السيمر / الأربعاء 18 . 10 . 2017
اياد السماوي
الحديث الذي ادلى به فاضل ميراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني لقناة الحرّة الفضائية بأنّه عراقي ويعتّز بعراقيته وأنّ أربيل مثل السماوة والناصرية , ذكرّني بحديث زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان حين أفاق في الطائرة التي أقلّته إلى تركيا ليجد نفسه وجهل لوجه أمام رجال الكوماندوز التركي حيث قال ( أنا أمي تركية وأريد أن أخدم تركيا ) , وكأن التاريخ يعيد نفسه , وهذا الميراني الذي أصبح يعتّز بعراقيته بين ليلة وضحاها بعد سيطرة القوات الأمنية العراقية والحشد الشعبي على محافظة كركوك بالكامل وكافة المناطق الأخرى في محافظات ديالى ونينوى , يريد أن يظهر للرأي العام إنّ ما حدث في كركوك ونينوى وديالى إنّما هو اتفاق قديم بين البيشمركة ورئاسة أركان الجيش العراقي يعود إلى اجتماع 27 / 9 / 2016 , حيث تمّ في هذا الاجتماع الاتفاق على رسم خط التماس الذي سبق عمليات تحرير الموصل في 17 / 10 / 2016 , وهو الخط الذي سيطرت عليه قوّات البيشمركة قبل بدء معركة تحرير الموصل , وأنّ ما جرى هو أنّ القوّات العراقية أعادت انتشارها بهذه المناطق , وهو نفس الكلام المخادع الذي أطلقه المهزوم مسعود بارزاني في خطابه إلى الشعب الكردي يوم أمس , وكأنّه لا زال في وضع يسمح له أن يفرض ويشترط ويحددّ الحدود وخطوط التماس , وخطاب المهزوم مسعود لا يختلف عن خطابات المقبور صدّام عندما كان يتلّقى الهزائم تلو الهزائم , فالأثنين من طينة واحدة وكلاهما جبان ومتمّسك بالكرسي ولا يحمل ذرّة خجل أو حياء , ولو كان مسعود يحمل ذرّة من الكرامة لاستقال من منصبه فورا بعد الذي جرى في كركوك ونينوى وديالى , وأن يجنّب الشعب العراقي عربا وأكرادا وقوميات أخرى المزيد من المشاكل التي تسبب بها بعلاقته مع الحكومة الاتحادية , ويترك الخيرين من أبناء الشعب الكردي تصحيح المسار وإعادة العلاقات الطيبة والأخوية بين الشعب الكردي وباقي أبناء الشعب العراقي , هذه العلاقة التي تعرّضت إلى هزّات عنيفة بسبب مسعود وعصابته الخارجة على القانون .
إنّ حدود إقليم كردستان التي رسمها مجلس الأمن الدولي والمتمّثلة بالخط الأزرق الذي وافق عليه الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وحكومات تركيا والعراق وقبل به الأكراد عام 1991 , هو نفسه حدود إقليم كردستان التي أقرّها قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية والدستور العراقي بعد ذلك , فليس هنالك حدود فاصلة بين الإقليم والمركز معترف بها إقليميا ودوليا غير الخط الأزرق , وهذه الحدود لا علاقة لها بما يسمّى بالمناطق المتنازع عليها , فالنزاع على هذه المناطق ليس نزاعا على هويتها العراقية ولا يعني ضمّها إلى حدود الإقليم , خصوصا أنّ الدستور قد حرّم على بغداد وكركوك الانضمام لأي إقليم , وإذا كان هنالك تفاهم قد جرى بين القادة العسكريين قبل البدء بعمليات تحرير الموصل , فهذا التفاهم هو للتنسيق بين البيشمركة والقوات الأمنية العراقية والتحضير لمعركة الموصل , وليس حدودا جديدة للإقليم ليطالب بها المهزوم مسعود كخطوط جديدة للتماس بين القوّات الأمنية وقوّات البيشمركة , وحتى الخط الأزرق الذي هو الحدود الرسمية لإقليم كردستان بموجب الدستور العراقي , لا يمنع من تواجد أي قوّات للجيش العراقي داخل كردستان وفق لما تتطلبه ضرورات الأمن والدفاع عن حدود العراق الدولية , وعلى مسعود وعصابته أن يفهموا أنّ عقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء , وأنّ الواقع الجديد الذي تحقق بعد السادس عشر من أكتوبر 2017 , هو الواقع الذي سيحكم العلاقة الجديدة بين بغداد وأربيل , وعليه أن يفهم أنّ عصر الدولة داخل الدولة قد انتهى , وبدأ عصر الدولة الواحدة الموّحدة , دولة العراقيين جميعا تحت راية العلم العراقي والدستور العراقي .