السيمر / الاثنين 18 . 09 . 2017
وداد عبد الزهرة فاخر*
المقدمة :
اقترفت الحركة التحريرية الكردية اخطاءا جساما منذ تشكيل الدولة العراقية العام 1921 ، وليومنا هذا .. فقد مارست دور المغامر التابع طوال تاريخها المسجل ، فمن الخطأ القاتل الانصياع لأوامر من خارج الحركة التحررية الكردية لأطراف دولية ، والحرب الكونية الثانية مشتعلة اوارها ، برغبات من اطراف عشائرية وعوائل مستغلة لفقراء الشعب الكردي لا يمتون للفكر التقدمي بصلة تذكر للتحرك على شكل مغامرة وبدعم من ستالين لتشكيل الدولة الكردية.
واستغل بعض الأكراد في إيران هذه الفرصة وقام قاضي محمد مع مصطفى البارزاني بإعلان جمهورية مهاباد في 22 يناير 1946 ، ولكن الضغط الذي مارسه الشاه على الولايات المتحدة التي ضغطت بدورها على الاتحاد السوفيتي كان كفيلاً بانسحاب القوات السوفيتية من الأراضي الأيرانية وقامت الحكومة الإيرانية بإسقاط جمهورية مهاباد بعد 11 شهرا من إعلانها ، وتم إعدام قاضي محمد في 31 مارس 1947 في ساحة عامة في مدينة مهاباد وانسحب مصطفى البارزاني مع مجموعة من مقاتليه من المنطقة .
وقد وضح الباحث الكردي في المركز الكردي للدراسات في ألمانيا إبراهيم مصطفى كابان ” أن عدد الأكراد يتجاوز الأربعين مليوناً ويتوزعون بين تركيا وإيران والعراق وسوريا، وبأعداد قليلة في أرمينيا وروسيا وأذربيجان والجمهوريات الروسية المستقلة.
وقد أوضح أن الأكراد قاموا بثلاث محاولات لإقامة دولتهم المستقلة خلال عشرينيات القرن الماضي، فتأسست مملكة كردستان بشمال العراق، وجمهورية كردستان الحمراء بأذربيجان، وجمهورية آرارات بتركيا.
فيما قامت جمهورية مهاباد بشمال إيران عقب الحرب العالمية الثانية واستمرت 11 شهراً، وتأسست جمهورية لاجين في أذربيجان في التسعينيات.
ويصف كابان تلك الدول التي تهاوت سريعاً بأنها كانت تجارب مؤقتة للغاية، مضيفاً: “لو كانت تجارب حقيقية، لبقيت إلى الآن”.
وإلى جانب تلك الدول أقام الأكراد، وفق كابان، حكماً ذاتياً في العراق سنة 1975 أجهض بعد عام باتفاقية عراقية إيرانية برعاية جزائرية.
كما قادوا حركة مسلحة في العراق منذ 1920 إلى أن تحقق لهم حكم ذاتي وحماية جوية أمريكية سنة 1992 ثم فدرالية إقليم كردستان العراق رسمياً منذ 2003.” .
وهذا الاعتراف من باحث كردي يضعنا الان في صورة الحدث الحالي كون البعض من طالبي السلطة من الكرد لا زالوا يتأرجحون بين اليمين واليسار، حتى ولوج الدهليز العنصري مع اسوء حركة عنصرية هي الحركة الصهيونية التي طردت شعبا بأكمله وصادرت حقه في أرضه وارض أجداده هو الشعب الفلسطيني . فكيف لمن يدع الحق أن يقف بهذه الصورة العلنية مع حركة عنصرية دينية حاولت إلغاء اسم بلد وشعب برمته من خارطة العالم؟ .. بمعنى إنها تمارس نفس الفعل والتصرف مع مكونات تقع ضمن جغرافية تدعي هي إنها تعود إليها بوضع اليد وليس كما تدع إسرائيل كحق تاريخي ديني !! .
كذلك تحاول مملكة برزانستان حتى قبل نشؤوها أن تغمط حق العديد من المكونات التي تعيش في مناطق حددتها المادة 140 من الدستور العراقي، بأنها ” مناطق متنازع عليها ” ، كون هذه المكونات من عرب وكلدان وآشوريين وشبك وايزيديين مع القومية الثالثة عدديا في العراق هي القومية التركمانية لها خصوصياتها باللغة والتقاليد والعادات والوجود داخل وطن اسمه العراق .
