السيمر / الاحد 10 . 09 . 2017
معمر حبار / الجزائر
حين انتهى صاحب الأسطر من قراءة كتاب العفن لمالك بن نبي كتب المقال الأول بعنوان: “مالك بن نبي من خلال كتابه العفن” وبتاريخ الإثنين: 03 ربيع الثاني 1435هجري، الموافق لـ 03 فيفري 2014 ، والمقال الثاني بعنوان: “مالك بن نبي وصحة كتابه العفن” وبتاريخ الأحد 16 ذو الحجة 1437، الموافق لـ 18 سبتمبر 2016 ، وبالصدفة يعثر على مسودة وضعت حينها جانبا وحان الآن وقت استغلالها
كتاب “العفن”، الجزء الأول 1932 – 1940، ترجمة الأستاذ نور الدين خندوسي، دار الأمة، الجزائر، الطبعة الأولى 2007، من 197 صفحة. ومقدمة الكتاب بتاريخ 01 مارس 1951 أي 03 سنوات قبل اندلاع الثورة الجزائرية. وقسّم مالك بن نبي كتابه إلى 3 مراحل: حياته كطفل: 1931 – 1936، وحياته كمنبوذ هائم: 1936 – 1945، وحياته ككاتب: تبدأ من 1946.
أثناء قراءة الكتاب وجدت مالك بن نبي يختلف تماما عن الكتب السابقة من حيث ذكر الأشخاص بأسمائهم والألفاظ القاسية التي استعملها بن نبي ولم يستعملها في كتب أخرى بتلك الحدّة والقسوة ولم يترك أحدا من علماء الدين والساسة وغيرهم إلا وهاجمه وانتقده، والشخص الوحيد – أقول الوحيد-، الذي ظل يمتدحه عبر كامل صفحات الكتاب هو زميله المفكر والفيلسوف حمودة بن ساعي.
يقصد بن نبي بالعفن في صفحة 13 بالاستدمار والقابلية للاستدمار، وإلى غاية صفحة 25، يتحدث عن عالم الطبقة المثقفة لشمال إفريقيا في باريس مع نسيانه بعض الوجوه الثانوية. وفي صفحة26 يقول أن ماسينيون هو منفذ وصية الأب دي فوكو ولم يخف ذلك ويعتز بذلك. ويرى في صفحة 27 أنّه ليس المهم عند العنكبوت من فصيلة جيدة اصطياد الذبابة ولكن القبض عليها دون أن تمسّ بيتها بأذى. وفي صفحة 31 يتحدث عن أنه بدأ يهتم بالمسائل الدينية وهو الاهتمام الذي كان نقطة ضعف للشباب المسلم ولايزال، ويرى أن الشبان المسيحيين كانوا أخلاقيا وفكريا أكثر تنظيما من المسلمين والادارة تسعى لتقسيم طلبة شمال إفريقيا، وحارب بن نبي فكرة “الجزأرة” في باريس لأنه يسعى لتوحيد الصفوف. ويتحدث في صفحة 40 عن إرادة الأم وإرادة الأب مما ساعده على التحصيل العلمي والمراجعة الجيدة. ويرى في صفحة 44 أنّه مختلف عن إخوانه المسلمين لأنّه “لم يكن إيماني تأمليا فحسب بل عمليا”.
وجاء في صفحة 44 أنّه يحب العقبي أكثر من ابن باديس لأنه بدوي وابن باديس يقطن المدينة والمشكلة في سكان المدن في تلك المرحلة، وكنت أتوسم الاصلاح في العقبي أكثر من ابن باديس لأن العقبي حارب الشعوذة والمرابطية. ويعترف بن نبي في صفحة 45 أن سوء استقباله من طرف ابن باديس وعدم السماح له بالجلوس والبرودة التي لمسها منه حين طرح عليه فكرته وهو ابن 22 سنة، ربما كانت من أسباب تفضيل العقبي على ابن باديس يومها – أقول يومها -، وحين يتحدّث عن العقبي يستعمل لفظ العالم بين شولتن هكذا “العالم”.
وابتداء من 46 يقول: اهتزت ثقتي في “العلماء”، بسبب الغيرة والكذب والدناءة التي ميّزت العقبي تجاه محاضرة حمودة بن ساعي واتهامه بالسرقة الأدبية وبأن مثل هذا الأسلوب لايمكن أن يكون إلا في المشرق، وهذا السبب يجعل القارىء يفهم العلاقة السيئة بين بن نبي وجمعية العلماء، ويبدو أن “العفن” بيّن السبب على الأقل من هذه الزاوية أي علاقته بالمحاضرة.
ويقول في صفحة 48: كنت أحس لدى إخواني في الدين قلّة في الهمة والنفس وغياب الرعشة العميقة أمام منظر جلي للحضارة، و لم ألمس لدى أي مسلم أضعف انشغال بالقيام بحصيلة مقارنة بين الحضارة العربية والحضارة الغربية، وبن نبي ينظر للمسألة الجزائرية من زاوية الحضارة عوض زاوية السياسة.
