الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / بعدما كان الحب من المحرمات.. كيف أصبحت المواعدة والجنس في السعودية؟

بعدما كان الحب من المحرمات.. كيف أصبحت المواعدة والجنس في السعودية؟

السيمر / الثلاثاء 26 . 12 . 2017 — قالت الكاتبة إف. برينلي بروتون في تقرير أعدته لموقع شبكة «إن بي سي» الإخبارية الأمريكية إن قصص الحب شيء غير مألوف في المملكة العربية السعودية، ولكن مع تغير الأحوال مؤخرًا، بدأت مشاهد المواعدة والزواج، بدون تدخل الأهل، تظهر في المملكة المحافظة.
وتشير بروتون إلى أنه في الأصل لا يُسمح بالاختلاط في المطاعم، ولكن مؤخرًا بدأت بعض الأماكن العامة تشهد ظهور شباب وشابات سويًا. يقول وليد – مهندس شاب يبلغ من العمر 27 عامًا – تعليقًا على ذلك: «قبل عامين ما كنا لنجرؤ على الجلوس معًا. أما الآن فقد تغير الحال في السعودية».
لم يستطع وليد مقابلة «خليلته» وجهًا لوجه إلا في مصر، قبل ذلك اقتصرت «قصة حبهما» على مواقع التواصل الاجتماعي. ففي المملكة، يهيمن تفسير صارم للإسلام يحرم الاختلاط بين غير المحارم، وهو ما تصدى له أخيرًا الأمير محمد بن سلمان تعهدًا بالتخلي عن التشدد – بحسب التقرير.
يضيف وليد: «الحب هنا من المحرمات». ولأن الحديث في الجنس والعلاقات الرومانسية موضوعات شائكة في السعودية، تحدثت بروتون مع من قابلتهم بشرط إخفاء هوياتهم.

الخليل الأمريكي
تقول بروتون: «إن الزيجات ما زالت تُعقد في المملكة عبر الأقارب، حيث لا يلتقي الزوجان قبل الخطوبة. وعلى الرغم من التغير الملحوظ على العادات في السعودية، فما يزال من الصعب رؤية الاختلاط بين الجنسين، بل إن البعض يغض البصر عن غير المحارم. كما يجري الفصل بين الرجال والنساء في المنشآت التعليمية وأماكن العمل».
«المشكلة هي أن الجميع منخرط فيه، ومع ذلك يعتبر الحديث فيه من المحرمات» تقول لولوا – منتجة أفلام شابة تضع طلاء شفاه برّاق وتترك الحجاب يسقط عن شعرها كلما أمكن – تعليقًا على فكرة الجنس. تهاجم لولوا ما أسمته العنصرية الجنسية في بلادها التي قصرت دور النساء على الإنجاب، وهذه الفكرة سائدة حتى لدى الليبراليين الذين يشربون الكحوليات ويحضرون حفلات مختلطة.
تؤكد بروتون أن لولوا لا تعتزم البحث عن شريك في بلادها، فلديها حبيب أمريكي تعرفت عليه خلال دراستها في الخارج، لكنها تقول إنها لن تقدمه إلى عائلتها قط. لكن علاقتها به تصطدم بكونه مسيحيًا.