الدور الاسرائيلي في المنطقة :
استطاعت الدولة الصهيونية التغلغل داخل النسيج العربي المهترئ بسبب حكام خونة وتابعين للولايات المتحدة الأمريكية ، بعد معاهدة الذل المصرية ” كامب ديفيد ” ، وبذلك حيدت أمريكا وتابعتها اسرائيل اكبر دولة عربية كانت تعلن عدائها العلني لإسرائيل .
أما الحديث عن العلاقة بين القادة الأكراد ” التاريخيين ” ، وبين الدويلة الصهيونية فهو حديث قديم يعود لزمن مصطفى بارزاني ، والدور الذي لعبته إسرائيل في الحروب العبثية الذي شوه الغرض الحقيقي من نضال وحراك حركة تحرر وطني هي ” الحركة التحررية الكردية ” .. ولكون كل ما كان يجري في الخفاء كشف الغطاء عنه في العلاقة بين قادة الحزب الكردي الرئيسي في العراق وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني وبين إسرائيل ، لذلك فالحديث عنه تكرار لمواضيع معروفة للجميع .
لذلك أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن” تأييده لاستقلال إقليم كردستان عن العراق والمقرر في 25 من أيلول المقبل “، في أقوى تأييد إسرائيلي لتقسيم العراق.
وشدد نتانياهو في تصريحاته على “تأييد إسرائيل ودعمها للشعب الكردي في تحقيق استقلاله وبناء دولته”.
وجاءت تصريحات نتنياهو بعد أيام من خطاب أدلى به نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، يائير غولان، في واشنطن، وأكد فيه دعمه لاستقلال كردستان، مشيراً إلى أن حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل تركيا “ليس إرهابياً”.
ولان الشعب الكردي ، وكأي شعب حي يفرز دائما قوى ثورية ، مشبعة بالفكر التقدمي ، فقد برزت حركات وأحزاب أصبحت المنافس الحقيقي لشيوخ عشائر واغوات اخذوا الشعب الكردي بعيدا نحو مصالحهم الشخصية ، فأصبحت هذه الحركات والأحزاب عدوا لدودا لبعض من تلكم الأحزاب وخاصة الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق ” الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني “. وأصبح الصراع الطبقي والاجتماعي على المكشوف بين القوى الكردية الوطنية الجديدة وبين ما يسمى بـ ” القيادات التاريخية ” ، او ما بين القديم والجديد من جيل الشباب .
الهلع الاسرائيلي بعد وصول طلائع حلفاء سوريا ايران وتشكيلات جموع المقاومين قرب الحدود السورية الاسرائيلية:
بدا الهلع الإسرائيلي مشروعا بعد وصول القوات السورية ، مدعومة بالطيران الروسي ، وزحف للقوات المقاومة الحليفة التي تضم القواتِ الإيرانية وحزب الله والحيدريون والفاطميون والزينبيون والقوات الشعبية السورية ، الى الحدود مع فلسطين المحتلة ، لذلك أصبح الصراع الآن مكشوفا وهو التقدم نحو هذه المناطق بوجود إيراني مكثف مع الحلفاء الآخرين . لذا وجدت اسرائيل نفسها وجها لوجه مع قوات ” معادية ” ، زاحفة بكل قوة وإصرار ، وكفاءة وخبرة اكتسبتها طوال سنوات الصراع مع الجماعات الإرهابية التي جيشتها مخابرات دول ، وزودتها بأموال وأسلحة وخطط حربية سقطت في امتحان الحرب مع سوريا وحلفائها المقاومين طوال سنوات خمس .
ونجحت ايران في تحقيق هدف إقامة جسر بري مستمر من إيران (عبر العراق وسوريا) إلى لبنان، ونجاح طهران جعلها “مغيرًا استراتيجيًا “. في الحرب على الارهاب في سوريا ودحر القادمين باموال العرب لاقامة ” الديمقراطية ” بمطالبات دول لا تملك حتى ابسط الأسس للديمقراطية في دولها ، لذلك استطاعت ايران تعزيز قدراتها اللوجستية وقدراتها المتوقعة في المنطقة، وطهرت الطريق من العاصمة الإيرانية إلى دمشق وساحل البحر المتوسط الذي يطمع الجميع به كونه سيكون مصب انابيب الغز في المستقبل .