عبر صفحة 50: سبب اعتماد بن نبي تحويل أفكاره على شكل معادلات رياضية هو حبّه الشديد وتعلّقه الكبير بالرياضيات حتى أنّه بقي عامين في باريس ليدرس جيدا الرياضيات دون أن يعود لبيته، ناهيك عن تقديره وإعجابه بتواضع وعلم أستاذه في الرياضيات، بينما “علماء ” الجزائر لايقرّون أبدا بجهلهم وقصورهم، ولاحظ كيف يستعمل مصطلح “العلماء” بين شولتين حين يتحدّث عن علماء الجمعية في تلك الفترة. ويقول أيضا: ماأثار انتباهي في أوروبا هو روح العلم أكثر من العلم نفسه وهذا مالم ينتبه إليه الطالب المسلم وهو يبحث فقط عن الشهادة ولقب الأستاذ والدكتور.
وفي صفحة 65 وما قبلها يتحدث عن “العلماء” ويقصد خاصة العربي التبسي ويفضل مصالي الحاج عليهم جميعا. وفي صفحة 66 يصف دروس العقبي بالصياح ويتحدّث عن قانون منع “العلماء “من المساجد وإلقاء دروسهم من طرف فرنسا، وأن العقبي لم يعجبه ذلك لحب الظهور، وكان عليه الاهتمام بإمامة الناس خارج المساجد كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصف “العلماء” بأنّهم يمتازون بالقصور البيّن في إدراك القضايا العميقة. ويقول في صفحة 74: أرى البشير الابراهيمي لأول مرّة وبدا لي أنه أقل تشبها من “العلماء” القدامى، مايعني أنّه لم يلغ عنه صفة “العلماء”، لكنه كان أحسنهم حين يقارنه بهم.
وابتداء من صفحة 78 يتحدّث عن اليهود وكيف أصبح يهتم بقراءة القرآن والانجيل، ويتساءل لماذا اليهود اختاروا أوروبا أولا ولم يختاروا آسيا؟، ويجيب قائلا: حتى يتمكنوا من السيطرة ولا ينازعهم أحد. ويرى في صفحة 80 أن: المسيحي الاوربي أداة واليهودي هو الفاعل الحقيقي.
ويرى في صفحة 81 أن كلا من الوطني و”العالم” سطحي التفكير، ويصف ابن باديس بالنظرة الضيقة والجبانة حين معالجته لقضية داخلية تعني السعودية في الايام الاولى من ولادهتها. ويتحدث في صفحة 88 عن العربي التبسي ويصفه بـ سوء النية والعجب وغياب النزاهة لكن رغم ذلك يقول أن نيته كانت حسنة. ويقول في صفحة 93: رغم معارضتة “للعلماء” و”الوطنيين” إلاّ أنه يقول مازلت أحتفظ ببعض الأمال في “العلماء” و “فريق مصالي”. ويعترف في صفحة 96 أنه الأول الذي طرح مشكلة الثقافة في الجزائر. ورغم دفاعه عن “العلماء” إلا أنه يصفهم بالسطحية، وهي النقطة الوحيدة التي يختلف فيها مع حمودة بن ساعي ويقرّ بأنّه تعلم من حمودة موقعة صفين التي أصبح بن نبي يؤرخ بها، وهذا تأثير بالغ يدركه جيدا من قرأ كتب بن نبي.
ويصف زوجته في صفحة 107: كانت زوجتي آلة متعددة الأشغال ويتحدّث عن إعجابه الشديد بها. ويصف في صفحة 108 “علماء” العالم الاسلامي بما وصف به “علماء” الجزائر. ويصف مصالي في صفحة 113 بأنّه نزيه لكنه أقل خطرا على الوطن. ويتحدّث في صفحة 114 عن فرحات عباس الذي قال أنّه: “بحث في كل مكان حتى في رفات المقابر دون أن يعثر على شهادة بوجودها”، ويرى أن ردّ الوطنيين و”العلماء” كان دون المستوى، مايعني أنّه لم يكن أحد يعجب مالك بن نبي.
وما يمكن ملاحظته في صفحة 115 أن بن نبي هاجم أمثال بن جلول لاستغلالهم المؤتمر الاسلامي 1936، ثم هاجم “العلماء” لأنهم لم يساندوه حين واجه فرحات وبن جلول، وهذا ما يفسّر – في تقديري- موقف بن نبي من جمعية العلماء، ويرى في صفحة 116 أنّه لايليق “للعلماء” أن ينزلوا في هذا الفندق المعروف بسمعته السيئة أثناء مؤتمر 1936، ويرى في صفحة 117: كانت ملاحظاتي تحرج ابن باديس ويندهش كيف “للعلماء” أنّهم جعلوا بن جلول رئيسا للوفد وهو الذي كان يشرب الخمر. ويواصل في صفحة 118 قائلا: لقد كبّرت على “العلماء” أربعا وأقمت عليهم الحداد منذ 1936 واعتبرتهم أعجز من فهم فكرة ناهيك عن إنجازها وتنفيذها، وهذه هي خلاصة بن نبي مع “العلماء”. وفي آخر الفصل يرى بن نبي أن المؤتمر 1936 كان الاولى أن يقوده علماء ديكارتيين وأن الورتلاني الذي تولى الرئاسة فيما بعد لفصاحته وبلاغته لاتفيد لأنه كان من المفروض إرسال شخص يعرف العقلية الاوربية، وعاب على “العلماء” عدم اندماجهم في المجتمع وانتظارهم من الناس أن يأتوا إليهم عكس اليهودي والقسيس الذي يذهب للناس ويجلس اليهم.
