السيمر / الاثنين 16 . 10 . 2017
رسل جمال
لا يهم ان تبني قلعة او حتى كوخ، اﻷهم هو صلابة ما تبني وتعمر، والاكثر اهمية هو مقاومته لكل العوامل المحيطة به، وان يبقى البناء صامد اطول فترة ممكنة، كثيرآ ما استوقفنا تلك اﻷهرامات التي لم تقهرها السنون والقرون، وهي تناطح السماء بشموخ، كأنها تلقي علينا جملة تسؤلات وهي مبتسمة، كيف يمكن لصنع البشر ان يبقى خالد هكذا؟
ان الامر ليس صدفة ولا ضربة حظ، بل هي قياسات هندسية دقيقة، محسوبة بصرامة، وقوانين غير قابلة للخطأ، هي مااستند عليها مهندسوا تلك العجائب، وهذا سر بقائها بهذه العظمة حتى يومنا هذا.
اي ان التخطيط ودقة التصميم، كان له الاثر الاكبر، بفخر تلك الاقوام على ماعداهم، بتلك العجائب، ولان البناء العظيم لايقوم الا على اساس اعظم، كذلك الجبل الشاهق لا يستقر، مالم يكن هناك وتد له في الارض راسخ بمقدار علوه وربما اكثر!
كذلك المجتمع الانساني، لايقوم ولا يرتقي مالم يكن له هناك ركيزة بناء أولية، تقوم عليها التراكمات الانسانية والمعرفية الاخرى، اﻻ وهي النشأ الجديد او الجيل الصاعد، وقد تنبهت لتلك النقطة الخطيرة دول العالم، ومنها المانيا عندما خرجت مهزومة، ومنهارة البنى بعد الحرب العالمية الثانية، وصارت كومة ركام كبيرة!
الا ان العالم لم يقف عند هذه النقطة لدى الالمان، فاعادوا ترتيب اولوياتهم، وسارعوا بالنهوض من جديد، فوجهوا جهودهم نحو اﻷم الحامل والطفل الرضيع، اي اللبنه الاولى لبناء المجتمع، فأعتنوا بتلك الشريحه اعتناء بالغ، من الناحية الغذائية، والصحية، والتعليمية، مما خلق بعد مدة من الزمن جيل جديد، قوي، متعافى من الامراض، اخذ على عاتقة بناء المانيا الحديثة، فأصبحت الماكنة الالمانية مضربآ للامثال من حيث المتانه، والقوة والفخر بالحقيقة لليد وللعقل الالماني التي اوجدها!
مااود الوصول اليه هو ان طفل ” غرس” غاية بالاهمية، ومستقبل أمه بأكملها، اما حال ابنائنا اليوم فلا يبشر بالخير مستقبلا، فكيف ﻷمة تريد ان تسابق الامم، وابنائها مرضى، يشكون اﻷلم، وقد انهكهم الاهمال و حرموا ابسط حقوقهم؟
ونحن نرى اطفالنا قد افترسهم المرض الخبيث، وسرق منهم حتى الابتسامه، اما الجهات المختصة، فلم تشعر الرأي العام بانها مهتمة بالامر، وكان الامر شأن خارج اختصاصها، واصابها الصمم عن المناشدات، وصرخات الناشطين ورسائل اهالي ذوي الاطفال المرضى، ﻻنقاذ ابنائهم.
اما الجانب الاخر، فهو لا يقل تشاؤم، عندما نرى طلاب المدارس وقد افترشوا اﻷرض، وهم يستقبلون عامهم الدراسي الجديد بمنظر يدمي القلب.
ان الصحة من جهة، والتعليم من جهة اخرى واللذان يمثلان عماد بناء الاجيال، بحاجة الى جرعة زائدة من الاهتمام الحكومي، والا فالقادم من الايام لا يحمد عقباه!