السيمر / الخميس 24 . 08 . 2017
علي محمد اليوسف
تقع مدينة الموصل شمالي العراق مسافة (400) كيلو مترا من العاصمة بغداد, وهي ثاني اكبر مدن العراق من حيث النفوس تعدادهم مع سكان الاقضية والنواحي التابعة لمحافظة نينوى بحدود اربعة ملايين نسمة. وهي مدينة عريقة بثرائها الآثاري وبشواخصها التاريخية ,بقايا الحضارة الاشورية, والحضارة العربية الاسلامية, قبل اقدام وحوش داعش على تدميرها. والموصل عراق مصغر في تشكيلتها الديمغرافية السكانية , فسكانها من العرب والكرد والمسيحيين والتركمان والشبك والايزيديين الذين كان السبي الداعشي من نصيبهم.
عاش مليون ونصف المليون موصلي من الذين لم تسعفهم امكاناتهم المادية وظروفهم العائلية من مغادرة المدينة بعد احتلالها من داعش حزيران 2014 وبقي هؤلاء المحاصرين ,وكاتب السطور احدهم اكثر من سنتين ونصف, يصبحون ويمسون مع الموت والاعتقال في اي لحظة الذي يطال الابرياء على اتفه الاسباب وابسط الحجج الواهية.
لماذا سقطت الموصل في قبضة داعش؟
الوطنية لم تكن يوما اكاذيب وشعارات زائفة امام الناس بالعلن, وتآمر دنيء في السر والخفاء, الوطنية في صدق القول المقترن بالعمل, وصدق النوايا في خدمة الناس, وحبل الكذب قصير, ولا تحجب الحقيقة بالدجل والتضليل.
بالرغم ان الإجابة على التساؤل حول اسباب سقوط الموصل ,ليس امراً سهلا بسيطا لإمكانية فرد امامهُ ظواهر الامور وليس خفاياها …. وبالرغم من عجز حكومة الدكتور العبادي الاجابة على التساؤل ولديه امكانات دولة , في مكاشفة الشارع العراقي واطلاعه على حقيقة واسباب سقوط الموصل, وتشكيله لجان تقصّي حقائق للوصول الى نتيجة , انهت عملها وخرجت على الناس بوجهة نظر ضبابية, اما الانحياز لترضية جهة حزبية دينية متنفذة , او لملمة الموضوع والاكتفاء بإعلان عموميات لا يعوّل عليها كثيرا في محاسبة المقصرين المسؤولين عن سقوط المدينة. لان الموضوع يمس بالصميم بدءا تقصير الرئاسات الثلاث التي لم تكن على قدر المسؤولية منذ عام 2003 ولحد يومنا هذا, لا في ادارة العراق كدولة , ولافي حل مشكلة من مشكلاته الكثيرة المتعددة .
وقبل ان ادرج بعض اسباب سقوط الموصل التي استقيتها من اخبار التلفزيون , ولا علم لي بأسرار وخفايا الموضوع , اود الاشارة الى ان السيد زهير الجلبي الذي كان يشغل وظيفة المسؤول عن اسناد ام الربيعين , عرض من اسرار الموصل ما لا نعرفه الشيء الكثير في اكثر من مقابلة تلفزيونية معه ,وكان الرجل يصرخ ويصيح محذراً من الكارثة قبل وقوعها ولكن ليس من مجيب على نداء استغاثته . وكان مطلعاً على الكثير من اسرار الموصل قبل وبعد سقوطها , ولم يؤخذ من تحذيراته المهمة شيئاً وحدث الذي حدث. كما ان افاق الفضائية عرضت برنامج ( اسرارسقوط الموصل) بحلقات متتالية كشفت حقائق بضوء افادات وتقارير قادة عسكريين ميدانيين عملوا بالموصل قبل سقوطها . كذلك تضمن البرنامج افادات اعضاء في مجلس النواب عن محافظة نينوى من الوطنيين الشرفاء .