ويقول في صفحة 122-123: كنت أعي أني من أفضل الأقلام الجزائرية، وكنت من الطلبة النجباء في دفعتي ولم تكن لي نقطة ضعيفة إلاّ في الرسم. وفي صفحة 125 يقول: ماكان “للعلماء” أن ينضموا تحت لواء بن جلول وفرحات، ورغم أنّه وصف العقبي بأسوء الأوصاف إلا أنه أرسل له رسالة مواساة وهو في السجن كما جاء في صفحة 134
ويقول في صفحة 134 أنه قضى 18 شهرا في السجن بفرنسا بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية. ويقول أني فكرت في الانتحار لما عاشه من هوان، فلم تستقبله يومها مصر ولا السعودية ولا ايطاليا وفي كل مرة يرفض طلبه رفضا قاسيا. ويصف بن نبي فرحات عباس بالهاوي كما جاء في صفحة 135.
ويتحدث في صفحة 135 عن الاهانة التي لحقته جراء البحث عن منصب عمل يناسب قدراته ليجبر على امتهان الاعمال الشاقة المذلة. ويرى في صفحة 141 أنّ النظام الاستدماري لايترك أحدا من الجزائريين يتفوق في الجانب التقني حتّى وإن نجح يضع أمامه كل العراقيل لإفشاله. ويعترف في صفحة 142 أن: وظيفة مهندس كانت لإرضاء العقلية الاستدمارية بينما طموحاته السرية يحتفظ بها لنفسه، مايؤكد أنّه لم يذهب لمهندس الدولة إلا اضطرارا.
يتحدث في صفحة 147عن علاقة الورتلاني بماسينيون وعلاقة الصهيوني بالتبسي ويصفهما كأنهما إخوان لأنّه وبكل بساطة يتحصل الورتلاني على مصالحه ووثائقه بينما طلبات بن نبي تظلّ محل رفض. ويصف التبسي بالمنافق لأنه خالفه في طريقة التعامل مع بن جلول. ويعترف بن نبي أنّه لايستطيع أن يواجه التبسي علانية، وكان أب بن نبي يخالفه الرأي فيما يتعلّق بالعربي التبسي فيمتنع عن المواجهة العلنية احتراما وتقديرا للأب.
ويقول في صفحة 152 أنّه بدأ يهتم بزحف الصحراء منذ 1937 وخصص له فصلا في “شروط النهضة”. ويرى في صفحة 154 أن: بطلي البوليتيك هما فرحات وبن جلول. وفي صفحة 155 يتحدّث عن فضائح “العلماء” ونفاق “العلماء” ويتحدث كثيرا عن العربي التبسي. ويتحدث في صفحة 155 عن سبب الخصومة بينه وبين العربي التبسي حتىّ وصلت الى استغلال التبسي أوضاعه الداخلية في البيت للطعن فيه ظهريا وفي كل مناسبة تتاح له، ويعتبر أن الثقافة الازهرية والزيتونية من هذا القبيل.
156 وتحدّث بإعجاب عن حسن البنا وتكوينه غير الازهري والزيتوني. ويرى في صفحة 159 أن: السود يتخلون عن الأدغال وعقلية الأدغال حين يدخلون مرسيليا أما المسلمون فيحملون معهم كل طباع الأهالي. ويقر في صفحة 165 أنّه: لم تكن بينه وبين الورتلاني صلة مشتركة بين العقليتين. ويتحدث في صفحة 166 عن مبارك الميلي ويقول أنه “العالم” الوحيد الذي ترك لي انطباعا أنه صادق ويترحم عليه. وذكر في صفحة 166 أن جمعية الطلبة بالجزائر العاصمة ندّدت بكتاب “شروط النهضة” 1949سنة. وما يجب ذكره أن بن نبي يضع “الوطنيين” و”العلماء” بين شولتين، ويعتبر مؤتمر 1936 من المفاتيح الأساسية لفهم علاقته بالجمعية، ويكفي أنّه في صفحة 176 يصف العربي التبسي بـ”العالم المسلم” و”العالم” بين شولتين، ويصف زعماء الحركة الوطنية بـ “الأبطال” بين شولتين.
وأنشأ بن نبي “جمعية حماية الفتاة”، الجزائرية التي كانت تعمل لدى العائلات اليهودية وكلهن نساء عازبات ولم يتلق أية مساعدة أو تشجيع كما جاء في صفحة 181، ويتحدّث عن العربي التبسي: يهمه أن يبرز ويظهر ولا يهمه أي فعل خير كما جاء في صفحة 182.