الرئيسية / مقالات / تداعيات ما بعد كارثة عصام الحسني

تداعيات ما بعد كارثة عصام الحسني

السيمر / الجمعة 08 . 09 . 2017

اياد السماوي

كان من المقرر اليوم استكمال الجزء الثالث من مقالنا ( عندما يكون الوزير متسترا على الفساد .. فلاح حسن زيدان نموذجا ) , لكنّ تسارع الأحداث السياسية التي أعقبت كارثة هروب عصام الحسني وتوّرط عدد غير قليل من النوّاب والسياسيين والمسؤولين في الحكومة وتقاعس السلطات الثلاث القيام بواجباتها في حماية المال العام العراقي من النهب والسرقة , قد استوجب تأجيل الجزء الثالث من المقال إلى يوم غد إن شاء الله تعالى , وتسليط الضوء على تداعيات وتبعات ما بعد الكارثة وانعكاساتها على التيّار الصدري الذي ينتمي إليه الحسني , وعلى أداء السلطات الثلاث التي كانت سببا لضياع أموال الشعب العراقي , فهذه الكارثة قد كشفت تواطئ السلطتين التنفيذية والتشريعية في حماية الفاسدين وعدم اكتراثها للمال العام العراقي الذي ينهب أمام انظارها , وعدم اكتراثها لآلام الشعب العراقي وما يمرّ به من أزمة اقتصادية خانقة , فتركت حيتان الفساد تنهب المال العراقي من دون أن تحرك ساكنا , فليس من المعقول أن يستشهد أبناء الشعب في جبهات القتال ضد داعش وينعم لصوص المال العام بأموال الشعب العراقي المسروقة , ومن يعتقد أنّ أزمة عصام الحسني معني بها التيّار الصدري لوحده , فهو مخطئ تماما , وما عصام الحسني إلا نموذجا واحدا لظاهرة شملت النظام السياسي القائم باسره , وإن كان ثمة حساب حقيقي , فهذا الحساب يجب أن يبدأ أولا من السلطتين التشريعية والتنفيذية , وما قام به الحسني من عمليات فساد وسرقة للمال العام العراقي , كان يجري بتنسيق وشراكة مع الوزير فلاح حسن زيدان , والسؤال الأكبر هل كان رؤساء مجلس الوزراء ومجلس النوّاب وهيئة النزاهة على علم بفساد وزير الزراعة ؟ وهل تحرّكوا لوقف نزيف سرقة المال العام الذي كان يجري أمام أنظارهم ؟ هذا ما سنجيب عليه خلال الأجزاء القادمة من مقالنا ( عندما يكون الوزير متسترا على الفساد ) وبالوثائق والأدلة الدامغة .
أمّا ما أريد التحدّث به هذا اليوم , هو كلمة حق موّجهة لسماحة السيد مقتدى الصدر بعد هذه الكارثة التي آلمته وآلمتنا جميعا معه , وأرجو من سماحته أن يتسّع صدره لي كما اتسع لغيري من قبل , وأن لا يأخذ كلامي من زاوية شامت أو مترّبص لا سامح الله , فأنا وكل أبناء الشعب العراقي قد اطلعنا على البيان الذي أصدره سماحته يوم أمس بحل الهيئة السياسية وكتلة الأحرار ومن قبلهما حل الهيئة الاقتصادية للتيّار الصدري , فإذا كان سماحة السيد مقتدى الصدر يعتقد أن كلمة ( الفاسد لا يمّثلني ) مبرئة للذمة أمام الله وأمام الشعب وأمام القانون , فهو مخطئ تماما , فالكتلة السياسية التي تختار وترّشح شخصا فاسدا هي مسؤولة عنه وهذا الكلام ينطبق على الجميع دون استثناء , فالوزير أو المسؤول الفاسد من كتلة الدعوة أو من كتلة المجلس الأعلى أو من كتلة اتحاد القوى أو من أي كتلة أو حزب آخر , تتحمّل الكتلة السياسية التي رشّحته تبعات فساده أمام الله وأمام الشعب وأمام القانون , وعصام الحسني لم يكن أول فاسد أو سارق للمال العام من التيّار الصدري , فقد سبقه العديد والعديد من قيادات التيّار في سرقة ونهب المال العام , وكلّ هؤلاء كانوا مرتبطين بما يسمى بالهيئة الاقتصادية للتيّار الصدري , حيث كانت هذه الهيئة سيئة السمعة شريكة بكل ما ينهبه المسؤولين التنفيذين في التيّار الصدري , وهذا لا يعني جميع المسؤولين التنفيذين في التيار , فهنالك العديد من الشرفاء أمثال الوزير السابق النزيه نصار الربيعي , ومثله من النوّاب أمثال الدكتورة ماجدة التميمي وزينب الطائي , وفي سرايا السلام أمثال المجاهد الشيخ صفاء التميمي , والبراءة من هذه الهيئة لا يكون في الكلام فقط , وإنّما بكشف كل عملياتها وحساباتها وحجم الأموال التي كانت بحوزتها إلى الجهات الرسمية ذات العلاقة , والجميع يتساءل أين ذهبت أموال الهيئة الاقتصادية ؟ ومن كان يدير هذه الهيئة الفاسدة ؟ كما أنّ هذه البراءة من الفاسدين لم تكن الأولى , فقد سبق لسماحة السيد أن أعلن البراءة منهم وعاد مرّة أخرى إليهم , وإذا ما كان سماحة السيد مقتدى الصدر يريد فعلا بعد هذه الكارثة براءة ذمته أمام الله وأمام الشعب وأمام تاريخ أسرة آل الصدر الكرام , فيجب أن تكون براءته هذه المرّة جدّية وخالصة لوجه الله تعالى , وأن ينفض عباءته من كل هذه الأدران التي علقت بها , وأرجو أن تكون صدمة عصام الحسني هي البداية الحقيقة للانقلاب والتغيير الحقيقي , والبداية الحقيقية لحمل راية الإصلاح , فالمصلح الحقيقي الذي يطالب بالإصلاح ويحارب الفساد لا يجتمع حوله الفاسدين واللصوص , ولا أظنك يا سماحة السيد بحاجة لهؤلاء اللصوص , أسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك لما يحب ويرضى , إنه سميع مجيب .

اترك تعليقاً