بث البرنامج معلومات على جانب كبير من الاثارة والتوثيق الصحيح, والمصداقية النزيهة الى حد ما لمن يريد معرفة حقيقة ما جرى , وضرورة محاسبة المقصرين من الخونة والعملاء الفاسدين من عسكريين ومدنيين ,الذين باعوا الموصل بثمن بخس هو تشبثهم بكراسي الحكم والمسؤولية في جني المنافع الشخصية بمعاناة اهل الموصل لأكثر من سنتين ونصف في ظل احتلال عصابات داعش الارهابية للمدينة. لذا تكون المطالبة بإحالة المقصرين والخونة الى القضاء مطلباً وطنياً, وفي عدم محاسبتهم خيانة صريحة للوطن وللشعب العراقي لا تقل عن خيانة تسليم الموصل لعصابات داعش . وللتاريخ كلمة هي لعنة ابدية في جبين كل سياسي ليس على قدر المسؤولية تجاه بلده وناسه ويخونهما . لأن ما جرى لأهل الموصل من كوارث واحزان ومآسي ليس بالقليل , ولا يجب ان يمر مرور الكرام .
بعد هذه المقدمة البسيطة ادرج ما هو معلوم ومؤكد لجميع اهالي وعوائل مدينة الموصل من الوطنيين الحقيقيين الذين عشقوا مدينتهم ووطنهم العراق ولهم تضحيات موثقة في تاريخ سجلهم النضالي المشرف :
1) نرى في السبب الاول بسقوط الموصل ان السيد نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء السابق الذي في زمن ولايته الثانية سقطت الموصل. انه كان يعتمد بشكل مطلق على عسكريين غير اكفاء وفاشلين همهم الوحيد امتيازاتهم العسكرية ورواتبهم العالية , امثال وزير الدفاع الاسبق (سعدون الدليمي) وهو غير كفوء ولا يمتلك ارادة تنفيذ القرار في حسم الامور الصعبة , ورئيس اركان الجيش السابق (بابكر زيباري) وهو غني عن التعريف بمؤهلاته العسكرية!! و قائد القوات البرية (علي غيدان) مسؤوليته اكبر من طاقته وقدراته عشرات المرات, هو ومن جاء بعده. وغير هؤلاء من قادة وآمرين وضباط ممن يحملون رتباً عسكرية بالمجان, فاسدين منافقين ينقلون للجهات العسكرية العليا معلومات مضللة خاطئة تماماً عن الوضع العسكري والامني المتدهور باستمرار نحو الكارثة وتنامي النفوذ الارهابي الداعشي بالموصل على مرأى ومسمع من الحكومتين المحلية في الموصل والحكومة الاتحادية في بغداد , دون ان يحرك احدٌ ساكناً كما يقال .
2) خيانة وانهيار قادة الجيش والشرطة وتوابعهما الذين كانوا متواجدين لحماية واستقرار المدينة , ومزودين باحدث الاسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة , كلفت الميزانية العراقية مليارات الدولارات سرقت باكملها واستولت على معظمها عصابات داعش صباح يوم السقوط , وتم تهريب بعضها الاخر من قبل ضباط اكراد الى اربيل لتجهيز البيشمركة بالسلاح . هذه الخيانة والتخاذل العسكري هو الاخر نتيجة اسباب متعددة منها الشحن الطائفي باعلى الدرجات والمستويات , وفي كل الوسائل و تعبئة الناس تجاه الجيش الصفوي , وضرورة اخراجه من الموصل فورا , كذلك وجود اختراقات خطيرة في المؤسستين العسكرية والشرطوية , من قبل عناصر مدسوسة في النهار مع الجيش وفي الليل مع الارهاب , ناهيك عن التجسس الاستخباري وتسريب غالبية الاسرار والخطط العسكرية الخاصة بعمليات الموصل , الى جهات منظمة معادية للعملية السياسية تحاول اسقاطها , وقوى اخرى مرتبطة بالتنسيق المشترك مع العناصر الارهابية . كذلك تفشي الفساد المالي والاداري متعدد الدوافع في تشكيلات الشرطة ( اول المهزومين المتخاذلين اكثر من 350 الف منتسب ) وبعض حلقات المؤسسة العسكرية في اخذهم الرشاوى مقابل اطلاق سراح الارهابيين الذين يلقى القبض عليهم بتهمة التفجيرات او القتل , وهذا الفساد وصل الى القضاة الذين تحال لهم اوراق التحقيق , ويبرئون المجرمين تحت التهديد بالقتل او بدفع الرشى لهم,وحتى العمل معهم كما ان للجانب الكردي الاستخباراتي دورا في نقل المعلومة الهامة الى العاصمة اربيل التي كانت تأوي كبار المعادين للعملية السياسية في بغداد واسقاط حكومة المالكي . وكانت وجوه التغطية لهذه الاختراقات والتآمر مسوؤلين في الحكومتين المحلية بالموصل والاتحادية في بغداد , فيهم المحافظ والنواب والوزراء ومسؤولي تنظيمات حزبية .