زجوا بي في السجن
إن إقامة العلاقة والحفاظ عليها يمثل تحديًا حتى بالنسبة إلى أبناء البلد – تضيف بروتون. بحثت فضيلة – شابة تبلغ من العمر 29 عامًا – عن الحب في جميع الأماكن الخاطئة منذ أن كانت في سن المراهقة. في صباها، جذبت ابتسامتها الخلابة الصبية، فكانوا يطلبون رقم هاتفها. فكانت في كثير من الأحيان تعطيهم رقمًا خاطئًا لمنع القيل والقال. ولكن في أحد الأيام تعقبها فتى وترك رسالة على سيارة أخيها. «أنا أعرف أختك، إنها تفعل أشياء سيئة».
عندما كانت فضيلة في السابعة عشر من عمرها، وقعت في حب أحد أفراد العائلة المالكة في البلاد. تقول: «اعتقدت أنه المنشود». كان الاثنان يلتقيان في سيارته. لكن الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) كانت تراقبهما.
فاعتقلوا فضيلة، دون الأمير. وتقول إنه تبين فيما بعد أنه كان يقيم علاقات مع عدد من النساء ويشرب الخمر.
تمكنت عائلتها من إخراجها من السجن لاحقًا – تنوه بروتون – وتكتموا على الأمر حفاظًا على سمعة الفتاة والعائلة. تعتبر فضيلة محظوظة، فثمة نساء أخريات دُمرت حياتهن ونُبذت عائلاتهن بسبب ما يعتبر فضائح وخروجًا عن العادات الاجتماعية الصارمة.
لكن سلطة الشرطة الدينية انحسرت بشدة في السنوات الأخيرة. وباتت الحكومة تؤمن بقدرات النساء، فزادت معدلات توظيفهن، وبات الاختلاط بين الجنسين في أماكن الدراسة والعمل مقبولًا إلى حد كبير؛ مما قد يسمح بعلاقات رومانسية – حسبما ترى بروتون. ودُعم هذا التوجه بعد تعهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتبني الإسلام المعتدل ونبذ التطرف.
جربت فضيلة تطبيق تيندر للتعارف، ولكن الأمر لم ينجح، لكنها استسلمت أخيرًا، وقررت أن تفعل ما لا يمكن تصوره. تركت شقيقها الأكبر يجد لها زوجًا. تقول: «أريد أن أستقر، وأن أركز على وظيفتي، وأن أعود إلى بيتي وأجد شخصًا هناك. أريد فقط أن يكون لي أسرة».
اختار شقيقها عريسًا مرشحًا، وتجمع الآباء والأخوة في منزل فضيلة، وحينها التقت به لأول مرة، وقيمت خطيبها المستقبلي. وأخيرًا، التقت الأمهات معًا لشرب الشاي والتعرف على بعضهن البعض.
وبعد لقاءين فقط – تشير بورتون – أقامت فضيلة حفل خطوبة رسمي وقّع فيه الزوجان عقدًا ينص على أنه لن يجبرها على العيش مع أهله، أو يمنعها من العمل خارج المنزل. الآن يلتقي الزوجان علنًا، بل سافرا إلى الخارج معًا. يعتبر خطيبها مثاليًا من الناحية النظرية؛ فهو متخصص في تكنولوجيا المعلومات، ووسيم، ومنفتح ومحترم، لكنها لم تقبل به عن حب. تقول فضيلة: «لا أكن مشاعر له. بعض الناس يقولون إن الحب يأتي بعد الاحترام، لكنني لا أعرف».

قيود العادات والتقاليد
يضحك عمر – وهو مهندس متعلم في الولايات المتحدة – وهو يتناول البطاطس المقلية والقهوة وعصير الأناناس في أحد المطاعم الراقية في الرياض. الأضواء هنا قاتمة، مما يجعل من الصعب تبين ملامح أي أحد، لكن يبدو أن حفنة من الأزواج على الطاولات المجاورة في مواعدات.
يبلغ عمر 26 عامًا، ولا يجد حرجًا في الكلام حول الجنس، وهو موضوع يثار في أي نقاش حول علاقة الرجل بالمرأة. وقال عمر: «المسألة تحكمها العادات والأخلاق، حيث ينظر الكثير من السعوديين إلى النساء وسلوكهن على أنه خطر على الشرف القبلي».
وهذا يؤثر على الطريقة التي يتصرفن بها، لاسيما في ذلك عندما يتعلق الأمر بالجنس. وبما أن النساء السعوديات يتوقع منهن أن يكن عذراوات عندما يتزوجن، فإن العديد منهن يخترن عدم ممارسة الجماع المهبلي، بل ينخرطن في أنواع أخرى من الجنس عند المواعدة.
وبينما يتمتع بخبرة فيما يخص النساء أكثر من أقرانه السعوديين غير المتزوجين، بسبب عيشه في الولايات المتحدة، يقول عمر: «إن المواعدة صعبة وموضوع ثابت للمحادثات بين أقرانه». وقد حاول بعض أصدقائه ربطه مع عدد من النساء، لكن الأمر لم ينجح.
ويقول: إن إحدى المشاكل التي تواجه أشخاصًا مثله هي أنه لا يوجد «أي مكان يصلح للتواصل الاجتماعي»، لذا لا يستطيع الناس أن يلتقوا بسهولة، وتتم معظم العلاقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. «أحلم برفيقة، ولكن لا أريد علاقة على الشاشة»، كما يقول.
ويقول عمر إنه استقر على عدم الزواج أبدًا، وهو أمر نادر للغاية بين السعوديين. وفي حين أنه يعترف أنه من الجميل العثور على الشخص المناسب، فإنه يفسر مشاعره بهذه الطريقة «تناول الطعام أمر ضروري، ولكن تقاسم وجبة هو الأفضل»

المصدر: ساسة بوست
وان نيوز

اترك تعليقاً