصناعات النفطيَّة قد تسبَّب بتفشِّـي السرطان هناك، فضلاً عن الكثير من الأسباب التي منها الحروب التي أشعلها الطاغية المقبور واستخدام القوات المحتلَّة لبعض الأسلحة التي تحوي بعض المواد المُشعَّة والمُحرَّمة دولياً.
الشيخُ علي قاسم ألقى باللوم على شخصياتٍ من الطبقة السياسيَّة الشيعيَّة غير الكفوءة وعديمة الخبرة والنزاهة؛ للفشل الذريع الذي تمرُّ به مُؤسَّسات الدولة بعد 2003، مُتَّـهماً السياسيِّـين الكرد والسنة بعدم التعاون مع الشيعة؛ بغية بناء العراق الجديد، مُؤكِّـداً إسهامهم الكبير في إفشال أداء الطبقة السياسيَّة الشيعيَّة، وتهديم مرتكزات الدولة العراقيَّة، فضلاً عن مساهمة البعض منهم في سقوط الموصل وتسهيل دخول داعش لتلك المناطق.
ودعا قاسم إلى بناء ما أسماه “ألف باء” البناء الفكريِّ والثقافيِّ للجماهير ووضع برامج عملٍ مدروسةٍ غير عشوائيَّةٍ للانتقال من مطلبٍ لآخر في طريق تخليص البلد من مظاهر الانحراف كافَّة، وعدم السكون والاستكانة إن لم تتحقَّق المطالب الجماهيريَّة المشروعة، وعدم المرور بحالة استنزاف الحركة وجعلها كـ”البالون”، مُشدِّداً على ضرورة تصعيد الموقف بشأن المطالبة بمحاسبة المفسدين الذين نهبوا الخزينة العامَّة ولا يزالون يهدرون المال العامَّ، مستنكراً بقاء حالة تردِّي الأوضاع الأمنيَّة والخدميَّة، وعدم تعيين آلاف الخرِّيجين والإفادة من خبراتهم، في وقتٍ تئنُّ الموازنة العامَّة من ثقل وحمل التخصيصات الماليَّة المُتعلِّـقة بما أسماها “رواتب جيوش الوزراء والنوَّاب والوكلاء والمديرين العامِّين”، لافتاً إلى وجود بعضٍ من الوزراء والوكلاء لم يبقوا في مناصبهم عدَّة أيامٍ ويتسلَّمون رواتب تقاعديَّة تامَّة!
وفي سياقٍ آخر، اتَّـهم مُمثِّل الحيدريِّ جهاتٍ لم يسمِّها بممارسة عمليَّة التجهيل والتجويع وإسقاط الفكر أو السيطرة عليه، حاثاً الجميع إلى تأسيس قاعدةٍ تؤمن بالمواطنة والفكر والوعي بعيداً عن ” الاستكبار وأذنابه” والتمسُّك بالمبادئ والقيم الحقَّة، وعدم الخضوع لدوائر الاستكبار وضغوطها التي تُمارَسُ على بعض الدول والقادة ، مُؤكِّـداً أنَّ عملية البناء الفكريِّ والاجتماعيِّ شاقَّـةٌ جداً مقارنةً بالهدم الذي وصفه بالسهل اليسير الذي لا يحتاج لوقتٍ أو جهدٍ كبيرين، مُناشداً النخب الدخول” إلى عالم الحقيقة المرَّة ونحن نرى التراث والتاريخ والحضارة والمدنيَّة والأجيال والمجتمعات والقيم بدأت تُحاصَرُ وتضيع وتنتهي دون معنى”.
واستكمل سلسلة أبحاثه عن الإمام المهديِّ وغيبته، مُتمِّماً ذكر فوائدها، لافتاً إلى أنَّ وجوده (ع) ضروريٌّ للكون أجمع وأنَّه يرعى المؤمنين في عصر الغيبة ويحفظ الشريعة؛ إذ لا بدَّ للناس من حجةٍ ظاهرةٍ أو باطنةٍ كما ورد في الخبر، مُنبِّهاً إلى خطورة الحركات المهدويَّة ومُدَّعي السفارة في عصر الغيبة الصغرى فضلاً عن الكبرى، مُؤكِّداً إبطاله (ع) الكثير من مُدَّعي السفارة والوكالة وإصداره التواقيع بانحرافهم ولعنهم.