3) من اسباب سقوط الموصل , السبب الذي سأذكره الان والذي لم يعطه احدا سابقا قيمته واهميته واستحقاقه , هو نقل اللواء الركن العسكري المهني الشجاع ( ناصر غنام ) الذي كان يشغل قائد الفرقة الثانية المسؤولة حصرا عن حماية الموصل وبسط الامن فيها , هذا الرجل وانا من اهل الموصل , واجه متاعب ومصاعب وضغوطات كثيرة , ولم يتزحزح عن موقفه في محاربة الارهاب قبل احتلال داعش للموصل ,بما عرف عنه من بسالة وشجاعة ,وكان نقله من الموصل جزءا من مؤامرة تسليم الموصل لداعش , حيث تم نقله وهو صاحب الجولات البطولية التي جعلت من حلم احتلال الارهاب للمدينة مستحيلا, نزولا عند رغبة المشبوهين العملاء في الموصل من المتحالفين المتعاونين مع داعش . وبعد نقله استلم قيادة الفرقة الثانية في الموصل اثنان لايمتلكان الحد الادنى من كفاءة وشجاعة ناصر الغنام ,احدهما تولى مسؤولية محور القاطع الشمالي في عمليات تحرير الموصل ( قادمون يا نينوى ) ,علي الفريجي, اعقبه الثاني في تولي قيادة الفرقة الثانية قبل سقوط الموصل باشهر قليلة , وكان عسكريا كرديا اول المتخاذلين الهاربين من المعركة صبيحة يوم احتلال داعش للموصل ,وتسليم المحافظة واهلها على طبق من خيانة . ولم يكتف هذا الضابط , قائد الفرقة الثانية ومعه عدد من الضباط الهروب الى اربيل عاصمة كردستان , بل استطاع تهريب ارقى واجود واحدث المعدات العسكرية الثقيلة , دبابات ,راجمات صواريخ ومدافع هاون وعجلات وغيرها الى قيادة البيشمركة والاسايش في اربيل .
كلمة جازمة للتاريخ لو لم يتم نقل ناصر الغنام من الموصل لما سقطت بيد داعش في اسوأ الحالات . هذا القائد جرى نقله وتهميشه لاسباب لااعرفها لكني استنكرها واستغربها , فبدلا من الاستفادة من هكذا قائد عسكري لامع في اسناد قيادة عمليات نينوى له , اسندت قيادة عمليات نينوى قبل سقوط الموصل بيد داعش الى ضابط مسلكي لايحمل شارة الاركان العسكرية , ويدير العمليات العسكرية والامنية بالموصل من وراء مكتبه , واستشارة معاونيه المخترقين ويبصم فقط !! .اعقبه تولي مسؤولية قيادة عمليات نينوى ضابط من الشرطة الاتحادية سقطت الموصل ابان توليه المسؤولية ويتحمل القسط الاكبر العسكري المقصر من حماية الموصل وتسليمها لداعش !!
ثم اذا كان السيد المالكي رئيس الوزراء السابق القائد العام للقوات المسلحة غمط حق هذا القائد العسكري الكفوء,وتسبب نقله بكارثة سقوط الموصل . انا لا افهم بما اسوقه من وقائع جرت على ارض الموصل من يطلع برأي ان خلافات عسكرية كذا حدثت بين ناصر الغنام واخرين هو سبب التهميش والاقصاء ,بل افهم ان مصلحة البلد العليا ابان معارك المصير هي في وضع كل شيء من اجل النصر في المعركة وتجاوز الخلافات الثانوية. نعم استطاعت جهات سياسية فبركة اشاعات تضليلية,ونجحت من النيل من سمعة الرجل المهنية,وتسقيطه عسكريا وكان ذلك المطلوب.
والشيء المثير اكثر للاستغراب لماذا جرى تهميش ناصر الغنام ايضا من قبل العبادي رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة في عدم اسناد اية مسؤولية قيادية له في عمليات تحرير الموصل (قادمون يا نينوى ) وهو صاحب الخبرة الطويلة بالعمل في الموصل !؟ من يكون اكفأ من ناصر الغنام في قيادة القاطع الشمالي في الساحل الايسر من الموصل مثلا , الذي قياسا بالجهد القتالي البطولي لجهاز مكافحة الارهاب , اخذ يتقدم في عمليات تحرير نينوى ببطء السلحفاة وقفزات الارنب .