لذلك توجهت اسرائيل وبسرعة لحليفها القديم الجديد وهم عائلة بارزاني لإثارة مسالة الاستفتاء حول إقامة الدولة الكردية في الوقت والزمان الغير مناسبين ، لكي تكون هي ومن خلال حليفها الكردي ، نصل السكين الذي يغرز بكل سهولة ويسر في خاصرة ايران العدو الرئيسي للكيان الصهيوني ، وتشكل خطرا مستقبليا عليه ، من خلال صنوف الحرب المختلفة إن كانت مباشرة أو غير مباشرة أي استخبارية، وعن طريق إثارة القلاقل وتشجيع النزعات القومية ، والاثنية ..لهذا كان الدعم الاسرائيلي الغير محدود والوحيد في شكله ونوعه عالميا للنزعات التسلطية لدى مسعود بارزاني لإقامة دولته القومية العشائرية التي سيهيمن من خلالها هو وأبناءه وأبناء إخوته وعائلته على الشعب الكردي وخيراته .
الدور السعودي في دفع مسعود بارزاني للمطالبة بعملية الاستفتاء :
بدا التحرك السعودي نحو التدخل في الشأن العراقي ، وتجهيز الأجواء للوجود الإرهابي من خلال تنظيم داعش في وقت متقدم جدا مما سمي حينها بـ ” الربيع العربي ” ، الذي قاده العميل الاسرائيلي هنري برنارد ليفي .
فقد زار اربيل العام 2012 ، سمير جعجع لا غير قائد “القوات اللبنانية” ، وهي ميليشيا لبنانية، ذو تاريخ عريق في العمالة لاسرائيل، وأحد مجرمي الحرب الأهلية اللبنانية، والمسؤول عن مجزرتي اهدن وتفجير كنيسة سيدة النجاة في بيروت ، ومن قبله زار أمين الجميل الرئيس اللبناني الأسبق ووليد جنبلاط اربيل أيضا” .
وقد حامت الشبهات حول سمير جعجع وقواته اللبنانية في ارتكاب جريمة كنيسة سيدة النجاة في بغداد في أواخر عام 2010 ، وجاءت زيارته لاربيل في نفس تاريخ الجريمة (12 كانون الثاني 2012) ، في محاولة للايحاء لمسيحيي العراق بان جعجع عراب المسيحيين وراعيهم في المنطقة .
لذا لا نستطيع فصل تلكم الزيارة المشبوهة ومن قبلها زيارات آخرين كما ذكرنا يصنفون كعرب في الحسابات القومية ، لمنطقة قومية كردية ، والاغراض من تلكم الزيارات!!. مؤكدين الفصل الكبير في الأهداف والمقاصد بين الحركة التحريرية الوطنية الكردية والشخوص المشبوهة ذات العلاقة الوطيدة بين النظامين السعودي والإسرائيلي .
لذا تعتبر الزيارات الانفة الذكر بداية للتحضير لتوسع وتضخم الارهاب من خلال احتلال داعش للمدن في شمال وشمال غرب العراق وغربه .
وأكدت ظنوننا صحيفة الحياة اللندنية التي نشرت ما يلي:
“وعن رأيه بمطلب إقامة محافظة للمسيحيين في محافظة نينوى، ذكر جعجع بأنه يتابع المشروع منذ ثلاث سنوات «وهو يواجه صعوبات كبيرة، ولكن هناك أملاً بتحقيقه، وأعدكم من خلال علاقاتنا واتصالاتنا هنا بأن نساعدكم في ذلك على رغم انشغالنا بالوضع اللبناني والأوضاع في سورية، وأعتقد أنه في السنة أو السنتين المقبلتين ستختلف الأوضاع وبالتالي سنستطيع تقديم مساعدة أكبر، وعليكم الاستمرار والاستمرار في المطالبة لحين الوصول إلى الهدف وحذار من اليأس».
وحتى نستطيع ربط الوقائع ببعضها فقد ، قالت مصادر صحفية حينها : ” إن رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني استقبل فيما بعد برهان غليون والوفد المرافق له . وقد طلب هذا الأخير “ممارسة الضغط على الأحزاب الكردية السورية من أجل الانضمام إلى مجلس اسطنبول”. وبرهان غليون لا يحتاج لاي شرح او توصيف ودوره في الحرب على سوريا . وهو مفكر فرنسي سوري مثله مثل صنوه المفكر الصهيوني برنارد هنري ليفي، وكان رئيس المجلس الوطني السوري السابق الذي تشكل وتأسس في العاصمة التركية أنقرة .
وكل هذه الاطراف مجتمعة تعمل ضمن التشكيلات التي شكلتها مخابرات دول ومشيخات الخليج ، كالسعودية وقطر والامارت ، وبدعم لوجستي تركي امريكي .
يتبع الجزء الثاني ….
• شروكي من حملة مكعب الشين وبقايا القرامطة وثورة الزنج
www.saymar.org
alsaymarnews@gmail.com