وأشار الشيخ علي قاسم إلى بعض مُدَّعي السفارة والوكالة كأبي محمد حسن الشريعي والنميري وهو من أصحاب الإمام العسكريِّ الذي ادَّعى المهدويَّة تارةً والبابويَّة تارةً أخرى، وأحمد بن هلال الكرخيِّ العبرتائيِّ، وهو أيضاً من أصحاب العسكريِّ (ع)، فضلاً عن البلاليِّ الذي حبس أموالاً كانت للإمام العسكريِّ فطالبه بها الحجَّة فامتنع فتبرَّأ منه، وأشهرهم الحلاج والشلمغاني المُلقَّـب بابن أبي العزاقر الذي كان في صفِّ الإمام فلمَّا انحرف صدر توقيع الإمام بلعنه والبراءة منه.
وفي سياقٍ مُتَّصلٍ، عرَّج قاسم على الجماعات التي آمنت بالمهدويَّة من غير الاثني عشريَّة كالكيسانيَّة الذين ادَّعوا أنَّ محمد بن الحنفية هو المهديُّ المنتظر، وأنَّه حيٌّ بجبل رضوى، كما ادَّعى جماعةٌ من الزيديَّة أنَّ زيد بن علي بن الحسين هو المهديُّ مع أنَّه اسْتُشْهِدَ، فقالوا إنَّه سيظهر آخر الزمان، ومنهم المنصور العباسيُّ الذي ادَّعى أنَّ ابنه محمداً هو المهديُّ، وكذا مُؤسِّس الدولة الفاطميَّة ومُؤسِّس دولة المُوحِّدين الذي أسقط دولة المرابطين، فضلاً عن أحمد الهندي ومهدي السنغال 1828 م ومحمد السنوسي في ليبيا سنة 1894 م وغلام أحمد القادياني مُؤسِّس الطريقة القاديانيَّة الذين ادَّعوا ذلك أيضاً، ومحمد بن أحمد المهدي الذي ظهر في السودان سنة 1881 وحارب الإنكليز وادَّعى بعدها المهدويَّة، وبن حسان في الصومال في العقد التسعينيِّ من القرن المنصرم، وجهيمان العتيبي في غرَّة محرم سنة 1400 للهجرة في مكة المكرمة عندما احتلَّ البيت، فقتلته القوات الفرنسيَّة بأمرٍ سعوديٍّ.
ولفت إلى وجود مثل تلك الدعاوى من داخل مذهب أهل البيت كالدعوة المولوية التي ظهرت في بغداد والنجف وكربلاء واعتمدوا التنظيم الشبكيَّ، وسمُّوا أنفسهم أهل الصحراء وقائدهم ما يُسمَّى قاضي السماء، أمَّا الشخصيَّة الثانية فهو القحطاني أبو عبد الله الحسيني الذي لقب نفسه بالقحطاني واسمه الحقيقيُّ (حيدر مشتت) من سكنة محافظة ميسان الذي ادَّعى أنَّه المُمهِّـد للإمام وغيرها من الادِّعاءات وقد قُتِلَ في بغداد 1427 للهجرة، والثالثة مجموعات ما يسمَّون بالحسنيَّة وأنصار الخراساني والخراسانيَّة وأنصار المهديِّ، وغيرها من الجماعات والمُسمَّيات
وحذَّر مُمثِّـلُ الحيدريِّ من تلك الدعوات والجماعات المنحرفة التي كشف عن أنَّها جماعاتٌ تحركها جهاتٌ استخباريَّةٌ لدوائر استكباريةٍ من خارج الإسلام بل وداخله تروم من وراء ذلك إسقاط الفكرة المهدويَّة الثوريَّة التي تبغي إقامة العدل على أنقاض الظلم والجور الذي سيهدُّ أركانه القائد المهديُّ، وحرف هذه الفكرة عن مسارها الصحيح وإفراغها من محتواها الحقيقيِّ، لافتاً إلى وجود عدَّة أسباب أخرى لادِّعاء المهدوية منها انتشار الظلم، وتحقيق الشهرة والوجاهة الدينيَّة والدنيويَّة، فضلاً عن تحصيل المال وجنيه من البسطاء والجهلة الذين أكَّد أنَّ تلك الأفكار تنتشر بينهم، لكنها تختفي وتقلُّ بين المثقَّفين وأصحاب الوعي.
الرئيسية / الأخبار / مطالباً بإنصاف شهدائهم وتقديم المعونة لجرحاهم مُمثِّلُ المرجع الحيدريِّ يُشيد بالتضحيات التي قدَّمها أبناء الوسط والجنوب لتحرير المناطق التي اغتصبها داعش الإرهابيُّ