4) خيانة وتواطؤ الحكومة المحلية في الموصل ( المحافظ السابق وغالبية اعضاء مجلس المحافظة ) في التمرد والعصيان على سلطة الحكومة المركزية الاتحادية في بغداد , ومقاطعتها العلنية الصريحة لها , وعدم الالتزام بتنفيذ الاوامر الصادرة عنها – هذا دليل دامغ على ضعف الحكومة الاتحادية حينذاك بشكل مخجل – خاصة اوامر وتعليمات تخص التعامل مع فض ساحة الاعتصام بالموصل . وأكتفاء حكومة المالكي بالشجب والاستنكار والادانة عبر شاشات التلفزيون .
كان النفوذ الداعشي بالموصل يتسارع ويقوى بوتيرة متصاعدة سواء في ساحة الاعتصام , او في الممارسات اليومية بالاغتيالات والجرائم والخطف والذبح وفرض الرشى والاتاوات بالقوة على جميع اهالي الموصل بلا استثناء , حتى اصبح الرعب الداعشي مستمكنا من اهل الموصل كليا . هذه الممارسات الاجرامية الشاذة كان يمارسها داعش الارهابي تحت سمع وبصر وتشجيع من الحكومة المحلية بالموصل التي وقفت موقفا عدائيا في رفضها ومتحدية تنفيذ اية معالجات يقدم عليها الجيش او الشرطة . وكان ذلك الواقع المتردي باستمرار من طبائع الامور التي تجري ولا يرف لها جفن او تستثير غيرة عضو تافه في مجلس المحافظة . هذا يعني ان الموصل كانت ساقطة فعليا بيد داعش قبل سنتين على اقل تقدير من تاريخ اعلان سقوطها العسكري الارهابي في عشرة حزيران 2014 .
5) اذا سلمنا وهو ثابت فعليا ان ساحات الاعتصام كانت الحاضنة الاولى لتسهيل سيطرة داعش على اربع محافظات سنية وجزء من محافظة كركوك ( قضاء الحويجة) كل ذلك كان يرتب على المالكي القائد العام للقوات المسلحة القيام بحركة استباقية تفوت على داعش احتلال هذه المحافظات , في تصديه تطهير ساحات الاعتصام بالقوة العسكرية والشرطوية وطيران الجيش . بما يوقف تفاقم تدهور الوضع الامني وفقدان السيطرة على اربع محافظات قبل احتلال داعش لها.
خطوة تصفية ساحات الاعتصام الطائفية الفوضوية , تعني في وقتها فرض واقع سياسي وامني جديد يمثل انقاذ المحافظات السنية من الوقوع في براثن احتلال داعش لها . وكانت هذه الخطوة لو تم تنفيذها لجعلت اوضاع البلد السياسية والامنية افضل كثيرا , دونما المرور بصفحات احتلال داعش المأساوية . لكن هذا ما لم يقدم عليه المالكي واضاع الفرصة الثمينة.في الشحب والاستنكار تلفزيونيا .
6) تنامي النفوذ الكردي المناوئ المعادي للمالكي ومحاولة اسقاطه, في وجود رئيس مجلس محافظة نينوى, كردي من الحزب الديمقراطي الكردستاني , واعضاء في مجلس المحافظة يرتبطون بمسؤول الفرع الرابع عشر للحزب , ومقره بناية فرع تنظيم حزب البعث بالموصل سابقا , هؤلاء مع تنظيمات اسلامية دينية ممثلة في مجلس المحافظة , واعضاء في مجلس النواب , يعملون بتنسيق عالي المستوى ومن منطلقات طائفية سياسية ضد حكومة بغداد والجيش العراقي,ومساعدتهم لكل معادي للعملية السياسية ويحاول اسقاطها .
وكذلك فان قضم الاكراد لاراض وضمها للاقليم من محافظة نينوى , سهل نينوى ويضم قصبات وقرى المسيحيين والشبك والتركمان , وكذلك قضاء سنجار للطائفة الايزيدية . مستغلين انشغال الحكومة في ايقاف تداعيات تدهور الوضع الامني … كل هذا جعل الوضع الامني بالموصل غير مسيطر عليه وقلق , في ظل ضعف اجراءات الحكومة وعجزها عن معالجة حالات التداعي الامني على مستوى العراق باكمله . وبغداد باتت مهددة بالسقوط هي الاخرى . وما زاد الامر تعقيدا اكثر ان الحكومة في بغداد منقسمة في تناحرها بين قطبين احدهما يمثله رئيس الوزراء ( السلطة التنفيذية ) والثاني ممثلا برئيس مجلس النواب ( السلطة التشريعية ) ووصل التناحر والخلاف بينهما الى شل العملية السياسية , وتعطيل مهام الدولة في تمشية كل مرافق حياة الناس وزاد في تسريع حدوث الكارثة. وبقي هذا الوضع في تفاقم مطرد نحو الاسوأ . كل ذلك جعل من التركيز على معالجة الوضع الامني في الموصل متعذرا وصعبا كون جميع محافظات العراق اصبحت تعاني مشاكل مستعصية خطيرة في تدهور اوضاعها الامنية والاقتصادية والخدمية.
