السيمر / الاثنين 06 . 11 . 2017
وسام ابو كلل
الملايين من الشيعة تبدأ، المسير نحو كربلاء، إستوقفتني هذه العبارة وأنا أستمع إلى نشرة الأخبار، وتواردت التساؤلات إلى فكري، لماذا المسير، وكم هي مساحة هذه المدينة لتستوعب هذه الأعداد، أين سينامون، وماذا سيأكلون، وما الجدوى من السير على الأقدام، وبمن سيلتقون هناك، وهل يستحق هذا الشخص أن تسير إليه كل هذه الجموع، ولماذا من كل دول العالم، كنت أكلم نفسي وأنظر الى تمثال بوذا الصغير، وأقول هل هو إله مثلك، وفجأة خطرت لي فكرة.
الملايين من الشيعة تسير نحو كربلاء، سأكون معهم لأعرف ما يدور، لملمت حقيبتي، واخذت كامرتي لأوثق رحلتي، وطبعا لم انسى بوذا، فهو من سيحميني في رحلتي هذه، استأجرت سيارة أجرة، وإنطلقت إلى المطار، في الطريق لاحظ السائق أني أحمل جواز السفر بيدي، فسألني: الى أين تسافر، قلت: الى كربلاء، اريد أن أعرف لماذا يسير الناس بهذه القوة، قال: ولم الحقيبة، أنت لن تحتاج شيء هناك، قلت: كيف ذلك لقد اخذت كل احتياجاتي، حتى بوذا معي، إبتسم السائق وقال: يبدو أنك لن تراه مجددا.
الملايين السائرة، هي ما كان يشغلني فلم أرد على السائق عن سبب عدم رؤيتي لبوذا، اقلعت الطائرة وبعد فترة هبطت بالمطار، وخرجت الى الشارع وأنا لا أفهم شيئا، أوقفت سيارة أجرة وحاولت إفهامه إني إريد الذهاب الى كربلاء، ويبدو أنه فهم فانزلني قرب سرادق، وتكلم مع الموجودين وتركني وإنصرف دون أن يأخذ الاجرة، إستقبلني مجموعة من الشباب واجلسوني وقدموا لي طعاما، وبالغوا بالتقديم، طعام، ماء، عصائر، فاكهة، حلويات، شاي، وبدد حيرتي شاب خاطبني بالانكليزية، هل أنت ذاهب الى كربلاء، قلت نعم قال: ساكون رفيقك في الطريق.
الملايين تسير الى كربلاء، هل هذا صحيح؟ خاطبت رفيق سفري، فاجاب نعم، وسترى، كنا نسير وسط نهر من البشر، والسرادقات مصطفة على طول الطريق، وفيها ما لذ وطاب، قلت: لماذا لا يأخذون ثمن الطعام، قال: هؤلاء خدام زوار الحسين، قلت: وهل الحسين غني لهذه الدرجة، قال: اكثر مما تتصور، ولكن هل انت مسلم، قلت: لا، بوذي ولكني أريد أن اعرف الحسين، قال: اذن سنسير معهم ولكني اطلب أن تنظر بقلبك وعقلك، وتضع تعصبك جانبا، فقلت: موافق.
الملايين تسير، نعم إنها ملايين، وقد توفر لها كل الخدمات، والسائرون مختلفة اعمارهم واجناسهم وبلدانهم، بل حتى اديانهم، في كل سرادق نستريح كنت اسمع قصة مختلفة عن الحسين وتضحيته لاجل انقاذ البشرية، كلما كنا نقترب ازداد عشقا لهذا الرجل الأسطورة، وكيف ضحى بكل شيء لأجل المبدأ، وعندما وقعت عيني على قبته، شعرت بشعور غريب ينتابني، وانهملت دموعي، وناديت مع السائرين: لبيك يا حسين، زرته وطفت بضريحه وعدت الى بلدي ولكن بدون تمثال بوذا.