7) كان الشحن الطائفي سني ضد شيعي له اثر تدميري في سقوط الموصل بيد داعش ربما يكون اهم الاسباب وفي المقدمة , في اضعاف الروح المعنوية والقتالية لقطعات الجيش والشرطة . وكانت الطائفية المذهبية ذات تأثير تدميري لدى المواطن الموصلي الذي جرت تعبأته طائفيا لمعاداة الجيش والشرطة ,وكيل الشتائم البذيئة لمنتسبيهما وجها لوجه , ناهيك عن اغتيال بعضهم , وتهديد البعض الاخر بالقتل , وتوظيف الصبيان في المناطق والاحياء الشعبية بقذف دوريات الجيش والشرطة ومفارز الاستطلاع الميداني بالحجارة والقناني الزجاجية والخضراوات الفاسدة , والحط من قيمتهم العسكرية واحترامهم وتحطيم معنوياتهم. من دون اوامر الدفاع عن النفس وتأديب هؤلاء الصبية المتسكعين الماجورين لنشر الفوضى بالمدينة.
كما كان للقوى المعادية للعملية السياسية في بغداد , ,اجهزة اعلام موصلية تعزف على مدار الساعة على وتر التقسيم واقليم الموصل السني,فضائية وعدة صحف محلية يملكها المحافظ اثيل النجيفي,وبتمويل من ميزانية المحافظة,تصب الزيت على النار في الشحن الطائفي.
8) ارتباط رموز سياسية عراقية متنفذة مع قطر والسعودية وتركيا في تنفيذ اجندة طائفية خارجية ,على حساب تغييب اي توجه ديني وطني معتدل , واصبح شعار العداء لحكومة بغداد على قمة الوطنية الطائفية. كل هذا سهل لداعش ركوب الموجة,ورفع شعارات تلبي وتطمئن العواطف الهستيرية باقامة دولة خلافة اسلامية سنية بالموصل. وحصل داعش بسهولة على ما يريد,وكانت دولة الخلافة بكل جرائمها ورعبها وارهابها قيد التنفيذ بالموصل.وانكر العملاء خيانتهم وابتلي الناس بمصائبهم واحتلال داعش لمدينتهم.
9) يبقى دراماتيكية سقوط الموصل المذهل في تخاذل اجهزة الشرطة وهروب قطعات الجيش وان يتمكن ما لا يزيد على (500) مجرما داعشيا السيطرة على المدينة خلال يومين مسألة مريبة جدا ومستغربة , ليس من اختصاص هذه المقالة الخوض في تفاصيلها , اذا ما علمنا بأن احزاب سياسية مشاركة في الحكم والعملية السياسية مثل الحزب الاسلامي والديمقراطي الكردستاني ومعهما تنظيمات بقايا النظام السابق جميعها كانت متعاونة في تسهيل مهمة داعش السيطرة على الموصل في دوافع اسقاط حكومة المالكي وانهاء العملية السياسية , بوتيرة دراماتيكية غاية في الغرابة , حتى ان ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لم تحرك ساكنا يمثل رفضها احتلال الموصل واكثر من ذلك انها لم تكن مستاءة من سقوط الموصل بيد داعش بل كان الارتياح في تمرير الاحتلال واضحا في الشهرين الاولين ,في تحليل غبي من الادارة الامريكية بان سقوط الموصل بأمكانه خلق توازن سني مناوئ لحكومة المالكي الموالية للنفوذ الايراني في العراق .هكذا كانت تؤخذ الامور وتفرز ببساطة وسطحية وسذاجة دفع اهالي الموصل ثمنها الباهض .
* الكاتب موصلي، ولم يغادر مدينته خلال حكم التوحش
الديار اللندنية
( المقالات التي تُنشر قي الموقع تعّبر عن رأي أصحابها )